رشيد نيني هو أشهر كاتب عمود رأي في المغرب، مزعج ومشاكس وصاحب قلم لا يتفق حوله اثنان. لم يسلم من قلمه حتى زملاؤه من «قبائل» الصحافة في المغرب. لا يتوانى في انتقاد أعلى المؤسسات وأكثر الشخصيات نفوذا. خصومه يرون فيه رأس حربة أجهزة مستترة ومعجبوه -وهم كثر- يؤمنون أنه «لسان حال الشعب». ومهما كان رأي الناس فيه، فمن المؤكد أن رشيد نيني هو أكثر من طبع المشهد الصحافي «المستقل» في المغرب. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفي الوقت الذي يقف المغرب على أبواب إصلاحات ضرورية كبرى، يقف نيني أمام القضاء في قضايا يصفها الكثيرون بأنها ذات طابع « سياسي». «شوف تشوف» هذا هو اسم عمود الصحافي المغربي رشيد نيني، الذي يغطى منذ أيام باللون الأسود، انتظارا لعودة صاحبه المعتقل على ذمة التحقيق. ورغم غياب «دينامو» الجريدة ومديرها نيني، يواصل زملاؤه في صحيفة «المساء» عملهم وفق نفس النهج والسياسة، دون أي تغيير «لأننا على صواب»، يؤكد محمد أغبالو، سكرتير التحرير العام. «لا يمكن أن نتغير، لأننا نعلم أننا على صواب ونعلم أن مهمة الصحافة هي فضح الفاسدين والمفسدين، هي التعبير عن مطالب الشعب وعن طموحاته التي يرغب في الوصول إليها. لا يمكن أن نتنازل عن هذا الهدف، ونحن كلنا مستعدون لدفع ضريبة حرية التعبير في هذا البلد. لا يمكن أن تتنازل عن حق طالبت به طيلة حياتك في لحظة، لأنك تعرضت لتعسف». يعتبر رشيد نيني أن متابعته أمام القضاء واستمرار اعتقاله على ذمة التحقيق قرار سياسي، وبدا يوم الاثنين في قاعة المحكمة بمعنويات مرتفعة، حسب محمد أغبالو، الذي كان حاضرا. «كانت معنوياته جد مرتفعة وصرح بأنه مستعد لدفع جزء من ضريبة التغيير وضريبة حرية التعبير في المغرب واعتبر أن محاكمته هي محاكمة سياسية، محاكمة لطلاب التغيير في هذا البلد». إعمال القانون اتسع نطاق حملة التضامن مع رشيد نيني في المغرب وفي الخارج ووصف كثير من المراقبين اعتقاله بأنه «ضربة» في مسيرة التغيير و«تراجع» في مجال حرية التعبير في المغرب، خاصة أنه لا يتابع بموجب قانون الصحافة، ولكن بموجب القانون الجنائي كأنه «مجرم خطير»، يقول الإعلامي رضوان الرمضاني. «إذا كان الزميل رشيد نيني قد أخطأ فيجب أن يُحاسَب بناء على ما ينص عليه القانون، دون إدخال اعتبارات أخرى، قد تكون شخصية، قد تكون انتقامية، قد تكون من باب رد الصاع أو شيء من هذا القبيل. ولا داعي ليحاكم والرجل في السجن ووراء القضبان، فلا هو مجرم ولا هو حامل سلاح أو مدمن مخدرات أو أحمق. إنه صحافي يملك قلمه ولا أعتقد أن الوضع الأمني يهدده قلم صحافي في حالة سراح»... بداية المتاعب بدأت متاعب نيني مع القضاء في أواخر الشهر الماضي، حينما أصدرت النيابة العامة في الدارالبيضاء بلاغا أكدت فيه منع رشيد نيني من مغادرة التراب الوطني، إثر تحقيقات استمرت عدة ساعات. وجاء في البيان، الذي صدر بتاريخ 28 أبريل: على إثر ما نشر في يومية «المساء» من مقالات تنتقد سير المؤسسات الأمنية وتتهم بعض الشخصيات العامة بخرق القانون بمناسبة معالجتهم القضايا العامة المكلفين بها، ومن بينها ما يتعلق بالأحداث الإرهابية التي تَشكَّك فيها إلى حد المطالبة بإلغاء قانون الإرهاب ومحاسبة المسؤولين المتورطين في صنع وفبركة هذه القضايا.. أصدرت النيابة العامة تعليماتها إلى الضابطة القضائية المختصة من أجل إجراء أبحاث دقيقة ومفصلة بخصوص ما نُشِر عبر هذه اليومية من وقائع، وبالأخص ما يروج له ناشرها، رشيد نيني، من أفكار ترمي إلى المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين». تيار معرقل غير أن أغبالو يرى أن اعتقال رشيد نيني كان، في الواقع، بأمر من «تيار داخل الأجهزة الأمنية»، دون تحديد هويته، يعارض التغيير الذي ينادي به الملك محمد السادس. وأضاف أغبالو، في تصريح لإذاعة هولندا العالمية: «في كل دولة، هناك من يرغب في دعم الإصلاح وهناك من يرى نفسه غير مستفيد من هذا الإصلاح، وبالتالي يقوم بعرقلته. رشيد نيني، وطيلة كتابته في عموده الشهير، كان من المدافعين عن الإصلاح وعن التغيير، وربما انتقاداته الأخيرة، التي تعرضت لمجموعة من الأجهزة ولبعض الملفات الأمنية وكذا لمجموعة من القضايا ذات البعد السياسي والاقتصادي، «لم ترُق» لبعض الأجهزة التي اعتبرت طريقة تناولها، بالتزامن مع الحراك السياسي في المغرب، لا تستجيب لتطلعاتها للحفاظ على الوضع كما هو.. وبالتالي أقدمت على هذه الخطوة لعرقلة مسار هذا الإصلاح»...