عادت أجواء الهدوء إلى مدينة سيدي إفني بعد أحداث الثامن عشر من غشت الجاري، وعادت الحياة الاجتماعية والاقتصادية إلى سابق عهدها، رغم مرابطة عدد كبير من سيارات القوات الأمنية المختلفة أمام مفوضية الشرطة المتواجدة بحي بولعلام. وارتباطا بأجواء التهدئة التي تسود المدينة، عقدت فعاليات محلية مساء أول أمس السبت لقاء أوليا في ما بينها، لدراسة كيفية ضمان نجاح التهدئة واستمرارها، وإيجاد طريقة للتواصل والحوار مع السلطات المحلية والأمنية بعيدا عن السكرتارية المحلية التي لا تعترف السلطات بتواجدها القانوني رغم تزعمها للاحتجاجات بالمنطقة منذ 2005، وقد حاول المجتمعون التكتم على تفاصيل الاجتماع الأول من نوعه بعد الأحداث الأخيرة، ورفضوا الدخول في تفاصيل الخلافات الحاصلة بين الأطراف الحاضرة وأكدوا على جدية الخطوة الحالية، ورغبة المشرفين عليها في تجاوز الإشكالات التي تعوق سير المدينة نحو التنمية. وفي هذا السياق، قال الحبيب الطلاب، عضو جمعية إفني آيت باعمران للتنمية الصحية والاجتماعية، إن المبادرة الحالية جاءت بعد «الاحتقان والتأزم الذين عاشتهما المنطقة، بسبب غياب فئة تتحاور مع السلطات المحلية والإقليمية والجهوية والمركزية، وهي مبادرة تسعى فتح قناة تواصلية مع السكان والسلطة معا، وفك العزلة والتهميش عن المنطقة، والنهوض بها تنمويا واجتماعيا واقتصاديا»، مضيفا أن «اللقاء تغيبت عنه الأحزاب بالصفة، نظرا لأنها في نظر ساكنة آيت باعمران غائبة عن التدبير الميداني للأزمة، وقد استدعينا إلى حضور اللقاء عددا من المنتخبين الذين لهم وزن وثقل وغيرة على المنطقة». وفي السياق ذاته، أكد جمال الوحداني، ممثل السكرتارية المحلية في لجنة الحوار، ب»أننا لا نريد أن نقصي أي طرف من الأطراف، ومازلنا ننتظر إطارات أخرى للالتحاق باللجنة الموسعة»، مشيرا إلى أن هناك رغبة «لدى الجميع في تأسيس إطار فدرالي يجمع كافة الهيئات الراغبة في الدفاع عن الملف المطلبي لآيت باعمران، في إطار التوجه العام نحو تهدئة الأوضاع والبحث عن حل مرضي لجميع الأطراف، واللقاء مؤشر خير وبصيص أمل يلوح في المستقبل». أما نور الدين العلمي، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، وعضو المركز المغربي لحقوق الإنسان بإفني، فأشار إلى أن اللجنة «وضعت لائحة مؤقتة لعدد من الشخصيات الغيورة على المنطقة، بهدف تطمين الساكنة والمشاركة عن قرب وبشكل متواز في المبادرات المقترحة من طرف الحكومة، حتى لا تضيع هذه المدينة في حقها من التنمية»، مشيرا إلى أنه «مازلنا نفكر بشكل جماعي من أجل الاتفاق على إطار يستوعب الصدمة، ويدافع في نفس الوقت عن مطالب الساكنة، في ظل وجود قيادة من المناضلين رهن الاعتقال». من جهته أوضح محمد سالم الطالبي، إحدى القيادات الميدانية للسكرتارية المحلية، «لن نقبل بأي شكل من أشكال التنازل عن مطالب الساكنة المحلية»، مضيفا في اتصال هاتفي معه أنه سبق للسكرتارية المحلية أن كانت سباقة لدعوة الأطراف المحلية والإقليمية إلى تحمل مسؤولياتها، وأخذ زمام المبادرة، ونحن نرحب بهذا الشكل الحواري من أي جهة تروم التوسط في إيجاد حل لحالة الاحتقان، ونعتبر نجاحه مكسبا وخطوة هامة في اتجاه تحقيق إجماع لكافة الفعاليات بالمدينة». وعلى صعيد التطورات الميدانية، اعتقلت السلطات الأمنية بمدينة إفني عبد المالك الإدريسي، مستشار جماعي ببلدية إفني وعضو بالسكرتارية المحلية، بإحدى المقاهي العامة المتواجدة بالمدينة، وقد خلف اعتقاله استياء كبيرا في صفوف السكان، باعتبار أنه يمثل جزءا من الساكنة المحلية بالمجلس البلدي، وأن المنطقة مقبلة على الانتخابات البرلمانية الجزئية في غضون الأيام القليلة المقبلة، وقد عبر أعضاء بلجنة الحوار عن امتعاضهم من إقدام السلطات على هذه الخطوة، التي تصب الزيت على النار –حسب تعبيرهم- وطالبوا الأجهزة الأمنية بتقديم تفسير لهذا الاعتقال غير المفهوم، وإطلاق سراح المستشار الجماعي في أقرب وقت. يشار إلى أن لقاء لجنة الحوار، الذي عقد بأحد المنازل الخاصة، حضره إلى جانب أعضاء بالسكرتارية المحلية، عدد من أعيان ووجهاء المنطقة، وأعضاء بهيئة الدفاع عن معتقلي السبت الأسود، وبعض المستشارين الجماعيين ببلدية إفني وبرلماني واحد عن دائرة تيزنيت، إضافة إلى بعض ممثلي الجالية البعمرانية المقيمة بكل من فرنسا وإسبانيا، وعدد من رؤساء الجمعيات التنموية والحقوقية بإفني والعيون.