تبقى قصة اختطاف واحتجاز سائحة بلجيكية بمدينة الخميسات من بين القضايا الشائكة التي لم تجد لها المصالح الأمنية أي تفسير، خاصة أن الاختطاف جاء في ظرفية حساسة وفي ظروف غامضة، أدخلت الأبحاث والتحريات، التي تم تكثيفها لحظتها، في متاهات ومجموعة من الفرضيات، من أجل حل هذه القضية التي تجندت لها المصالح الأمنية بجميع وسائلها، اعتمادا على المخبرين التابعين لها وعلى أفراد الأسرة التي حلت عند السائحة والذين تفاجؤوا بما وقع لضيفتهم الأجنبية، التي اختطفت في واضحة النهار وأمام الملأ من طرف شاب، تم تحديد هويته بعد مجموعة من التحريات وبعد مضي خمسة أيام على عملية الاختطاف والاحتجاز، التي خلفت مجموعة من ردود الأفعال المستنكرة لمثل هذه التصرفات التي تضرب في العمق قيم المغاربة وحبهم للآخر وللأجنبي كيفما كانت جنسيته وديانته. وانتهت قضية اختفاء السائحة البلجيكية (كامبيي كرين) البالغة من العمر 41 سنة، بعد أن تمكنت عناصر الشرطة القضائية من إلقاء القبض على المسمى (م. م) من مواليد 1972 بمدينة أكادير، أعزب ويعمل مياوما وليست له سوابق عدلية وتم تقديمه إلى محكمة الاستئناف بالرباط بتهمة الاحتجاز والاغتصاب. تعود أطوار قضية اختفاء السائحة البلجيكية كامبيي كرين، إلى ليلة 19 يونيو، عندما كانت رفقة المسماة (س. ع) زوجة طليقها الذي يعمل بأرض المهجر والذي لها منه أربعة أبناء، تكلفت بهم (س.ع) أمام عدم استطاعة السائحة البلجيكية القيام بذلك، نظرا إلى كونها مدمنة على تناول الكحول والتدخين وخوفا من ضياع الأبناء بحكم القانون البلجيكي الذي منعها من تربيتهم. وأثناء وجودهما بساحة الحسن الأول، التي تعتبر متنفسا لقاطنة مدينة الخميسات، والتي تحج إليها كل مساء للترويح عن النفس وتتبع حفلات غنائية تقام بها، اختفت كامبيي كرين في ظروف غامضة شكلت لغزا بالنسبة إلى العائلة، التي تقدمت إلى مصالح الأمن الوطني بالمدينة لتخبر بالواقعة في شأن المختفية التي اعتادت مرافقتها إلى الساحة الحسن الأول كل مساء منذ حلولها بأرض الوطن بتاريخ 6 فبراير، ودون أن تدلي بأدنى معلومة بخصوص الوجهة التي قصدتها ومع من أو ماذا حل بها. نشر برقية بحث تفاجأت العناصر الأمنية بالشكاية التي توصلت بها، وعقدت اجتماعا موسعا لحل القضية، بعدما تناسلت الأخبار في الأوساط المحلية الزمورية، عن كون سائحة أجنبية تعرضت للاختطاف والقتل وما إلى ذلك من إشاعات. وهو ما حذا كبداية لفتح التحقيق بكل سرية وبدون إثارة الانتباه، بالشرطة القضائية إلى نشر برقية بحث لفائدة العائلة على الصعيد الوطني، بعدها بوشرت تحريات مستفيضة وبشكل مسترسل. حيث اتضح أن السائحة البلجيكية ورغم طلاقها، اعتادت على زيارة أبنائها من حين لآخر، كما هو الشأن في المرة الأخيرة. حيث حضرت رفقة طليقها في ظروف عادية، وسافر هذا الأخير وتركها رفقة زوجته المغربية الجنسية بمسكنها بحي السلام، وكانتا تخرجان كل مساء إلى ساحة الحسن الأول وأن علاقتهما جد طيبة. ويوم الحادثة، ابتعدت (كرين) قليلا عنها من أجل التدخين، إلا أنها اختفت دون أن تأخذ معها مالا أو وثائق تثبت هويتها. زد على ذلك أن تصرفاتها متدبدبة بعض الشيء وأن لها مزاج أوربي وتتحدث مع كل من طلب منها ذلك وأنها مدمنة فعلا على تناول الكحول، وسبق لها أن خضعت لعلاجات بمؤسسات استشفائية ببلدها بلجيكا من أجل ذلك، حسب ما صرح به طليقها الذي حضر من الديار البلجيكية بعد إخباره باختفائها. بائع متجول يدلي بأوصاف المختطف لم تجد عناصر الشرطة القضائية، بعد المعلومات التي توصلت بها من طرف طليقها المغربي عن طريقة تفكيرها وتصرفاتها العادية، سوى تجنيد ثلاث فرق على مستوى المدينة. حيث واصلت البحث بالوسائل المتاحة والتي مكنت من الاستماع إلى المسمى (ي.ب)، هذا الأخير بحكم تواجده باستمرار بساحة الحسن الأول كبائع متجول، أفاد بدقة بأوصاف الشخص الذي شاهده يرافق المعنية من جنبات الحفل المقام بالساحة في اتجاه وسط المدينة مساء الحادث. الأوصاف والمعلومات التي تم جمعها أدت إلى تحديد هوية الشاب، الذي تم إيقافه بحي السلام وهو في طريقه إلى سكن طليق المختفية لإخباره بتواجدها معه. وبكل تلقائية، اعترف بوجودها بمنزله بحي الرياض. وثبت ذلك أثناء الانتقال الذي تم في حينه، حيث وجدت المعنية بالأمر داخل غرفة بمفردها وعلامات الاضطراب بادية على محياها، بعد أن فتح الشاب الباب بمفتاح كان بحوزته وأجريت معاينة دقيقة للمنزل. خمسة أيام من ممارسة الجنس بعد أن تنفست المصالح الأمنية الصعداء إثر العثور على السائحة الأجنبية حية ترزق بعد التحريات المكثفة، أوضحت السائحة الأجنبية (كرين) في إفاداتها الأولية، أنها رافقت المسمى (م. م) إلى سكنه طواعية، بعدما كان يطاردها بنظرات الإعجاب دائما عند تواجدها بالساحة المذكورة. موضحة في محضر قانوني أنه مارس عليها الجنس بالقوة أربع مرات في اليوم ومنعها من مغادرة المنزل خمسة أيام. حيث طرح عليها فكرة الزواج من أجل تحقيق رغبته في العبور إلى الضفة الأخرى. ورافقها خلال مدة اختطافها إلى منزل إحدى أخواته، بغرض كسب حبها وتعاطفها معه، إذ تعاملت معها أخته بكل طيبوبة وكرم دون علمها بما قام به أخوها الذي كان يفكر في الهجرة إلى الديار الأجنبية دون التفكير في ما قام به. إلا أن الأجنبية تفاجأت بممارسته الجنس عليها قهرا وبمنعها من الذهاب، وهو الأمر الذي لم تتقبله إطلاقا، خاصة أنها متعودة على العيش بكل حرية وبدون قيود في مجتمعها الأوربي ولم يسبق لها أن عاشت مثل هذه القصة التي اعتبرتها غريبة وجميلة في نفس الوقت. قضية احتجاز السائحة البلجيكية، خلقت ضجة كبيرة في الأوساط المحلية والإقليمية والوطنية حينها، وكادت تتحول إلى مأساة حقيقية لولا الألطاف الربانية وحسن نية الشاب الحالم بالهجرة مهما كانت العواقب والتي رمت به خلف قضبان السجن.