خرج الآلاف من سكان مدينة درعا في جنوب سورية في مظاهرات حاشدة تزامنت مع وصول الوفد الحكومي لتقديم العزاء في القتلى الأربعة، الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في مظاهرات الجمعة الماضي. وأفادت مصادر إعلامية أن قوات الأمن أطلقت، أول أمس الأحد، الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، ما أسفر عن إصابة أكثر من ستين شخصا بجروح. وسعت الحكومة السورية إلى تهدئة حالة السخط الشعبي بالإعلان عن عزمها على الإفراج بصورة فورية عن خمسة عشر طفلا كانت السلطات اعتقلتهم في درعا بعد ما كتبوا على الجدران شعارات تطالب بالحرية. واعتبرت هذه التظاهرات أجرأ تحد للنظام السوري الحاكم بزعامة الرئيس، بشار الأسد، منذ اندلاع الثورات في أرجاء من العالم العربي. وأصدرت الحكومة السورية بيانا أكدت فيه أنه سيجري الإفراج عن الأطفال المعتقلين بصورة فورية. وقالت إذاعة "بي بي سي" إن احتجاجات عارمة اندلعت على خلفية اعتقال الأطفال حيث خرج سكان درعا، الجمعة الماضي، في مظاهرات للمطالبة بالإفراج عنهم, ما أدى إلى اشتباكات عنيفة رشق فيها المتظاهرون قوات الشرطة بالحجارة , وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل أربعة من المتظاهرين. وتجددت الاشتباكات أثناء تشييع جنازة القتلى، حيث أطلقت قوات الأمن السورية الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وأصدرت منظمات حقوقية سورية بيانا مشتركا اليوم طالبت فيه السلطات السورية بفتح تحقيق فوري وشفاف في تلك الأحداث وأسفرت عن سقوط القتلى الأربعة وتقديم المتورطين إلى القضاء المختص. واستنكرت تلك المنظمات ما وصفته بالسلوك العنيف وغير المبرر الذي اتبعته السلطات السورية أثناء تصديها للتجمع الاحتجاجي السلمي في درعا ظهر الجمعة الماضي. وقال بيان المنظمات الحقوقية إن قوات الأمن السورية استخدمت القوة المفرطة ضد المحتجين, الأمر الذي أدى لسقوط أربعة قتلى وعشرات الجرحى, وهو ما تزامن مع منع وتفريق عديد من التجمعات السلمية في مختلف المناطق السورية. ورأت المنظمات أن مسلك السلطات يتعارض مع "حق التجمع المدني السلمي المكفول بالمادة 39 من الدستور السوري النافذ, كما يتنافي مع تعهدات سابقة من الحكومة السورية بالحفاظ على حقوق الإنسان. وطالب البيان الحكومة السورية "باتخاذ كافة الإجراءات، التي تكفل للمواطنين حقهم المشروع في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي وعدم تقييد هذه الحقوق حتى في ظل حالة الطوارئ المعلنة". ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أن حوالي 10 آلاف شخص شاركوا في التشييع وهتفوا "الثورة, الثورة, انهضي يا حوران", في إشارة إلى سهل حوران، الذي تعد مدينة درعا عاصمته الإدارية. وكان المتظاهرون يشيعون جثمان وسام عياش، ومحمود الجوابره، اللذين قتلا في مظاهرات في درعا, ومن بين هتافاتهم "الله, سوريا, حرية. خائن من يقتل شعبه". وتوجه إلى درعا أعضاء لجنة التحقيق في الأحداث، التي أدت إلى مقتل خمسة شباب خلال مواجهات مع قوات الأمن قبل يومين في المدينة للاستماع إلى مطالب المواطنين. كما أكدت مصادر سورية واسعة الاطلاع أن الرئيس بشار الأسد أقال محافظ درعا، فيصل كلثوم، استجابة لمطالب مواطني المحافظة. وكانت السلطات السورية شكلت لجنة للتحقيق في الأحداث، التي شهدتها مدينة درعا, والتي خلفت مقتل ما لا يقل عن شخصين, مشيرة إلى أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته في هذه الأحداث.