كشفت آخر التحريات التي أجريت حول سفاح تنغير، والذي تم اعتقاله في نهاية الأسبوع الماضي، من قِبَل محققين تابعين للدرك، أنه قد سبق أن تم اعتقاله، في منتصف تسعينيات القرن الماضي، على خلفية هتك عرض قاصر في أحد دواوير هذه البلدة، التي تحولت إلى عمالة في التقسيم الإداري الأخير. وأمضى هذا المتهم، الذي لا يتجاوز عمره حاليا 31 سنة، عقوبته السجنية دون أن يتجاوز عمره، في تلك المرحلة، حوالي 16 سنة. لكنه، وبمجرد مغادرته أسوار الإصلاحية، عاد مجددا إلى هوسه وبدأ «مشوار» اختطاف الأطفال واغتصابهم في عدد من الدواوير المنتمية إلى جماعة «تودغى السفلى»، قبل أن يخنقهم ويرمي جثثتهم في «الخطارات». وبلغ عدد الضحايا الذين تم اكتشاف جثتهم والتوصل إلى هوياتهم، بعد التحقيق معه، إلى حوالي 5 أطفال في المدينة منذ سنة 1997، وهو التاريخ الذي لم يتجاوز فيه عمره بعد ال16. وربطت عدد من العائلات التي تعرَّض أبناؤها للاختفاء في المنطقة الأمر بغرباء يسرقون الأطفال بغرض استغلالهم في عمليات سحر وشعوذة واستخراج للكنوز، وقُيّدت جل شكايات اختفاء هؤلاء الأطفال ضد مجهولين، قبل أن يتم اكتشاف جثة طفل اختفى يوم فاتح مارس 2010 في أحد الحقول، الذي اضطر الجاني إلى ترك الجثة فيه، بعدما أحس باقتراب أشخاص منه، وهو يحمل الجثة للتخلص منها في مكان «آمن»، بعدما وجد أن «الخطارة» التي يرمي فيها ضحاياه تم إغلاقها بقفل. والغريب في أمر هذا السفاح، المعروف لدى الأوساط في المنطقة بهدوء طباعه واختياره الانزواء أنه كان حاضرا أثناء التجمهر الذي خلّفه اكتشاف جثة الطفل الذي لم يكن سوى أحد أطفال جيران عائلة السفاح. وتفاجأ المحققون أثناء إعادة إحياء هذا الملف بانتماء جل المختفين إلى دواوير متقاربة، وقادت التحريات إلى وضع اليد عليه واعترف بالتهم المنسوبة إليه وقاد رجال الدرك إلى إحدى «الخطارات» المتواجدة في الدور المهجورة في دوار «الحارث»، حيث أمدّهم بتفاصيل مرعبة تتعلق بالطرق التي يلجأ إليها لاستدراج الأطفال، قبل أن يرافقهم إلى مناطق مهجورة، حيث يختلي بهم ويجبرهم على نزع ملابسهم ويقوم باغتصابهم ويقرر، بعد ذلك، في حالة هستيرية، خنقهم ورميهم إلى البئر. ويعود بعد ارتكابه هذه الجرائم إلى منزله العائلي «هادئا»، دون أن يثير أي شكوك في أوساط معارفه أو المتعاملين معه. وكانت عائلة الطفل الذي فضحت جثته هذا السفاح أول من أصيب بالذهول عندما علمت أن مرتكب هذه السلسلة من الجرائم لم يكن سوى الشاب «محمد»، الذي يقطن بجوارها، والذي يُعرَف بأنه كان لا يحب الاختلاط كثيرا مع الشبان من نفس عمره ويميل لأكثر إلى الانعزال. وقد أحيل السفاح، الذي بدأ مشوار جرائمه صغيرا لا يتجاوز عمره ال16 ليمتد هذا المشوار الدامي حوالي 14 سنة، دون أن ينكشف أمره، يوم الأحد الماضي (24 أبريل) على قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في ورزازات لمواصلة التحقيق معه حول التهم التي اعترف بارتكابها، فيما ينتظر سكان المدينة أن تتحرك مختلف الأجهزة الأمنية لإماطة اللثام عن العشرات من حالات الاختطاف في أوساط الأطفال، والتي شهدتها المنطقة التي يتهم سكانها السلطات الأمنية بالتقصير.