تدخلت قوات الأمن، أول أمس، من أجل منع الوقفة الاحتجاجية التي كانت اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة تعتزم تنظيمها أمام مقر وزارة العدل. وقد حجز رجال الأمن لافتة كبيرة بعد أن انتزعوها بالقوة وحاولوا اعتقال الحقوقي بوسحابي. كما قام رجال الأمن بتعنيف بعض الصحافيين والحقوقيين الذين كانوا ينوون تنظيم وقفة صامتة أمام وزارة العدل تحت شعار «لا لتوظيف القضاء في خنق الحريات العامة» وقاموا بالاعتداء عليهم، بسبب احتجاجهم على الاعتقال التحكمي الذي تعرّض له رشيد نيني مدير نشر «المساء». وبعد المنع، ردد حقوقيون وسياسيون وجمعويون وصحافيون قدِموا للمشاركة في الوقفة، والذين ينتمون إلى مختلف الهيآت والتنظيمات، شعارات تعبّر عن الرفض القاطع ل«الأسلوب المخزني»، الذي أصبحت تتعامل به السلطات مع كل احتجاج سلمي منظم. كما ردد المحتجون شعارات من قبيل «الشرقاوي يا مسؤولْ هاد الشي ما شي معقولْ»، و«هذا عيبْ هذا عارْ الحريات في خطرْ» و«إدانة شعبية محاكمة سياسية» و«يا رشيد ارتاحْ ارتاحْ.. سنواصل الكفاحْ». وقد تضمنت اللافتات الصغيرة التي حملها المحتجون عبارات تشير إلى أن «القانون الجنائي سيف مسلط على الصحافيين» وإلى أن «تعطيل قانون الصحافة في قضايا النشر يفضح نوايا الانتقام» وتدعو إلى «عدم مصادرة حرية الصحافة بسيف القانون الجنائي» وإلى «عدم التضييق على حرية التعبير واعتقال الصحافيين»... وبعد أن قام رجال الأمن بإبعاد المحتجين من أمام مقر وزارة العدل في اتجاه شارع محمد الخامس، تفرّق الحاضرون بعد كلمة أكد فيها منسق اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة، أن الوقفة ناجحة بامتياز وبكل المقاييس، بمنعها وقمعها وحصارها، لأنها «كشفت مفهومهم الحقيقي للحريات في الواقع وليس في الأوراق والوعود الكاذبة»، موضحا أن «اللجنة اختارت تنظيم وقفة صامتة، لكن القمع أجبر المتظاهرين على الكلام»... واعتبر ويحمان أن رشيد نيني اعتُقِل بشكل تحكمي وتتم متابعته بمقتضيات القانون الجنائي ضد ما يفرضه القانون في قضايا النشر وضد مقتضيات قانون الصحافة المختص، لا لشيء، إلا لفضحه الفساد والاستبداد. وأشار منسق اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة إلى أن نيني اعتُقِل لأنه فضح الفساد والاستبداد وقال، في تصريح ل«المساء»: «لقد تم الاعتداء على الزميل منير الكتاوي والسينمائي نبيل عيوش عند تغطيتهما وتصوير الأخير وقائع «مسلخة» سباتة في الدارالبيضاء وتم الاعتداء على الأطفال وهم على ظهور أمهاتهم.. وتأكيدا لهذا النزوع، تم منع حلقة «مشارف» في القناة الأولى للزميل عدنان ياسين، لأنه استضاف السوسيولوجي المعروف إدريس بنسعيد حول دينامية 20 فبراير.. وجوابا على النزوع إلى الماضي نقول للمسؤولين: الإرهاب لا يرهبنا والقتل لا يفنينا والاعتداءات والتهديدات لن ترعبنا ولن تثنينا عن معركتنا من أجل مغرب الحريات، الذي ضحى من أجله المغاربة أجيالا وأجيالا، وستتواصل الفعاليات النضالية حتى الإفراج عن رشيد نيني، الممنوع حتى من مجرد حيازة القلم وهو في زنزانته!»... وفي كلمة مقتضبة، خلال الوقفة، استنكر عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، «القمع الوحشي الذي تتعرض له الحريات العامة ومنع وحصار الوقفة»، محذرا من مغبة الاستمرار في هذا النهج في قمع المظاهرات. وأوضح أمين أن «هذا القمع هو سبب كل القلاقل وأن الوقفات التي لا يتدخل فيها رجال الأمن خلال الفترة السابقة مرت بسلام»، داعيا رجال الأمن إلى عدم التدخل في الوقفات والاحتجاجات. وقد حضر الوقفةَ عددٌ من ممثلي المنظمات الحقوقية والنقابية والسياسية والجمعوية، كما حضرها برلمانيون. وأدانت اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة، بشدة، «الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الحريات العامة في ما يتعلق بالحق في التظاهر السلمي والحق في الحريات والتعبير»، مستنكرة، في بيان لها، منع وقمع الوقفة السلمية الصامتة والاعتداء على الصحافيين والحقوقيين وحجز اللافتة وشعارات الوقفة. وعبّرت اللجنة عن تضامنها مع ضحايا القمع ومع حركة 20 فبراير، مطالبة المسؤولين بوضع حد لهذه الأساليب، «التي تعود بنا إلى سنوات الرصاص». يشار إلى أن اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة اختارت تنظيم وقفة احتجاجية صامتة بعد أن تبين أنْ لا جدوى من صراخ الشخصيات والهيآت السياسية والنقابية والحقوقية والإعلامية والمدنية.