كانوا سبعة عشرة فردا حينما قدمتهم عناصر الشرطة القضائية بولاية أمن سطات على أنظار النيابة العامة لدى استئنافية سطات بعد سلسلة من عمليات السرقة كانت المدينة مسرحا لها طيلة سنة، والتي ظلت زمنا تحير عقول عناصر الضابطة القضائية بالمدينة. وقد كانت عناصر العصابة الإجرامية تستهدف الوحدات الصناعية والاقتصادية بالحي الصناعي وتترك بين عملية وأخرى حيزا زمنيا تستغله للتخطيط بحكمة وتروٍّ لعملية أخرى. وحدها سيارة استعملت في إحدى العمليات كانت خيطا مهما ساهم في كشف الحقيقة وفك ذلك اللغز المحير، الذي ترك رجال الأمن يتلهفون للوصول إلى مرتكبي عمليات السرقة الهوليودية. سرقات محيرة تعرضت شركة «ميكو» الكائنة بالحي الصناعي بسطات لعملية سطو من قبل مجموعة من الأشخاص مجهولي الهوية والأوصاف عمدوا ليلا إلى تسلق الجدار المحيط بالشركة وتمكنوا بعد الاعتداء على الحارس وتقييد يديه من الاستيلاء على مبلغ 43000 درهم بعد كسر أقفال الشركة وتخريب أجهزة الكاميرات المثبتة بجنباتها للحيلولة دون التقاط صور الجناة، الذين تمكنوا أيضا قبيل مغادرتهم مسرح الجريمة من الاستيلاء على سيارة من نوع إكسبريس، وظلت الأبحاث جارية لكشف رمز الجريمة، لكن دون جدوى. شهران بعد ذلك تعرضت شركة «ستيف ديفيزيون» لعملية سطو ليلا من قبل مجهولين تسللوا إلى داخلها وقاموا بكسر أقفال احد المستودعات واستولوا على كمية مهمة من لفائف ثوب الجينز، وظلت الأبحاث عن مرتكبي الجريمة دون جدوى. بعد ذلك أشعرت الشرطة من طرف حارس ليلي لشركة «اتيما لتعبيد الطرق» بوجود حركة غير عادية داخل مصنع مجاور له معد لخياطة الجينز، وهي الشركة التي كانت موضوع سرقة سابقة. وبعد انتقال عناصر الضابطة القضائية إلى عين المكان تبين أن حارسي المصنع وجدا مقيدي اليدين والرجلين، وعند دخول المصنع شوهد شخص كان بالداخل يلوذ بالفرار عبر سور المعمل ويختفي عن الأنظار، وقد تمكنت عناصر الشرطة من معاينة سيارة من نوع «سيتروين»، وعلى متنها السائق ومرافقان اثنان له، كانت متوقفة في طريق غير بعيدة عن مكان الحادث. وقد لاذ الثلاثة بالفرار بسرعة قصوى فتمت مطاردتهم من طرف عناصر الشرطة، لكنهم تمكنوا من الفرار.وبالرجوع إلى مكان الحادث حددت عناصر الشرطة عدد الجناة في ستة أشخاص قاموا بتفكيك خمس آلات خياطة ووضعها خارج المستودع، كما كسروا قفل باب حديدي بهدف سرقة ما بداخله من أثواب، غير أن تدخل الشرطة أفشل خطتهم، وبعد تنقيط السيارة الفارة تبين أنها في ملكية شركة بالدارالبيضاء. وبعد الانتقال إلى مقرها تبين أنها بيعت لأحد العمال بها، الذي باعها بدوره إلى (م.ف)، الذي تبين بعد البحث عنه أنه في حالة فرار. ومن خلال لائحة الاتصالات، التي كان يقوم بها بواسطة هاتفه المحمول تبين للضابطة أن للمشتبه به علاقة ب(ع.ي)، وهو الحارس القضائي المعين لحراسة مطاحن الحسنية بالحي الصناعي ويعمل مساعد سائق بمطاحن «ميكو» المجاورة. وتوصلت بعد ذلك مصلحة الشركة بمكالمة هاتفية من رئيس وكالة بريد المغرب بحي الفرح أفاد خلالها أنه تعرض بداخل نفس الوكالة للسرقة بالعنف والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض من طرف أربعة أشخاص لاذوا بالفرار، بعدما استولوا على مبلغ مالي يتجاوز 93000درهم. وبالتنسيق مع إدارة الأمن الوطني تبين أن (ع.ي) شد الرحال لمدينة الناظور للتخطيط لعملية سطو مماثلة على إحدى وكالات «ويستيرن يونيون». وبالتنسيق مع المصالح الموازية بالناظور تمت مراقبة المعني بالأمر وانتهت بإلقاء القبض عليه داخل وكالة بريدية حضر إليها دون أن يبرر سبب تواجده بها، ليعترف في الأخير بأن تواجده كان بهدف التخطيط والاستطلاع للسطو عليها، ليعترف بعد ذلك بشركائه («ا.ط»-«ع.غ»-«س.ر»-«م.ف»-«ح.ا») وهو من مدينة مكناس. كما تم الاهتداء إلى شركائه من مدينة سطات (ح.م) و(ر.ص)، وخلال البحث تبين أن (ع.ي) رأس حربة كل السرقات التي طالت الوحدات الصناعية بمدينة سطات رفقة زميله في العمل(ح.