تعقيباً على ما يجري من أحداث في سوريا من أعمال عنف وقتل للمدنيين من طرف الجيش السوري، نشر المخرج السوري نجدت أنزور، صباح أمس الأربعاء، بياناً عبر صفحته الخاصة على «فيسبوك» يعقّب فيه على ما يجري ويوضح موقفه منه، حسب ما أورد موقع «إيلاف». يقول أنزور، في البيان الذي نُشِر على صفحته في موقع «فيسبوك» ته: «مرة أخرى، أجد لزاماً عليّ، ومعي الكثيرون، الإعلان عن موقف واضح مما يجري في وطننا الحبيب «سوريا»، معلناً أن الخلاف في الرأي حق بديهي للجميع، لكنْ لا يحق لأحد أن يُنصِّب نفسه قاضياً أخلاقياً يوزع الألقاب والاتهامات والتوصيفات.. فالحياة تتسع للآراء المختلفة، كما أنها تليق بأولئك الذين لا يهابون الإعلان عن موقفهم بدون مواربة، بصرف النظر عن الإرهاب الفكري الذي يكتسي في بعض الأحيان طابع التهديد». واعتبر نجدت أنزور أن «ما جرى وما يجري في بلادنا يستدعي التفكير العميق والنظر الواعي إلى مواقف القوى الخارجية، التي لا يمكن عزلها عما يجري، وهنا لا بد من توضيح أن الانسياق خلف بعض الفضائيات التي بلغ تدخلها في الشأن السوري الداخلي إلى حد الاعتداء العنيف، في تحريض لم يسبق له مثيل وفظاظة تجاوزت كل الحدود». وأضاف «لكنها تريد أن تقنعنا أنها أكثر حرصاً منا على وطننا وشعبنا.. وهذا كذب فج وامتهان للوطنية والوطن، مؤسسات وأفرادا، معارضة وموالاة، حكومة وشعباً.. لا بل كان من واجب المعارضة، قبل غيرها، رفع الصوت عالياً في وجه تلك التدخلات الخارجية والإعلامية والسياسية في قضايا تهُمّ الشعب السوري وحده.. ولن يقنعنا أحد أن دولاً أوتوقراطية وفضائيات «مشبوهة»، نشأة وسلوكاً، ودولاً استعمارية ارتكبت أشنع الفظائع في حق شعوبنا، قديماً وحديثاً، وما تزال». «لن يقنعنا أحد أن تلك التوليفة الغريبة حريصة على الحرية والتعددية ومكافحة الفساد في بلادنا، لنكنْ واضحين.. إننا لا نوافق على سحب خيط واحد من الثوب، إنْ كنا نُقِرّ بحق أبناء شعبنا في التعبير عن رأيهم في إعلام حر وأحزاب حرة وتظاهرات حضارية حدودها القانون»، حسب البيان المنشور على موقع «إيلاف». وقال المخرج السوري نجدت أنزور: «إننا نرفض أن تتحول تلك المظاهرات إلى أداة ضغط على الوطن والشعب والدولة.. كما نرفض، رفضاً قاطعاً، أن تكون غطاء لقتَلة روّعوا الشعب واعتدوا على الجيش وقوى الأمن وقطعوا الطرقات وأحرقوا المؤسسات الوطنية... لا بل وصل الأمر حداً من الفظاعة إلى درجة القتل على الهوية الطائفية.. إننا نرفض أن تراق قطرة دم واحدة غالية من أي سوري، نرفض، بالشدة ذاتها، التسامح مع قتَلة يتخفّون تحت عباءة الحركة الشعبية المطلبية.. التي رفعت شعاراتها ومطالبها العادلة، وإنه لمن الظلم الفادح الإنكار أن الرئيس الدكتور بشار الأسد قد استجاب بسرعة لافتة لمطالب الشعب، في إعلان صريح.. فرفع قانون الطوارئ وألغى محكمة أمن الدولة العليا وأعلن عن برنامج لإصلاح القضاء ومحاربة الفساد ومكافحة البطالة. كما أعلن عن برنامج واضح للحريات السياسية والإعلامية وتمت زيادة الرواتب لمحدودي الدخل وأعطيت الجنسية لمئات الآلاف من أبناء شعبنا. وهكذا فإننا أمام برنامج إصلاحي حقيقي... من المفترض أن تبادر الحركة المطلبية، قبل سواها، إلى احتضانه ودفعه ليتحول إلى حقائق وطنية لا عودة عنها». وجاء في البيان، أيضا: «إننا نسأل، بوضوح، ما معنى الصمت المطلق عن شهداء أبرياء سقطوا ومُثِّل بأجسادهم الطاهرة وهم عزّل في حمص وبانياس وتلبيسة وحوران؟... كيف يمكن أن نوافق على متطرفين يحملون السلاح ويرفعون شعارات مخيفة ويتحركون تحت راية فتاوى تكفير وقتل جماعي؟.. ولم نسمع من المعارضة السورية وأنصارها كلمة واحدة تشجبها أو تستنكرها... ولا ندري، هنا، هل ننتظر فتوى بالإبادة الجماعية حتى نسمع صوتاً يستنكر؟.. وإننا، إذ نعلن تضامننا التام مع أهلنا في حوران.. ولو كنا متأكدين