يميط البحث اللثام عن الأخطاء والانتهاكات التي طالت وضعية الدكاترة العاملين في أسلاك الوظيفة العمومية منذ إرهاصاتها الأولى إلى وقتنا الحاضر، بغية تحسيس الرأي العام» الوطني، بصفة عامة، ومسؤوليها المباشرين، على وجه التحديد، بخطورة نزيف وتهميش وإقصاء أعلى رأسمال بشري وطني أكاديمي علمي ومعرفي في شخص هؤلاء الدكاترة، بسبب قوى الظلامية والرجعية، وكذا بأهميتهم القصوى في تنوير وتحديث وتمدُّن البلاد والعباد. ونظرا إلى غياب دراسة شاملة حول الموضوع المتناوَل و ما جر إليه من مغالطات واستشكال وخلط وغموض وأحكام مسبقة وديماغوجية وأخطاء، متعمَّدة أو غير متعمدة، في حقهم، ارتأت هذه الدراسة، من باب المسؤولية العلمية والوطنية والإنسانية، خوض غمار هذا الموضوع، بغية إنصافهم علميا وقانونيا ومهنيا وماديا ومعنويا، وهو إنصاف يمثل رهان إصلاح التربية والتكوين والإدارة في المغرب. نتيجة لتلكم الأوضاع الوبيئة والصدئة، تأسست «النقابة الوطنية المستقلة للدكاترة في المغرب» يوم 24 ماي 2008 بقاعة «المركب الثقافي المهدي بنبركة» في الرباط، الذي احتضن مؤتمرها التأسيسي تحت شعار «العدالة الاجتماعية ضرورة لإعادة الاعتبار للدكتور كثروة علمية وطنية»، للذود عن حقوق الدكتور المشروعة وعن حرمة البحث العلمي والثروات العلمية الوطنية، المتوجة بأعلى الشهادات التي تمنحها منابر العلم والمعرفة، وطنيا ودوليا. وحتى تكون للمتلقي فكرة جلية عن هذه النقابة، أورد مجموعة من مراميها ومطالبها، مستقاة من مشروع قانونها الأساسي وملفها المطلبي، فيما يناط بمراميها يجدر ذكر: -الدفاع عن الحقوق النقابية كاملة وتجسيد الحق في التنظيم النقابي وحق الممارسة النقابية وضمان سلامة المسؤولين النقابيين واحترام كل الاتفاقات الدولية والوطنية المتعلقة بالحقوق الاجتماعية ودعم كل الجهود الرامية إلى تحسين المعايير الاجتماعية بما يواكب التطور والنمو الاقتصادي ويرسخ العدالة الاجتماعية. -الدفاع عن الدكتور كقيمة علمية واجتماعية وثروة وطنية ينبغي استثمارها لصالح المجتمع. -الدفاع عن الحقوق المعنوية والمادية للدكاترة ومدهم بكافة الإمكانيات اللازمة للإبداع والخلق، في إطار عملهم المهني. -العمل على فسح المجال للدكاترة داخل مجالاتهم المهنية للاستفادة والمساهمة في التكوين والتكوين المستمر. -تفعيل وإشراك الدكاترة في خدمة الصالح العام وتهيئة الشروط المناسبة لذلك، من خلال الاستفادة من خبراتهم العلمية والمعرفية والتكنولوجية. -إنجاز ونشر الأبحاث والبحوث والدراسات وإصدار المجلات والدوريات والتقارير والنشرات. -الانفتاح على الجامعات والمعاهد العلمية وعلى المؤسسات الوطنية والدولية، لتبادل التجارب والخبرات. -النهوض بالأعمال الاجتماعية. -المساهمة في: -تنمية البلاد، ثقافيا واجتماعيا وفكريا. -بلورة إستراتيجية وطنية لصناعة القرارات في المجال الإداري والتقني. -العمل على تطوير الإدارة وتحديث آليات التسيير الإداري في الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والرقي بالمرفق العام والمساهمة في تأهيل الإدارة، بما يحقق طموحات المرتفقين. -تدبير المشاريع التنموية في الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية. -ربط جسور التواصل بين الجامعة والإدارة عبر شراكة فعالة في نشر ثقافة البحث والبحث العلمي. -تعزيز أواصر التعاون والشراكة وفتح جسور التواصل بين المنظمات ومختلف النقابات والهيآت، الوطنية والدولية، ذات الاهتمام المشترك. أما مطالبها فيجدر ذكر ما يلي: 1) إقرار الحقوق النقابية كاملة بما: -يجسد الحق في التنظيم النقابي، -يضمن حق الممارسة وسلامة النقابيين، -يعمل على تنفيذ كل الاتفاقات، الدولية والوطنية، المتعلقة بالحقوق الاجتماعية المتعارَف عليها، -يدعم كل الجهود الرامية إلى تحسين المعايير الاجتماعية بما يواكب التطور والنمو الاقتصادي ويرسخ العدالة الاجتماعية. 