السمة البارزة والمشتركة التي تطبع جميع المظاهرات والتحركات الاحتجاجية في سوريا حالياً والتي خرجت قبل أسبوع للتعبير عن جملة من المطالب التي تعتبرها مشروعة هي عدم مطالبة المتظاهرين، في أي حالة، بإسقاط النظام. وأن المتظاهرين يطالبون حتى الآن بمكافحة الفساد، بالإضافة إلى القضاء على البطالة والفقر، وحرية الرأي والتجمهر وإلغاء قانون الطوارئ الذي يخنق أنفاس السوريين والمفروض منذ أزيد من أربعين سنة. وما حصل من تدمير لتمثال حافظ الأسد والد الرئيس بشار في إحدى المحافظات لا يعدو كونه، وفق محللين، رد فعل على عنف ودموية قوات الأمن ضد المحتجين المسالمين. واللافت أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يكن مطلقاً هدفاً لشعارات أو هتافات. وهذا يعني أن الأسد لديه الآن أفضل الظروف لوضع مستوى جديد لردود الفعل على المحتجين، وذلك من خلال تنفيذ إصلاحات من أعلى المستويات تستجيب لتطلعات المتظاهرين في الحرية والكرامة. لكن حزمة الإصلاحات المعلن عنها من مسؤولين مقربين من الأسد قليلة جداً وتأتي متأخرة، بحسب معارضين سوريين. وفي انتظار ساعة خطاب الرئيس السوري وما سيكشف عنه من مبادرات وخطوات وصفها مسؤولون مقربون من بشار الأسد بأنها هامة ومطمئنة، سارعت العديد من الشخصيات والفعاليات من مختلف أطياف الشعب السوري إلى استباق الخطاب بالإعلان عن مواقفها مما يجري من أحداث ساخنة في البلاد والمطالبة بالتغيير الديمقراطي الحقيقي. السياسيون يحذرون وأصدرت شخصيات معارضة بارزة في سوريا بيانا، أول أمس، أعلنت فيه استنكارها للطائفية والتزامها بالسعي إلى تغيير ديمقراطي دون اللجوء إلى العنف، وذلك في أعقاب الأحداث الدامية في مدينة اللاذقية السورية. وانتشرت قوات الجيش في اللاذقية في وقت متأخر يوم السبت الماضي في علامة رأى فيها البعض شكوكا في قدرة الشرطة على الحفاظ على النظام هناك. وتزامن العنف في اللاذقية مع انتشار اضطرابات مطالبة بالديمقراطية لم يسبق لها مثيل في سوريا قتل فيها 4 أشخاص على الأقل وفقا لنشطاء معارضين. وقالت السلطات السورية إن هجمات شنتها عناصر مسلحة على عائلات وأحياء في اللاذقية أسفرت عن سقوط 10 قتلى. وعاد الهدوء إلى اللاذقية، لكن العنف الدموي أثار شبح أن الأحداث التي كان منشأها في جنوب سوريا قد تتخذ أبعادا طائفية. ووصف مسؤولون سوريون الأحداث بأنها ''مؤامرة'' و''مشروع لبذر بذور صراع طائفي''. وبحسب وكالة ''رويترز''، قال الإعلان الذي وقعته شخصيات سنية وعلوية ومسيحية لهم تاريخ في معارضة احتكار حزب البعث للسلطة إنه يجب ''احترام التنوع الطائفي والإثني ومعتقدات ومصالح وخصوصيات كل أطياف المجتمع السوري وعدم السماح تحت أي ظرف ولأي كان بالإساءة إليها أو بانتهاكها أو بتقييد دورها في الحياة العامة والإقرار بحقها في التطور''. وأضاف ''يتعهد الموقعون على هذا ''العهد الوطني''... بالسعي المشترك لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية الحديثة التي تضمن المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحرية الأفراد انطلاقا من الإقرار بمبدأ المواطنة الذي ينظر لجميع المواطنين بشكل متساوٍ بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة''. وقال الموقعون على البيان أيضا إنهم يتعهدون ''بالامتناع عن كافة الأعمال والممارسات غير القانونية التي تثير المواطنين ضد بعضهم البعض وتسبب الأذى للأشخاص والممتلكات العامة والخاصة ويدعون المجتمع إلى نبذ القائمين بها كائنا من من كانوا''. وصدر البيان في دمشق. ومن بين الموقعين على البيان: ميشيل كيلو وأحمد طعمة والخبير الاقتصادي البارز عارف دليلة والصحفي البارز فايز سارة وفواز تللو. الفنانون يتحركون من جانب آخر، دعا أكثر من ثلاثين فنانا سوريا، أول أمس، من بينهم دريد لحام وعباس النوري ورشيد عساف وجمال سليمان وبسام كوسا وأيمن زيدان وسلافة معمار ويارا صبري، إلى ''إعلان الحداد على الشهداء في درعا'' و''محاسبة من تسبب في إراقة دماء''. ودعا الفنانون في بيانهم إلى ''إعلان حداد وطني في عموم سوريا على أرواح شهدائنا في محافظة درعا وباقي المحافظات''، كما طالبوا ب''محاسبة كل من تسبب في إراقة تلك الدماء الغالية وكشف الملابسات التي أدت إلى هذه الاضطرابات بشفافية تامة''. كما أشاد الفنانون ب''الخطوات الإصلاحية التي أعلن عنها مؤخرا من قبل القيادة السياسية''، مؤكدين ''على ضرورة الإسراع في تنفيذها وإتمام ما بدئ من إصلاحات، سواء المتعلقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كإيقاف العمل بقانون الطوارىء ورفع مستوى معيشة المواطن ومحاربة الفساد وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي وإصدار قانون الأحزاب''. وأعلن الفنانون تأييدهم ''لأي حراك سلمي يحقق كرامة وحرية ورفع مستوى معيشة المواطن السوري''، مؤكدين معارضتهم ''وبشدة أي شكل من أشكال التحريض والتجييش الذي من شأنه أن يأخذ البلاد إلى حالة من الفوضى والخراب والدمار''. وقال المخرج الليث حجو لوكالة ''فرانس برس'' ردا على سؤال حول ما سمي ''قوائم العار السورية'' على موقع ''فيسبوك'' التي ضمت فنانين ممن وردت أسماؤهم في البيان ''كلنا مواطنون سوريون وليس من حق أحد أن يوزع تصنيفات بمن هو الخائن ومن هو الوطني''. وتشهد سوريا منذ اسبوعين احتجاجات غير مسبوقة ضد النظام ولا سيما في درعا في جنوب البلاد. البرلمان يستفسر إلى ذلك، دعا مجلس الشعب الرئيس السوري بشار الأسد الى توضيح إجراءات تعزيز الديموقراطية التي وعد بها ووقف دقيقة صمت على أرواح قتلى تظاهرات الأيام الأخيرة، وفق ما صرح أحد أعضائه ل''فرانس برس''، أول أمس. وأكد النائب محمد حبش أن أعضاء مجلس الشعب ''تحدثوا بتقدير واحترام عن موقف الرئيس والاستجابة لمطالب الناس''. وأضاف ''في الوقت نفسه طلبنا توضيحا من القيادة عن الإجراءات التي ستتخذ وطلبنا أن يأتي الرئيس إلى البرلمان ويشرح الخطوات المطلوبة''. وتابع أن النواب ''وقفوا دقيقة صمت لأرواح الشهداء وهي بمثابة احترام للاحتجاجات والمطالب الشعبية''. وأفادت منظمات حقوق الإنسان أن حوالى 130 شخصا قتلوا، وعلى الأخص في درعا جنوب البلاد التي تشكل مركز الانتفاضة ضد نظام بشار الاسد. وفي اللاذقية ''على الساحل الشمالي الغربي'' قتل 15 شخصا منذ الجمعة الماضية، فيما أصيب 150 بجروح، بحسب حصيلة رسمية. وتحدث حبش عن وجود ''مؤامرة