أقدم ثلاثة معطلين من مدينة بوعرفة على إضرام النار في أنفسهم زوال أول أمس الأربعاء، احتجاجا على عدم الاستجابة لمطالب جمعية المعطلين المتمثلة في الحق في الشغل، إضافة إلى التنكيل الذي يتعرضون له يوميا من طرف قوات التدخل السريع وأفراد القوات المساعدة. وتم نقل الزياني رشيد، أحد هؤلاء الثلاثة، الذي كانت حالته خطيرة، إلى المستشفى الإقليمي الحسن الثاني ببوعرفه، ومنه إلى المركز الاستشفائي الفارابي بوجدة. كما سبق أن نقل زميله قوندة محمد إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية بعد إصابته في تدخل عنيف من طرف قوات الأمن. وصرح الزياني رشيد، الذي كان يرقد بأحد أجنحة مستشفى الفارابي بوجدة، أنه أقدم على إضرام النار في نفسه من شدة اليأس و«الحكرة» والتنكيل الذي يتعرض له يوميا من طرف قوات الأمن. واعتبر الصديق كبوري، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة، أن يوم الأربعاء 18 ماي 2011 كان يوما استثنائيا ببوعرفة، حيث نظمت عدة جمعيات ونقابات وقفات احتجاجية أمام مقر العمالة ببوعرفة لإثارة الانتباه إلى مطالبها، وحثّ عامل الإقليم على الاستجابة للوعود التي قدمها في لقاءات سابقة، لكن بدل التعامل مع هذه الاحتجاجات بشكل سلمي وحضاري، «اختارت عناصر القوات العمومية لغة العصا والسب والشتم والكلام الساقط»، مما دفع بثلاثة أعضاء من جمعية المعطلين المستقلين إلى إحراق ذواتهم، حيث عمدوا إلى صب البنزين على أنفسهم وإضرام النار فيها، الأمر الذي نتجت عنه إصابة عضوين، زياني رشيد و«مكطوف محمد، بحروق بليغة في الوجه والصدر والأيدي، ولولا تدخل المعطلين والمعطلات لإنقاذ رفيقيهما باستعمال أغطية لإخماد الحريق لكانت النتائج أكثر من كارثية. ومباشرة بعد الحدث نظم السكان مسيرة شعبية ضخمة جابت أهم شوارع المدينة للتنديد بالقمع والتعامل العنيف مع تظاهرات سلمية حضارية، وتوجهت إلى مقر العمالة، وقد كانت مطوقة بمختلف القوات العمومية والتدخل السريع وأفراد القوات المساعدة، وحاول أحد المحتجين إضرام النار في نفسه إلا أن المتظاهرين حالوا دون ذلك. «وهنا تدخلت آلة القمع للتنكيل بالمواطنين والمناضلين» يقول الصديق كبوري، مضيفا أن « هذه الأحداث نجمت عنها إصابات متعددة، فحسب مصدر طبي فإن عدد الضحايا بلغ أزيد من 40 حالة متفاوتة الخطورة، ولم يتم استثناء المارة من نساء وشيوخ وأطفال، ولا زالت الأحداث جارية بمجموعة من الأحياء الشعبية، خاصة بحي الشميط وحي الطوبة وحي الواد». وسجل عضو الجمعية الحقوقية خروقات، منها تدخل القوات العمومية بدون سابق إنذار ودون احترام قانون الحريات العامة، واستعمال العنف من طرف القوات العمومية بواسطة العصي والحجارة، واقتحام عناصر الأمن والقوات المساعدة إعدادية الفتح والاعتداء على التلاميذ داخل المؤسسة دون احترام لحرمة المؤسسة، والاستيلاء على أمتعة المعتصمين وبعض الأدوات الشخصية للمواطنين من هواتف ودراجات، وتهديد الصديق كبوري داخل المستشفى أثناء تلقيه العلاج نظرا لإصابته في الظهر والرجل والرأس من طرف رئيس الشرطة القضائية ببوعرفة . وأصدر الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانا أشار فيه إلى أنه يتابع بقلق كبير حالة الاحتقان التي تعيشها مدينة بوعرفة بسبب الاحتجاجات اليومية تخوضها إطارات محلية دفاعا عن حقوقها المادية والمعنوية المشروعة وعدم قيام عامل الإقليم ورؤساء المصالح المعنية بفتح حوارات جدية ومسؤولة للاستجابة لمطالب الهيئات والإطارات، بل تم تجييش المدينة بقوات التدخل السريع والقوات المساعدة التي لا تتوانى عن التنكيل بالمحتجين تحت وابل من السب والشتم. وأضاف البيان، الذي تم استصداره بالمناسبة وفي نفس اليوم، أن الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يدق ناقوس الخطر أمام استمرار اعتماد مقاربة أمنية صرفة في مواجهة مطالب عادلة ومشروعة، يعلن للرأي العام إدانته لاعتماد المقاربة الأمنية في معالجة المشاكل المطروحة محليا، الشيء الذي لن يزيد الوضع إلا احتقانا وتوترا، ويعبر عن تضامنه مع كل الإطارات المناضلة من أجل انتزاع حقوقها المادية والمعنوية، ويطالب بفتح تحقيق حول استعمال القوة ضد المحتجين سلميا ومعاقبة المتورطين في الأمر تماشيا مع شعار دولة الحق والقانون. وحمل البيان، الذي توصلت «المساء» بنسخة منه، كامل المسؤولية لعامل الإقليم وباشا المدينة فيما يقع من أحداث على المستوى المحلي، وما سيترتب عن ذلك من مضاعفات، معلنا استعداده للنضال إلى جانب كل الإطارات التقدمية من أجل الدفاع عن الحق في التعبير وإقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للساكنة.