أصدرتم بمناسبة اليوم العالمي للصحافة تقريرا حول وضعية الصحفيين والصحفيات بالمغرب، ما هي الأولوية التي حددتها النقابة خلال سنة 2011؟ - وضعية الإعلام بالمغرب لم تسجل أي تقدم، فهي تراوح مكانها، على اعتبار أن هناك نوعا من جمود الإصلاح سواء على المستوى الاجتماعي أو المهني، وهناك مطالب إصلاح لم تتحقق على مستوى القوانين، فعلى سبيل المثال الهيئة العليا للقطاع السمعي البصري لم يلحقها أي تغيير أو تطور، في الوقت الذي نسعى فيه إلى تعديل قانون الصحافة، سأعطي مثالا آخر في ما يتعلق بتغطية أحداث «كديم ازيك»، فقد وجد الإعلام المغربي نفسه أمام دعاية مضللة، وكاذبة، مما جعل تغطية الأحداث تبقى ضعيفة في المجال الإعلامي بمختلف مشاربه، واعتبرنا في هذا الإطار أن هناك تحديات داخلية علقة من منطلق أن الإعلام من المفروض فيه أن يقدم خدمة للشعب المغربي، خاصة في السياق الحالي الذي يشهد نوعا من التطور والحراك الديمقراطي، وهو ما نعتبره يندرج ضمن أولوياتنا من أجل خدمة كل القضايا ومواجهة كل التحديات، والنقطة المحورية التي تم التركيز عليها هي أن العالم العربي يشهد تحولات كبيرة، والمغرب دخل في سيرورة من الإصلاحات، ولا يمكن تصور نجاح هذه الإصلاحات، سواء الدستورية أو السياسية، بدون إصلاح الإعلام أولا، كما لا يمكن تصور ديمقراطية بدون إعلام قوي نزيه وحر يتسم بمقومات الكفاءة والجودة فكل هذه الأمور مترابطة في ما بينها حيث لا يمكن أن نحذف عنصرا بدون آخر، وهذا الترابط هو ما جعلنا نعتبر بأن ملف الإعلام لا بد أن يكون من بين أولويات الشعب المغربي في هذه الفترة الانتقالية نحو التغيير، إذن بصفة عامة هذه هي الفلسفة التي طغت على تقريرنا. يشهد المغرب منذ 20 فبراير حراكا واسعا، كيف يمكن للجسم الصحفي أن يستفيد من هذا الحراك، خاصة أنه اتضح بالملموس أن أي حركة للتغيير لا يمكن أن تقوم لها قائمة، إلا إذا كان وراءها وسائل إعلام مؤثرة؟ - طبعا يوم 20 فبراير، سجل الكثير من الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي نددت به حركة 20 فبراير الشبابية، التي تضم عددا من التنظيمات وجماهير الشعب. فمن بين القضايا الأساسية التي رفعتها الحركة في شعاراتها، هي قضية الصحافة والإعلام، التي اعتبرتها مركزية، وهذا يترجمه الوعي الذي بدأ يعرفه الشعب المغربي بأهمية وسائل الإعلام، إذ لا يمكن الحديث عن تحقيق الديمقراطية كما سبق وذكرت، إذا لا بد أن تلعب سلطة الصحافة دورها الأساسي كسلطة رابعة معنوية رمزية، أما السلط الأخرى فهي تنفيذية وفعلية وتشريعية، لهذا فإن السلطة الرابعة هنا لها أهميتها في هذا الباب، لكن الأمر لا ينبغي أن يبقى في هذا الوعي بل يجب أن يتطور إلى مشاريع ملموسة، لذلك نحن كنقابة اعتبرنا بأن الإصلاحات يجب أن تصب في إطار القوانين والهياكل، وعمق الإشكالات التي انتقدها الشعب المغربي في العديد من التظاهرات، والخلاصة هي، لا بد من توفر الإرادة السياسة. فكما تم التعبير عن الإرادة السياسية في المشاورات حول الدستور لا بد أن تكون هذه الإرادة أيضا في مجال الإعلام. لكن للأسف لحد الآن لم نلاحظ أي إرادة في هذا الباب، وهذه مفارقة، كيف ذلك، لأنه لا يمكن القول إننا نطمح إلى تحقيق مبدأ فصل السلط، وإصلاح دستوري، بتخلي الملك عن جزء مهم من السلطة التنفيذية، إلى غير ذلك. وعندما نتحدث عن الإعلام نجد أنفسنا لا زلنا نشتغل بالأشكال القديمة، وأنا شخصيا أعتقد أن هناك تناقضا، إذ لا يمكن نهائيا تصور نجاح مسار الإصلاحات الدستورية بإقصاء الإعلام والصحافة من هذه الإصلاحات. باعتباركم تمثلون النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ما هي المجهودات التي تبذلونها من أجل تحقيق هذا الهدف؟ - طبعا منذ مدة نطالب بالإصلاحات ونناضل من أجلها، ومع الحراك السياسي الذي تشهده الساحة الوطنية في هذه الفترة انخرطنا فيه كنقابة، لأننا نعتبر جزءا لا يتجزأ من قوى الشعب المغربي التي تنادي بإصلاح الإعلام والصحافة، بل وحتى الديمقراطية. فهذا يدخل ضمن اهتماماتنا، وقد سبق لنا في هذا الصدد، أن رفعنا مذكرة إلى الحكومة المغربية طالبنا فيها بإصلاحات استعجالية من ضمنها قانون الصحافة، الحق في الخبر، إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بهذا الموضوع. وعندما تم فتح باب المشاورات في التعديل الدستوري، قدمنا بدورنا إلى اللجنة المكلفة بهذا التعديل مجموعة من المقترحات، واعتبرنا أن الأفكار والمبادئ الكبرى لحرية الصحافة والإعلام واستقلاليته يجب تضمينها في الدستور، وهذه النقطة متضمنة في تقريرنا للسنة الماضية، وطبعا سنواصل نضالنا ولن نكتفي فقط برفع المذكرات، إلى أن يتم تحقيق كل ما ناضلنا من أجله على أرض الواقع. هناك من يعتبر أنه باعتقال الصحفي ومدير جريدة «المساء» رشيد نيني يكون المغرب قد تراجع بشكل خطير في ميدان حرية الصحافة، ما هو تعليقكم على الموضوع؟ وما هي الخطوات التي تتخذها النقابة الوطنية للصحافة المغربية من أجل وضع حد لاعتقال الصحفيين؟ - موقفنا كنقابة عبرنا عنه منذ الوهلة الأولى، واعتبرنا وضع صحفي تحت الحراسة النظرية والمتابعة بالقانون الجنائي مسألة غير قانونية، إذ ما يؤاخذ على رشيد نيني يجب أن ينفذ بناء على قانون الصحافة، والمحاكمة يجب أن تكون استنادا إلى هذا القانون. أما أن يتابع رشيد نيني بالقانون الجنائي فهذا يجعلنا نتساءل عن جدوى وجود قانون اسمه «قانون الصحافة»، وعن جدوى الدخول في إصلاح هذا القانون، وهذا سؤال كبير ومطروح لسنا نحن من سنجيب عنه - طبعا-، وهذا سؤال موجه إلى الدولة المغربية، هذا في حال ما إذا كنا نتحدث فعلا عن إصلاح هذا القانون. وقد سبق لوزير الاتصال أن صرح بأنه تلقى «إشارات» من طرف جهات عليا في الدولة لبدء المشاورات في هذا الباب، فكيف يعقل في الوقت الذي نتحدث فيه عن إصلاح قانون الصحافة، يرمى هذا الأخير جانبا ويعوض بالقانون الجنائي، وهذا كما سبق وأن ذكرت فيه نوع من التناقض، وارتباك الدولة المغربية في هذا المجال، ونحن من جانبنا لن نجعل مسألة اعتقال الصحفي رشيد نيني تمر مجانا، هذا من جهة. ومن جهة أخرى كيف يعقل لوسائل الإعلام العمومية التي هي ملك للشعب المغربي أن تسيرها الدولة بطرقها التقليدية القديمة، وهذا ما يتناقض مع الديمقراطية، فإذا سكتت الحكومة والبرلمان عن هذا الأمر في الوقت الذي كان بإمكانهم معالجته، فنحن لن نسكت عنه. مسألة أخرى مهمة لا بد من التطرق إليها، قانون الصحافة الحالي الذي ننتقده بدأت مناقشته منذ حكومة التناوب الأولى في عهد الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي، هذه الحكومة هي التي أنتجت هذا القانون السيء، فقد كان هناك نوع من التخلف على مستوى تصور الطبقة السياسية في مجال قانون الصحافة، فالملاحظ خلال مناقشة هذا القانون في البرلمان أنهم لا يعتمدون كثيرا على اجتهادات المهنيين في مجال الإعلام، وهذا خطأ كبير. من المفارقات الغريبة أن يتم العفو عن عدد من المعتقلين السياسيين في الوقت الذي يتم فيه اعتقال صحفي، فهل يمكن اعتبار ذلك بمثابة إجهاز على الصحافة؟ - نحن لدينا شك بأن هناك قوى في المجتمع لا تريد أن يكون هناك إصلاح حقيقي، وتقاوم التغيير لأنه ليس من مصلحتها ذلك، وهذه القوى هي جزء ممن يدفعنا الآن نحو هذا التوتر. ومن الطبيعي إذن أن تقوم بمثل هذه الأفعال، فهي تعمدت أن تضغط على القضاء باعتقال الصحفي من أجل تطبيق القانون الجنائي في الصحافة في الوقت الذي نناقش فيه هذا القانون. وهذا إجهاز على المكتسبات، ومحاولة إلى العودة بالوضع إلى الوراء، كما لا نستغرب أن تكون هذه الأمور كثيرة ومتعددة، لأن الذين يحاربون الإصلاح سوف يستمرون ويقاومون من أجل ذلك - هذا طبيعي – لذا سنقول لهم إن هذا لن يوقفنا نهائيا.