توقف كتاب أعمدة النميمة في الصحف الأمريكية الكبرى وأصحاب البرامج الترفيهية في شبكات التلفزيون داخل الولاياتالمتحدة كثيرا عند القبلة «الحارة» التي طبعها المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة باراك أوباما على شفاه «جيل بايدن» زوجة جو بايدن نائبه على تذكرة السباق نحو البيت الأبيض. سبب التوقف هذا كان الصور العديدة التي تم نشرها على مواقع الإنترنت وفيها يظهر أوباما وهو يطبع قبلة «غير بريئة» على شفاه جيل التي كانت تقف إلى جوار زوجها جو بايدن، مباشرة بعد إلقائه خطاب قبول ترشيح الحزب الديمقراطي له كنائب للرئيس بصفة رسمية في ساعة متأخرة من ليلة يوم الأربعاء الماضي. قبلة أوباما التي وصفها المعلقون الصحافيون بالحارة جدا لم تكن الحدث الوحيد الذي هيمن على بعض وسائل الإعلام الأمريكية، بل كانت هناك الدموع الكثيرة التي ذرفها المؤتمرون الديمقراطيون طوال الأيام الأربعة الماضية. فشاشات التلفزيون لم تمل من عرض صور العيون الدامعة لبعض المؤتمرين الذين «تخشعوا»، بينما كانت ميشيل أوباما تلقي خطابها العاطفي في افتتاح مؤتمر حزب «الحمار» في مدينة دنفر بولاية كولورادو. ميشيل حكت في خطابها كيف تمنّعت كثيرا في الخروج مع باراك أوباما عندما كان متدربا في مكتبها، قبل أن تنهار مقاومتها أمام كوب من الآيس كريم جلبه المحامي المبتدئ ساعتها، باراك أوباما، إلى المكتب كي يخطب ودها ويجدد دعوته إلى مواعدتها. الكثير من النساء بكين خلال خطاب ميشيل أوباما الشاعري لكن الكثير من الرجال ذرفوا الدموع أيضا عندما ظهر السيناتور تيد كيندي المصاب بورم خبيث في الدماغ على خشبة «بيبسي سنتر» مباشرة بعد ميشيل أوباما، وألقى خطابا عاطفيا آخر تحدث فيه عن أسرته وزوجته بالإضافة إلى أفراد عائلته الكبيرة التي تحولت إلى أيقونة سياسية داخل الولاياتالمتحدة، ليس بسبب الهالة الملكية التي تمتعت بها تلك العائلة فحسب، بل أيضا بسبب «اللعنة» الغامضة التي أصابتها وتسببت في مقتل معظم أفرادها. المؤتمرون الديمقراطيون ذرفوا الكثير من الدموع في اليومين الثاني والثالث أيضا عندما ألقت هيلاري كلينتون خطابها الذي اعترفت فيه لأول مرة بأنها كانت تحلم دائما بأن تكون رائدة فضاء، لكنها اكتشفت وهي ما تزال بعد طفلة صغيرة بضفائر شقراء طويلة ووجه مليء بالنمش الفاقع أن وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» لا تقبل انضمام النساء إلى صفوفها في ذلك الوقت. بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي السابق، أبكى بدوره آلاف المؤتمرين الذين استقبلوه بتصفيقات حارة دامت أكثر من عشر دقائق، عندما قال في خطابه الحماسي إن قصة حياة باراك أوباما تعد «تشخيصا رائعا للحلم الأمريكي»، وإن باراك أوباما يواجه الانتقادات نفسها التي واجهها هو عندما ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 1992 وتتلخص في انعدام التجربة السياسية وحداثة السن... لكن يبدو أن الديمقراطيين اختاروا الليلة الختامية من المؤتمر كي يذرفوا ما تبقى لهم من الدموع وطبع ما طاب لهم من القبلات على خدود بعضهم البعض، وخصوصا تشكيل جماعات صغيرة داخل الملعب الرياضي، حيث ألقى باراك أوباما خطاب القبول بترشيحه كرئيس للبلاد، والقيام بما يسمى هنا Group Hugs أو ما يمكن ترجمته بالعناق الجماعي. خطاب أوباما أبكى عشرات الآلاف من أنصاره الذين رقصوا على أنغام موسيقى الروك الصاخبة، خصوصا وأن كلمته تزامنت مع الذكرى ال45 للخطاب الشهير الذي ألقاه داعية الحقوق المدنية الدكتور مارتن لوثر كينغ وبدأه بجملة I Have a Dream الشهيرة التي غيرت تاريخ حقوق السود داخل الولاياتالمتحدة وألهمت الملايين من المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم.