وصل عدد النسخ الدستورية التي عرضها المستشار الملكي محمد المعتصم، رئيس الآلية السياسية للمتابعة والتشاور حول مراجعة الدستور، على زعماء الأحزاب الكبرى، في لقاءات خاصة، إلى 10 نسخ قبل الوصول إلى النسخة النهائية التي مازالت بدورها لم تحظ بموافقة بعض الأحزاب، ضمنها الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والعدالة والتنمية. وقال مصدر مطلع إن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عارض بشكل مطلق بعض التعديلات المرتبطة بالهوية العربية والإسلامية. وقال بنكيران للمعتصم، في لقاء انفرادي ضمن عدة لقاءات جمعت الطرفين: «إن المغرب لا يمكن أن يبيع كرامته في قضية الهوية بالخبز»، في إشارة إلى تعديلات تحدثت عن وجود «محاصصة» (كوطا) في الهوية المغربية عبر إدخال «الرافد العبري» فيها وحرية المعتقد خلافا لما هو معمولا به في دستور 96 الحالي الذي يتحدث عن كون ممارسة الشعائر الدينية مكفولة، وهو ما جعل البعض يتخوف من أن يؤدي الدستور الجديد إلى فتح المجال أمام عدم تجريم تغيير الديانة الإسلامية والإفطار العلني في نهار رمضان وتعدد المذاهب الفقهية بدل وحدة المذهب المالكي المعتمد في المغرب. وكشف مصدرنا كيف أنه وقع ارتباك وسط زعماء هذه الأحزاب بعد تعدد النسخ الدستورية وتعديلها لعشر مرات متتالية، إذ لم يعودوا يعرفون في لقاءاتهم مع المعتصم عن أي نسخة يتحدثون. أكثر من هذا، فقد كشف مصدرنا أن الدستور الجديد تضمن تعديلات أخرى تحدثت عن كون المغرب لم يعد دولة إسلامية وإنما بلدا مسلما وأن علاقته بالعالم العربي والإسلامي علاقة تضامن بعد أن كان جزءا منه، وهو الأمر الذي جعل قيادة العدالة والتنمية تحذر من المضي بالمغرب نحو دولة «مفصولة» عن عمقها العربي والإسلامي، خاصة بعد أن أشارت مقتضيات دستورية في المشروع المرتقب إلى أن المغرب بلد ينتمي إلى المغرب الكبير بدل المغرب العربي الكبير. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل أشار مصدرنا إلى أن الدستور المرتقب تحدث عن مجلس اللغات وتعزيز اللغات الأجنبية دون أن يحيط اللغة العربية بمقتضيات دستورية لحمايتها، وهو الأمر الذي ساد معه تخوف من أن تفتح هذه التعديلات المجال أمام هيمنة اللغة الفرنسية. إلى ذلك، هدد عبد الإله بنكيران، في مهرجان خطابي بتمارة نظمته شبيبة الحزب يوم الجمعة المنصرم، بالتصويت ضد الدستور الجديد، وقال في هذا السياق: «إذا استمر التلاعب، سنكون مضطرين إلى التصويت ضد الدستور الجديد». وناشد عبد الإله بنكيران، في هذا المهرجان، الملك محمد السادس بعدم تبني الدستور الجديد قبل مراجعته، وقال في هذا السياق: «أناشد جلالة الملك بمراجعة عمل لجنة المنوني وتمكين الأحزاب من نص الوثيقة الدستورية قبل أن يتبناها»، مضيفا أن حزبه يطالب بإدخال التصحيحات اللازمة على نص الدستور المرتقب حماية لما أسماه «الحصانة الدينية». ومن جهة أخرى، علمت «المساء» من مصدر مطلع بأن قيادتي العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح برمجتا أشكالا احتجاجية لمواجهة الدستور الجديد إذا لم تتم مراجعة هذه الوثيقة النهائية قبل اعتمادها في الاستفتاء المنتظر.