رغم أن جرائم القتل تراجعت في مدينة طنجة بشكل ملحوظ، وهو ما أكدته الإحصائيات التي قدمها والي أمن طنجة محمد وهاشي، في ندوة صحفية سابقة، فقد شهدت المدينة أشهر الجرائم التي وقعت على الصعيد الوطني، ونالت متابعة كبيرة من لدن الرأي العام المحلي والوطني. وشهدت مدينة طنجة خلال السنتين الأخيرتين وقوع جريمتين مروعتين، أولاهما الجريمة الثلاثية الشهيرة التي قام صاحبها بذبح ثلاث نسوة من عائلة واحدة، وحكم بسببها بالإعدام، والثانية هي التي وقعت قبل أسابيع وراح ضحيتها طالب مغربي وجرح اثنان آخران كانا برفقة الضحية، فيما قام منفذ الجريمة بالانتحار بدل تسليم نفسه للشرطة. وإذا كانت الجريمتان تختلفان من حيث دوافع القتل (الأولى بهدف السرقة والثانية ظلت غامضة بسبب انتحار منفذها) فإنهما حققتا نسبة كبيرة من المتابعة، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى المحلي، وظل الرأي العام يترقب بشكل كبير اعتقال الجناة ومعرفة دوافع القتل. الجريمة الأولى وقعت في 17 فبراير من السنة الماضية، إذ قام الجاني بتنفيذ جريمته المروعة عند حدود الساعة الثانية عشرة زوالا، عندما أتى إلى المنزل، مكان وقوع الجريمة، بعد دعوة سابقة وجهتها إليه صاحبة المنزل من أجل الاطلاع على أثاث قديم كانت ترغب في بيعه. وتزامنت هذه الدعوة مع سماعه من أحد أقربائه أن صاحبة هذا البيت الذي سيذهب إليه، بحوزتها أموالا كثيرة، فاستغل فرص ذهابه ليقوم بسرقة هذه الأموال، لاسيما أنه كان عاطلا عن العمل. وبدأت قصة هذه الجريمة عندما دخل الجاني إلى المنزل، وعلى ظهره حقيبة كتف بداخلها أدوات الجريمة، بعد ذلك سينزع حذاءه الأبيض ثم سيجلس بين النسوة الثلاث. بعد لحظات طلب من صاحبة البيت، وهي زوجة إطار جمركي يعمل في إدارة الجمارك، تدعى «السعدية»، وكان يناديها ب«خالتي»، بطريقة مؤدبة إطلاعه على الأغراض التي سوف تبيعها. وعادة ما كان الجاني يبيع الأغراض القديمة التي كانت الضحية تريد التخلص منها حتى يوفر بعضا من المال. بعد ذلك طلبت منه الصعود معها إلى الطابق الثاني حيث توجد الأغراض لمعاينتها، فقام بترك حقيبته ملقاة على الأرض بعدما استل منها سكينا وصعد مع الضحية إلى الطابق الثاني، وفجأة عالجها بطعنتين في البطن بواسطة السكين، التي كان يخفيها تحت قميصه، فسقطت زوجة الجمركي على الأرض ثم شرع بطريقة هادئة في ذبحها. بعد صراخ الضحية الأولى ستصعد ابنتها «هنيدة»، التي كانت جالسة إلى جانب صديقة العائلة في الطابق الأول، لتكتشف الأمر، فباغتها الجاني بضربة قوية في العنق قبل أن تقترب منه، فسقطت أرضا، مما جعله يقوم بذبحها كما فعل مع أمها. صديقة العائلة «رشيدة» بدورها سوف تصعد إلى مسرح الجريمة لتتبين الأمر، فاستقبلها الجاني هي الأخرى بطعنتين في البطن لتسقط قتيلة. وترددت إشاعات قوية بعد وقوع الجريمة تقول إن عملية القتل بهذه الطريقة كان وراءها دافع انتقامي، على اعتبار أن زوج الضحية جمركي، وأن هناك من أراد تصفية حساب قديم معه. واستبعد الجميع أن يكون منفذ هذه الجريمة شخص واحد قادر على ذبح ثلاث نسوة في أقل من 10 دقائق، لكن اعتقال الجاني فند جميع الشكوك والشائعات، وتبين أن الفاعل هو قريب من العائلة وأن دافع القتل هو السرقة، وفي النهاية قدم الجاني إلى العدالة، وهو اليوم يقضي عقوبة الإعدام داخل السجن المحلي بطنجة. أما الجريمة الثانية فوقعت يوم 15 أبريل الماضي، عندما توجه شخص إلى مقهى «الحافة» المطل على البحر، وبيده سكين حادة، نحو أربعة طلبة كانوا جالسين يحتسون كأس الشاي، بينهم أجانب، فباغتهم الجاني، الذي كان يريد قتل طالبة إسبانية، فتصدى له طالب مغربي، فطعنه الجاني في بطنه بسكينه فسقط قتيلا. ولم يتوقف الجاني عند هذا الحد، بل حاول قتل طالب آخر، أصيب بجروح بليغة، فيما أصيب طالب فرنسي بجروح خفيفة، أما الطالبة الإسبانية فنجحت في الهروب من قبضة الجاني. هرب الجاني إلى وجهة مجهولة بعد ارتكابه جريمة القتل، وظل أزيد من ثلاثة أسابيع فارا من قبضة العدالة، قبل أن يظهر في منزله وتباغته الشرطة، بعد توصلها بإخبارية بوجوده داخل المنزل. ولم يرغب الجاني في أن تصل إليه الشرطة وتلقي القبض عليه، فقام بقطع شرايين يده ثم بقر بطنه، واضعا حدا لحياته، لتظل الأسباب الحقيقية لهذه الجريمة لغزا محيرا بعد انتحار الجاني. وعرفت مدينة طنجة أيضا وقوع جرائم قتل أخرى لا تقل مأساوية عن سابقاتها، منها جريمة وقعت قبل شهور في حي «بنكيران»، وهو الحي الذي يشهد جرائم قتل كثيرة، عندما قام أحد الجناة بقتل سيدة مسنة كانت مقيمة بلندن. ونفذ الجاني جريمته بواسطة حبل لفه حول عنق الضحية، وعندما اعتقل اعترف للمحققين بأنه قام بذلك بدافع السرقة. وكانت الضحية تعيش لوحدها داخل هذا المنزل، الذي كانت تخفي فيه بعض الأموال، التي جنتها من عملها في العاصمة البريطانية، غير أن الجاني الذي كان يقطن ببيت في سطح المنزل، أراد سرقة هذه الأموال دون أن تشعر الضحية، لكن لما ضبطته قام بقتلها.