2) إقرار النظام الأساسي الخاص بدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع شبه العمومي والجماعات المحلية، يأخذ بعين الاعتبار ما يلي: -الاسم أو الإطار الذي يعكس طبيعة هذه الفئة، -تحديد بشكل واضح المهام المنوطة بالدكتور، في انسجام تام مع إمكاناته، -الترقي الملائم لإمكانيات هذه الفئة، -مراجعة الأرقام الاستدلالية في انسجام مع شهادة هذه الفئة. 3) إقرار نظام ترقي لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع الشبه العمومي والجماعات المحلية. 4) مراجعة منظومة الأجور لهذه الفئة، بما يضمن الزيادة في الأجور بشكل عام والرواتب الأساسية بشكل خاص. 5) إصلاح النظام الضريبي المطبق على هذه الفئة. 6) تيسير ولوج الدكاترة العاملين في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع شبه العمومي والجماعات المحلية، مباشرة في هيأة أساتذة التعليم العالي، مع الاحتفاظ بالأقدمية. 7) مراجعة الغلاف الزمني لعمل هذه الفئة بما يسمح لها القيام بمهام الإشراف وتأطير البحوث. 8) الاستفادة من كافة امتيازات البحث العلمي، بغية مواصلته (إعطاء عطل خاصة بذلك، السماح بالمشاركة في المؤتمرات والملتقيات العلمية...). 9) اعتماد مسطرة شفافة وموحدة في إسناد مناصب المسؤولية (كل أربعة سنوات) وتأخذ هذه المسطرة معيار الشهادة بعين الاعتبار. 10) تفعيل وتسهيل عملية إعادة الانتشار حسب الرغبة ووفق معيار التخصص لمردودية أكثر. 11) الاستفادة من التكوين والتكوين المستمر ذي مستوى عال بالنسبة إلى هذه الفئة وفق معايير شفافة تنبني على مبدأي الكفاءة والاستحقاق. 12) إسناد مهام التأطير والإشراف على مشاريع التكوين المستمر لأطر الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع الشبه العمومي والجماعات المحلية والقطاع الخاص. 13) اعتماد مراجع للكفايات بشكل عام و للدكتور بشكل خاص. 14) تيسير عملية الانتقال، وخصوصا في الحالات الأكثر إلحاحية اجتماعيا (الالتحاق بالزوج أو الزوجة، التحمل العائلي أو التجمع العائلي...). 15) استفادة أرمل أو أرملة من الراتب الممنوح بعد وفاة الزوج أو الزوجة، وإن كانا يعملان معا في أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع شبه العمومي والجماعات المحلية. 16) احتساب خمس سنوات إضافية في نهاية المسار الإداري في التقاعد للدكاترة الذين ولجوا أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والتربوية والقطاع شبه العمومي والجماعات المحلية في سن تتجاوز الأربعين سنة. 17) النهوض بالأعمال الاجتماعية لهذه الفئة (الصحة، السكن، التخييم...). لقد أُرسِلت أكثر من 40 مراسلة نقابية للذود عن المطالب المشروعة لهذه النخبة العلمية إلى كل من الوزير الأول ووزير تحديث القطاعات العامة ووزير الاقتصاد والمالية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزيرة الصحة العمومية ورئيس البرلمان ورئيس الغرفة الثانية ورؤساء الفرق البرلمانية في مجلسي النواب والمستشارين. كما نُظِّمت وقفات احتجاجية وتنديدية بالوضع المزري الذي يعيشه الدكتور إزاء وزارة الاقتصاد والمالية والصحة العمومية ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، التي أذاقت هذه الفئة، بالاستعانة بالسلطة، وابلا من الشتم والسب والقذف والضرب والمصادرة، يوم 5 أبريل المنصرم، حيث سجلت بهذا الصنيع في تاريخها وصمة عار وضعف وتنكر تجاه الدكاترة، عوض أن تقف موقف المعالج، المدافع عن حقوقهم المغتصَبة وضد تماطل وتجاهل الحكومة لهم، باعتبارهم أرقى ما تنجبه هذه الوزارة المعنية المباشرة بوضعيتهم. وإثر هذه الأحداث، نظمت النقابة الوطنية المستقلة للدكاترة بالمغرب ندوة صحافية تحت شعار «انتهاك الحرية النقابية» في نادي هيأة المحامين في الرباط بتاريخ 14 أبريل 2010، تنديدا بهذا العمل الإجرامي الشنيع. يتبع