عرف شارع محمد الخامس وساحة مولاي المعدي في تطوان إنزالا أمنيا غير معهود لإجهاض الوقفة السلمية التي دعت إليها حركة «20 فبراير» في تطوان والتنسيقية المحلية الداعمة لها. وفور انطلاق بعض المحتجين في ترديد شعارات تعبّر عن شرعية مطالبهم، صدرت الأوامر بالتدخل الأمني لتفريقهم بالعنف، حيث لم يسلم منه الرجال والنساء وبعض المحامين والحقوقيين المشاركين، الذين حضروا للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية. وقد انطلقت عمليات «الكر والفر» بين عناصر الأمن، بمختلف مصالحها، في بعض أزقة شوارع محمد الخامس وشارع 10 ماي، حيث قَدِمت من هناك مجموعة تنتمي إلى جماعة العدل والإحسان، تم اعتقال 6 من أعضائها وتم اقتيادهم إلى مفوضية أمنية للتحقيق معهم والتأكد من هوياتهم ومنانتمائهم السياسي. وفي شارع محمد الخامس، أقدمت عناصر التدخل السريع على التنكيل بثلاث نساء ناشطات حقوقيات، من بينهن خديجة بنموسى وآسية المرابط، حيث تعرضن للضرب من طرف عناصر أمنية قبل اقتيادهن إلى مفوضية أمنية، فيما تم اعتقال 10 أعضاء وعضوات من حركة 20 فبراير و3 أساتذة و6 من أعضاء جماعة العدل والإحسان وآخرين من «منظمة التجديد الطلابي». ومن جهته، أعرب أحد المحامين المشاركين في الوقفة عن «مستوى التنكيل الذي طال عددا من الحقوقيين، حيث كان يتم التوجه مباشرة إلى بعض المناضلين والمناضلات لاعتقالهم من قِبَل مجموعة من الأجهزة الأمنية وضربهم ثم اعتقالهم». وقد ظل شارع محمد الخامس في تطوان «شاهدا» على سلسلة من عمليات المطاردة، استمرت لأزيد من ثلاث ساعات، عرفت عدة حالات اعتقال، حيث أصيب بعضهم برضوض في الوجه والظهر والعنق، جراء الاعتداء عليهم داخل دوريات أمنية أو في مخفر الشرطة، قبل أن يتم الإفراج عنهم. ولم يسلم المحامون، بدورهم، من الاعتقال، حيث تم توقيف أحد المحامين يسمى يوسف واعصيم، من هيأة تطوان، بهدف اعتقاله، قبل أن يتدخل محامون آخرون، من بينهم المحامي عبد الصادق البشتاوي، رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، وعبد اللطيف قنجاع والمحامي محمد الركيك، مطالبين بإطلاق سراحه فورا، حيث انبطحوا أرضا، معترضين نقله من طرف دورية أمنية. «لقد كانت هجمة ورِدّة على الحريات العامة التي تمتعنا بها خلال الوقفات السابقة، والتي تكشف أن ذلك أصبح متعلقا بمزاج الحكام»، يقول المحامي قنجاع. وتم تطويق ساحة «مولاي المهدي» وشارع محمد الخامس والأزقة المتفرعة عنهما، من كل الجوانب مبكرا، كما تم انتشار عناصر التدخل السريع، على شكل مجموعات، لمنع التحاق متظاهرين آخرين كانوا يظهرون بين الحين والآخر رافعين شعارات تُندّد بالتدخل الأمني المكثف وبمنع الوقفة السلمية باستعمال «الهراوات» بطريقة عنيفة». كما لوحظ خلاله غياب عدد من «الوجوه» التي ألِفت المشاركة في الوقفات والمسيرات السابقة، لأسباب لم يتمَّ الكشف عنها، فيما أكدت مصادرنا أنها فضلت عدم الظهور بعد قرار المنع الكتابي الذي صدر ليلة الوقفة السلمية، والذي تم إبلاغه عن طريق مفوضين قضائيين لبعض الحقوقيين. وفي غاية التاسعة ليلا من يوم أول أمس، تم الإعلان عن اتفاق بين لجنة معتمَدة من طرف تنسيقية دعم حركة 20 فبراير في تطوان وبين والي الأمن بالنيابة، يقضي بمغادرتهم شارع محمد الخامس مقابل الإفراج الفوري عن المعتقلين، حيث توجهت التنسيقية إلى مقر حزب اليسار الاشتراكي الموحد، فيما حافظ شباب الحركة على سلمية شعاراتهم، معلنين «أن الشعب المغربي لن يقبل بدستور تحت عصي التهديد»، الذي طالهم وأن «القمع لن يرهبهم ولن يمنعهم من مواصلة احتجاجاتهم ومسيراتهم من اجل القضاء على الاستبداد والفساد».