طائفية ضد سوريا والهدف منها تمزيق الشعب إلى طوائف وإثارة النعرات''. وقال ''هناك موقف واحد لرفض المؤامرة الطائفية ضد سوريا'' في المجلس. وأكدت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان لوكالة فرانس برس، الأحد الماضي، أن الأسد سيتوجه ''قريبا'' بكلمة إلى السوريين يتطرق فيها خصوصا إلى الإصلاحات المقبلة. خطاب الرئيس وكان فاروق الشرع نائب الرئيس السوري قد أعلن، أول أمس، أن الأسد سيوجه كلمة للشعب السوري خلال 48 ساعة وصفها ب''المطمئة''. وقال الشرع في تصريحات للصحفيين في دمشق: ''إن الرئيس الأسد سيلقي كلمة هامة خلال اليومين القادمين تطمئن كل أبناء الشعب، فترقبوها باهتمام لأنها هامة''، لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل عن هذه الكلمة. وتعليقا على حديث الشرع، قال عضو مجلس الشعب السوري محمد حبش في اتصال مع قناة ''الجزيرة'': إن ما ينتظره الناس من خطاب الرئيس الأسد هو إعلان رفع قانون الطوارئ الذي أعاق الحياة في البلد، وإقرار قانون الأحزاب والإعلام. وأضاف ''كما ننتظر تبييض السجون وإطلاق كافة معتقلي الرأي، بحيث يرتاح الناس وتتحول مطالبهم إلى مطالب عادية''. ومن جهته، قال حسن عبد العظيم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي والمتحدث باسم التجمع الوطني الديمقراطي المعارض: ''إن الشارع السوري يغلي والشباب يتحركون، وهذا يتطلب مبادرات سريعة لطمأنة الناس وكفالة حرية التجمع والتظاهر السلمي للتعبير عن مطالبهم المشروعة''. ودعا في اتصال هاتفي مع ''الجزيرة'' النظام السوري إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ فورا، مشيرا إلى أن الشعب السوري أصبح لا يصدق مسألة الوعود ويريد خطوات ملموسة على أرض الواقع. وأوضح أنه لم يجر أي اتصال رسمي حتى الآن بالتجمع أو المعارضة من أجل إجراء حوار لحل الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن المطلوب هو دعوة علنية وصريحة من خلال لجنة رسمية أو مؤتمر حوار وطني تشارك فيه كل الأطراف. مصادرة أسلحة وفي شأن غير بعيد، أعلنت السلطات السورية أنها صادرت قوارب محملة بالأسلحة قبالة سواحلها كانت قادمة من مدينة طرابلس الساحلية شمال لبنان. وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن مسؤولين سوريين لديهم شكوك بأن القوارب أرسلت من لبنان من قبل أتباع ''تيار المستقبل'' الذي يرأسه رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، والمعادي لنظام الأسد،. ونفى المتحدث باسم الحريري هذا الاتهام. ويأتي هذا بعد ساعات من نفي ''تيار المستقبل'' ما أوردته وسائل الإعلام من أن مناصريه تصدوا لمتظاهرين داعمين للرئيس السوري بشار الأسد في لبنان. وشدد المتحدث باسم ''المستقبل'' على ''حرصه وتمسكه بحرية التعبير بمختلف أشكالها، لاسيما حرية التظاهر ضمن ما نص عليه الدستور والقوانين التي ترعاها المؤسسات الدستورية والأمنية''، مؤكداً ''أننا غير معنيين لا من قريب ولا من بعيد بهذا الموضوع''. يشار إلى أن الرئيس السوري (45 عامًا) يتعرض لأخطر أزمة منذ تولّى السلطة قبل 11 عامًا، حيث انتشرت الاحتجاجات المناهضة لحكومته في شتى أنحاء البلاد.