تود الرابطة الليبية لحقوق الإنسان إفادتكم بأن مندوبها في بنغازي قد تمكن من زيارة بعض أسرى الحرب، الذين وقعوا أسرى على يد قوات المجلس الوطني الانتقالي، بغية التأكد، ريثما يصل مندوب عن الصليب الأحمر، من أن المعاملة التي يلاقيها هؤلاء الأسرى تتفق مع اتفاقية جينيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب وتحترم بنودها. وقد فوجئ مندوب الرابطة في بنغازي بوجود أسرى أجانب (مرتزقة) من جنسيات مختلفة، بمن فيهم أسرى جزائريين، انخرطوا كمرتزقة للقتال في صفوف كتائب القذافي التي تشن حربا مفتوحة ضد شعبها وضد الديمقراطية، التي بدأ المجلس الوطني الانتقالى يزرع بذورها في المناطق المحررة، التي تمردت على نظام العقيد القذافي الاستبدادي، الذي حكم ليبيا بقبضة حديدية خلال الاثنين وأربعين سنة الأخيرة. تثمن الرابطة الليبية عاليا موقف الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان من قضية الديمقراطية في ليبيا وضرورة إقامة نظام ديمقراطي بديل لنظام العقيد القذافي الدكتاتوري، مبنى على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان، وهي تشيد بنضالها داخل الجزائر وخارجها، خاصة نضالها في الإطار المغاربي، من أجل تقدم الديمقراطية وصيانة احترام حقوق الإنسان في أقطارها. ولا يسعنا في هذا الإطار إلا أن ننقل لكم ما جاء في بعض الشكاوى التي حملها إلى مندوبنا جزائريون وقعوا في الأسر خلال مشاركتهم في صفوف كتائب العقيد القذافي الدكتاتوري في المعارك الدامية التي شنتها هذه الكتائب ضد الليبيين. وتدور الشكاوى كلها حول عدم معرفة هؤلاء الأسرى وجهلهم بما يجرى في ليبيا واستنكارهم لموقف الأجهزة الأمنية الرسمية الجزائرية التي أوهمتهم خلال عملية التجنيد بأنهم ذاهبون إلى ليبيا للقتال ضد قوات «القاعدة في المغرب الإسلامي»، التي غزت شرق ليبيا، كما يقول هؤلاء الأسرى. وقد أغرتهم الأجهزة الأمنية، حسب بعض الشكاوى، ليس بالمرتب المالي فقط، وإنما أيضا بسرعة نهاية الحرب وإمكانية حصولهم على عمل ثابت في ليبيا بعد الحرب يمكنهم من العيش الكريم. وقد قدر بعض الأسرى عدد الجزائيين (المرتزقة)، الذين جندتهم الأجهزة الأمنية الجزائرية للحرب مع كتائب القذافي في ليبيا، بحوالي ألفين إلى ثلاثة آلاف مرتزق. ويعتقد مقدمو الشكاوى (الأسرى) بأنهم في مهمة رسمية للحكومة الجزائرية وبأن هذه الحكومة تتحمل المسؤولية التامة للمصير الذي آل إليه هؤلاء الأسرى/ المرتزقة ولسلامتهم، وبأنهم ما كانوا لينخرطوا في مثل هذه مهمة لو لم يكونوا متأكدين من أنها مهمة حكومية قانونية تشرف عليها أجهزة حكومية جزائرية رسمية. ليس للرابطة الليبية شك في أنكم تشاطرونها الرأي بأن المرتزقة، أيا كانت جنسيتهم أو الجهة التي جندتهم، لا يدخلون ضمن التعريف الوارد في البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف وغيرها من المعاهدات ذات الصلة حول تعريف المقاتلين، وهم، أي المرتزقة، محرومون قانونيا من التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب، كما نصت عليه اتفاقيات جنيف في 12 غشت 1949 في المادة 47 من ملحق البروتوكول الأول الإضافي المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة. وقد أكدت اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر هذا المفهوم وأجازت ملاحقتهم قضائياً في حالة ارتكابهم جرائم تنمّ عن عدم احترامهم القانون الدولي أثناء النزاعات المسلّحة، وهذا ما هو ثابت وموثق بالنسبة إلى جميع المرتزقة المنخرطين في الحرب الدائرة الآن في ليبيا، حيث إن المسؤول عن انتهاك القانون الدولي الإنساني من طرف كتائب القذافي ومن هم في صفوفها هو القاعدة. ورغم هذا، فإن الرابطة سوف تقوم، في مبادرة منها، بكل ما من شأنه إصدار عفو من المجلس الوطني عن هؤلاء المغرر بهم وضمان عودتهم إلى الجزائر، وإلى أهلهم وذويهم سالمين. إننا على ثقة تامة أنكم سوف تعطون موضوع مشاركة مرتزقة جزائريين في حرب ضد الشعب الليبي أهمية خاصة، نظرا إلى خطورة الموضوع الذي سوف يتسبب في مشاكل سياسية وأمنية كبيرة، إذا لم يتم تداركه بسرعة، بين بلدينا، وحساسية بين الشعب الجزائري والشعب الليبي، الذي صدم من موقف الحكومة الجزائرية غير الودي تجاه قضية الديمقراطية في ليبيا وقضية انعتاقه من نظام العقيد القذافي الاستبدادي. لم يكن الليبيون الذين قدموا تضحيات جسيمة، باعتراف قادة الثورة الجزائرية الحقيقيين، في سبيل تحرير الجزائر وانعتاق الشعب الجزائري من براثن الاستعمار، يعتقدون أن تقف هذه الأخيرة في الصف المعادي لحق الشعب الليبي في التمتع بنعم الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. أمل الرابطة الليبية كبير في أن تتخذ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، المعروفة بالشجاعة والجرأة، الخطوات المناسبة لثني الحكومة الجزائرية عن سياسة العداء للشعب الليبي والكف عن إرسال مرتزقة للمشاركة مع كتائب القذافي في الحرب التي يقودها العقيد القذافي ضد الليبيين. ويحذو الرابطة الليبية الأمل الكبير في أن تقود الرابطة الجزائرية حملة إعلامية لشرح الموقف للجزائيين وحثهم على الوقوف ضد زج الحكومة الجزائرية بشباب الجزائر في حرب العقيد القذافي على شعبه وتحذير النخبة الجزائرية من خطورة هذه الأعمال المنافية لأبسط قواعد علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.