م)، بالإضافة إلى عملية السطو على بريد المغرب، التي نفذها رفقة مجموعة استقدمها من الدارالبيضاء، وهو ما جعل عناصر الضابطة القضائية تنتقل إلى البيضاء لإلقاء القبض على(م.ف)، الذي لاذ بالفرار تاركا سيارة كان يمتطيها رفقة أحد أفراد عصابته بعد أن صدم أحد المواطنين وألحق خسائر مادية بسيارة الشرطة المؤازرة، وتبين أن السيارة تعود ملكيتها إلى شركة «ميكو» التي سرقت سابقا وكانت تحمل صفائح مزورة. وبعد إلقاء القبض على المجموعة، التي تتكون من 17 عنصرا، تم تقديمهم على أنظار الوكيل العام للملك لدى استئنافية سطات، كل حسب الجناية أو الجنحة التي ارتكبها، فاختلفت الجنايات المرتكبة من تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة والمشاركة في السرقة بالسلاح إلى الاحتجاز والمشاركة في القتل وجنحة عدم التبليغ عن وقوع جناية والمشاركة في السرقة. أمام المحكمة اعترف(ح.م) بأنه هو الذي خطط للسطو على وكالة بريد المغرب بسطات، وأنه خطط صحبة المتهمين للسرقات، التي طالت الوحدات الصناعية بالحي الصناعي بسطات(مطاحن ميكو-ستيف ديفيزيون-سيتافيكس) وأنه بمطاحن الحسنية كان يرسم الخطط ويوزع الأدوار لتنفيذ عمليات السرقة التي استعملوا فيها أسلحة بيضاء، ويقوم بدور المراقبة عند التنفيذ. واعترف زميله (ع.ي) باقترافه عمليات السرقات بعد تخطيط مسبق وتبادل للأدوار مع المتهمين داخل مقر إقامة(ح.م) بمطاحن الحسنية، واعترف بالمشاركة في سرقة خردة الحديد من مطاحن الحسنية، وبالمشاركة في سرقة 26 بابا خشبيا، وبالسطو على وكالة بريد المغرب بسطات بالسلاح حيث تولى الاستيلاء على أموال الوكالة المذكورة، ونفذ السرقات التي طالت الوحدات الاقتصادية، واعترف المتهم(ع.غ) بأنه شارك في السطو على وكالة بريد المغرب، حيث قام صحبة(ا.ط)، الذي كان مسلحا بسكين بإسقاط موظف الوكالة وإدخاله إلى أحد المكاتب، فيما اعترف(ع.ع) بأنه قام رفقة(ع.ي) و(ا.ط) و(ع.غ) باقتحام الوكالة حيث تولى هو و(ع.ي) الاستيلاء على الأموال، بينما قام الآخران بإسقاط الضحية واحتجازه في أحد المكاتب، وأكد أنه موضوع بحث من أجل سرقة مواشٍ من منطقة سبع عيون. واعترف (ا.ط) بأنه شارك في السطو على الوكالة وأنه هو الذي طعن الضحية في عنقه بسكين وأصابه بجروح خطيرة كادت تودي بحياته. وبعد مناقشة ملابسات القضية قضت غرفة الجنايات الابتدائية بالحكم على كل متهم بعشرين سنة سجنا نافذا بعد متابعته بتكوين عصابة إجرامية والسرقة بالسلاح والسرقة الموصوفة بالنسبة للمتهمين (ح.م) و(ع.ي)، وبتكوين عصابة إجرامية والسرقة بالسلاح والاحتجاز والمشاركة في محاولة القتل العمد بالنسبة للمتهم (ع.غ)، وبتكوين عصابة إجرامية والسرقة بالسلاح بالنسبة للمتهم (ع.ع) وتكوين عصابة إجرامية والاحتجاز ومحاولة القتل العمد بالنسبة للمتهم («ا.ط»)، وبأداء المتهمين الأربعة الأوائل تضامنا مبلغ 60.000 درهم تعويضا لفائدة بريد المغرب. كما أدانت المحكمة (ع.ا) بعشر سنوات سجنا نافذا بعدما تابعته بجناية السرقة بالسلاح والاحتجاز. ونتيجة ارتكابه جنايات تكوين عصابة إجرامية والسرقة بالسلاح والاحتجاز وجنحة الضرب والجرح أدانت المحكمة المتهم(م.ش) بعشر سنوات سجنا نافذا. أما بالنسبة للمتهم (ر.ص) فقد أدانته المحكمة بست سنوات سجنا نافذا لارتكابه جنايتي تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة. كما قضت المحكمة بإدانة المتهم(م.ب) بأربع سنوات حبسا نافذا لتقديمه المساعدة لعصابة إجرامية. كما أدانت المحكمة المتهم (م.ص) بسنتين حبسا نافذا لارتكابه جناية السرقة الموصوفة وإخفاء شيء متحصل عليه من جناية. كما أدانت بسنتين حبسا نافذا في حدود سنة وموقوف التنفيذ في الباقي المتهم(ب.ق) لإخفائه شيئا متحصلا عليه من جناية. وقضت المحكمة أيضا بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم في حق المتهمين (م.ف) و(ح.ا) و(ا.د) و(س.ر) لعدم تبليغهم عن وقوع جناية ثابتة.