اضطر قاض في المحكمة الابتدائية في مدينة سيدي قاسم، خلال الأسبوع المنصرم، إلى رفع الجلسة التي كان يترأسها وتأجيل البت في ملف معروض على أنظاره، بعدما اندلعت، فجأة، احتجاجات صاخبة وسط قاعة الجلسات، تدين طريقة تدبيره لهذا الملف. ودخل أحد المتقاضين في مشادات كلامية مباشرة مع رئيس الجلسة، بعدما رفض هذا الأخير الاستجابة لطلب شفوي تقدم به المتقاضي للسماح له بتوضيح ملابسات القضية الرائجة أمام المحكمة والكشف عن حقائقها، بصفته مُوَكلا من طرف مجموعة من سلاليي «دوار الفضول»، الواقع ضمن النفوذ الترابي لجماعة «المرابيح»، للحديث نيابة عنهم في الدعوى التي رفعوها ضد نائب الجماعة بتهمة خيانة الأمانة، بعد موافقته على منح شركة خاصة حق استغلال مقلع للرمال بشكل عشوائي وغضه الطرف عن خرقها المستمر لدفتر التحملات وتراميها على جزء من أراضي الجماعة، كان فلاحو المنطقة يخصصونه للرعي. وأعلن العشرات من السلاليين، الذين حضروا لتتبع أطوار هذه المحاكمة، تضامنهم مع ممثلهم، محمد الجعواني، وتعالت أصواتهم داخل القاعة منددة بمنع القاضي له من الإدلاء بتصريحاته أمام هيئة الحكم والتهديد باعتقاله، حيث رددوا هتافات تطالب بالمحاكمة العادلة والنزيهة وبإنصاف المظلومين وتشجب العلاقات المشبوهة والرشوة والانصياع لذوي النفوذ، ودعوا ملك البلاد إلى التدخل لوقف ما وصفوه ب«التجاوزات والخروقات الخطيرة» التي يعرفها ملفهم. ولم تهدأ فورة الغضب التي انتابت السلاليين، بعد تأخير البت في قضيتهم إلى الخامس من شهر ماي القادم، إلا بتدخل شخصي من طرف وكيل الملك لدى ابتدائية سيدي قاسم، الذي باشر الحوار مع المحتجين، الذين كانوا مؤازرين بالنشطاء الحقوقيين للفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، واستمع لملاحظاتهم ومؤاخذاتهم ووعد بالحرص على أن يأخذ هذا الملف مجراه الطبيعي. ويذكر أن سلاليي «دوار الفضول» يخوضون، منذ أسابيع، اعتصاما مفتوحا، لإثارة انتباه مسؤولي ولاية جهة الغرب الشراردة بني احسن إلى إقدام شركة خاصة توجد في ملكية جهة، قالوا إنها تتمتع بنفوذ مالي وسلطوي، على احتلال أراضيهم ونهب رمال واد مجاور لها، دون سند قانوني. وقد ساهم تعنت الشركة المعنية في احتقان الوضع في المنطقة التي أضحت تعرف غليانا شديدا. ورغم توافد عناصر القوات العمومية إلى عين المكان، فإن السلاليين قرروا مواصلة الاعتصام إلى حين سحب المشتكى بها آلياتها من أراضيهم والتوقف النهائي عن استخراج الرمال. وقال المتضررون، الذين نظموا، يوم الجمعة الماضي وقفة احتجاجية أمام مقر عمالة سيدي قاسم، في رسائل وُجهت للعديد من الهيئات الحقوقية، وتوصلت «المساء» بنسخ منها، إن الشركة المملوكة لعائلة تتباهى بعلاقاتها غير المحدودة مع جهات نافذة تستنزف ثروة المنطقة، دون أدنى احترام لدفتر التحملات، وأشارت إلى أن استخراج رمال «واد ورغة» بشكل فوضوي كانت له تأثيرات بيئية سلبية على الجماعة السلالية وألحقت بها أضرارا مادية ومعنوية جسيمة.