أنهم في حاجة إلى الدواء والحليب لحملناه على ظهورنا إلى أطفالهم، دون منة توقيع رفع عتب على بيان هنا أو هناك.. لكننا نعرف أن احتياطات مؤننا تكتفي بنفسها لأشهر وليس لأيام.. إننا نشجب أي تجاوز في حق أبناء شعبنا من أي جهة كان، في حوران أو سواها.. لكننا، في الوقت ذاته، لا يمكن أن نغفل أن الكثير من الكلام والغضبات المضرية، التي تبدو محقة في الشكل، إنما يراد بها الباطل كله... لقد خرج الآلاف من أبناء الشعب يهتفون للحرية والإصلاح وقلنا هم على حق». وتابع: «لقد خرج الملايين من أبناء شعبنا في الثلاثاء الشهير يهتفون للحرية والإصلاح الوطني، معلنين ثقتهم الكاملة في الرئيس بشار الأسد لقيادة الإصلاح الوطني وللعبور ببلادنا إلى شاطئ الأمان. وقد كنا نأمل، بإخلاص، أن يلتقي الآلاف بالملايين لإنجاز برنامج إصلاحي شامل ينتظره السوريون جميعاً، لكن المفاجأة هي أن الحراك المطلبي أو بعضه انتقل في الأسبوع الثالث إلى رفع سقف المطالب إلى حد المجاهرة علناً بإسقاط النظام.. وأطلق البعض شعارات مذهبية تهدد النسيج الوطني بالتخريب ثم تصاعد المشهد إلى حد القتل بل الفجور في القتل، وبلغ الأمر حداً صار معه التنقل بين المدن السورية يمثل خطراً حقيقياً على أبناء الشعب، وهنا نسأل بصراحة هل من يقوم بذلك يريد إصلاحاً وحرية وتعددية أم يدفع البلاد إلى هاوية حرب أهلية مروعة ويستبطن تفتيت الوطن، تحقيقاً لأجندات معادية، منها ما عُرِف ومنها ما خفي وهو أعظم وأشد هولاً.. لنكن واضحين، وفي اللحظات المصيرية». ومضى المخرج السوري يقول: «لا مجال للتقية والتردد والمواربة.. إننا ندعم، وبكل قوة، البرنامج الوطني للإصلاح الشامل، القائم على نشر الحريات الإعلامية والسياسية، والمتحرك في اتجاه وطن يكون فيه المواطن، أولاً وقبل كل شيء، تحت حماية قانون هو الفيصل في علاقة المواطن بالدولة، برنامج يحارب الفساد والبطالة والتهميش ويشدد على الاستقلال الوطني والثوابت التي أجمع عليها الشعب السوري بالدعم الأصيل لقوى المقاومة العربية ومواجهة الصهيونية وتحالفاتها العربية والأجنبية، ويدفع جميع أبناء الشعب إلى المشاركة الفاعلة في إنجاز إصلاح اقتصادي وسياسي وثقافي شامل، كمدخل هادئ وموضوعي للانتقال ببلادنا الحبيبة إلى مستقبل آمن في وطن موحد، منيع، ديمقراطي وأصيل». وتابع مخرج «الكواسر» قائلاً: «إننا في هذه اللحظة التاريخية نعلن، بوضوح، أننا مع الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا، الذي أوضح أنه يرفض المغامرات والتدخلات المشبوهة، كما يرفض العنف المتطرف، الذي يهدد وحدة شعبنا ووطننا من أي جهة كانت. إننا مع شعبنا، الذي قبل بالمضي في طريق الإصلاح الشامل المتدرج، وصولاً إلى دولة عصرية ديمقراطية حد العلاقة فيها هي المواطنة وشكلها يقرره الشعب في صناديق الاقتراع وليس عبر السواطير والحرائق وفوهات الرشاشات وتقطيع أوصال البلاد»... واختتم أنزور بيانه بالقول: «إننا مع الأكثرية الساحقة من شعبنا، الذي قرر الانتقال إلى مستقبله، رافضاً العنف.. رافضاً الدم، رافضاً التكفير والقتل والتهديد وفتاوى الإبادة وتمزيق اللحمة الوطنية... رافضاً التبعية، بكل أشكالها، مصراً على دحر الفساد والتوزيع العادل للثروة... إن شعبا الذي علّم الحرية والبطولة لكل شعوب العالم، ليس في حاجة إلى من يعلمه كيف ينتزع حريته ويمضي بوطنه نحو الازدهار والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في دولة عصرية له وحده الحق في تحديد مواصفاتها وأشكال الوصول إليها بأساليب حضارية.. وهو يدرك تماماً أن الغربان التي تنعب في منابر سياسية وإعلامية، مهما ارتدت من عباءات، إنما تتربص بسوريا، الشعب والوطن والتاريخ والمستقبل... فالعار للناعبين بخراب سوريا الغالية، وليفهم أولئك المندسون في جراح سوريا أنها «جوزة» فولاذ لا سبيل لكسرها».