يخضع مستشفى الأمراض العقلية في طنجة لإعادة هيكلة بنيته التحتية التي أصبحت في وضعية كارثية. وتجري الآن أشغال إعادة ترميم أجنحة المستشفى، التي باتت مهددة بالانهيار، بسبب الإهمال الذي لحقها منذ سنوات طويلة. وأدت عمليات الإصلاح، التي تسير بشكل بطيء جدا، إلى سقوط السور الذي يفصل المستشفى عن الشارع الرئيسي، مما جعل المرضى مكشوفين أمام أعين الجميع، وهو ما ينضاف إلى الوضعية الكارثية للمستشفى، الذي يعاني نزلاؤه من أحوال جد متردية، صحيا ومعنويا. وقال الطبيب الرئيسي داخل المستشفى ل«المساء» إن عملية الترميم والإصلاح كانت مبرمَجة منذ فترات طويلة وإن تحسينات جذرية سوف يشهدها هذا المستشفى في مختلف مرافقه. وحول ما إذا كانت من شأن هذه الإصلاحات التي تجري داخل المستشفى أن تتسبب في مشاكل للمرضى، نفى مسؤول المستشفى ذلك وقال إن جميع الإجراءات قد اتُّخِذت من أجل ضمان سلامة المرضى وعدم تعرضه لأي مخاطر، مهما كان نوعها. ويعاني مستشفى الأمراض العقلية في طنجة من نقص حاد في الأسِرّة وفي بعض المرافق العلاجية الضرورية، كالفضاءات الخضراء والمتنزهات، وهي فضاءات من شأنها أن تساعد على إخراج المريض من حالات الاكتئاب والضغط التي يعيشها، والتي كانت سببا في دخوله إلى المستشفى. ولا تختلف المشاكل التي يعيشها المرضى داخل مستشفى الأمراض العقلية في طنجة عن باقي المستشفيات في مناطق أخرى، فهناك مرضى داخل المستشفى تحسنت حالتهم النفسية والعقلية، لكن ذويهم تخلّوا عنهم وتركوهم وحيدين في المستشفى. ويقول طبيب المستشفى إن هناك مرضى يأتون من مناطق نائية في الشمال وتتحسن حالتهم، لكن المستشفى لا يمكن أن «يطردهم»، رغم أن أهاليهم تخلّوا عنهم. وقد شهد المستشفى حالات «هروب» كثيرة من قِبَل النزلاء، خصوصا أولئك الذين يعتقدون أن حالاتهم تحسنت وأنه لم يعد هناك سبب لبقائهم داخل المؤسسة الصحية، كما أن هناك نزلاء آخرين وجدوا أنفسهم يفترشون الأرض، بسبب عدم توفر أفرشة كافية. وسبق أن تعرض النزلاء لأمراض جلدية وتنفسية خطيرة بسبب الإهمال الذي كان يعاني من المستشفى. وقبل أشهر، تعرضت سبع نزيلات في «مستشفى الرازي للأمراض العقلية» في «بني مكادة» للعض من طرف فئران كبيرة الحجم (طوبّات)، حيث أصيبت على إثر ذلك اثنتان منهن بمرض «حمى الفئران»، وهو مرض وبائي خطير، وكانت وضعيتهما جد حرجة، رغم نقل إحداهما إلى مستشفى «الدوق دي طوفار»، متعدد الاختصاصات. وتتمثل أعراض هذا المرض في الإصابة بداء «بوصفير» والتعرض لنزيف داخلي يؤدي، في بعض الحالات، إلى الموت أو إلى العجز الكلي للكليتين، وفق ما تؤكده مصادر طبية. من جهة أخرى، طالبت جمعيات حقوقية بنقل مستشفى الأمراض العقلية والنفسية إلى منطقة أخرى غير مكتظة بالسكان، على اعتبار أن المرضى قد يشكلون خطرا عليهم، بسبب تواجد المستشفى وسط الأحياء السكنية. غير ان هناك مخاوف من إمكانية تحول المكان إلى إقامة سكنية جديدة، عوض جعلها مؤسسة صحية أو حديقة عمومية. وتدعو جمعيات المجتمع المدني في منطقة «بني مكادة» الجهات المسؤولة إلى التفكير في بناء مستشفى آخر خاص بالأمراض النفسية والعقلية، بعيدا عن السكان، من أجل ضمان راحة المرضى من جهة، والسكان، من جهة ثانية.