غادر جمال العطاري، المدير السابق للمركز الجهوي للاستثمار في جهة الغرب -الشراردة، منصبه منذ نهاية شهر مارس الماضي، بعدما أشرف وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، على مراسيم تعيين هشام العلوي المدغري خلفا له. لكن العطاري لم يتم تعيينه، في حفل رسمي، على رأس المركز الجهوي للاستثمار في جهة فاس -بولمان سوى مساء يوم أول أمس الأربعاء، في حفل نُظِّم بمقر ولاية جهة فاس، وهو الحفل الذي حضره أيضا يوسف الرابولي، مدير المركز بالنيابة، والذي تم إعفاؤه من منصبه وتحويله إلى «كراج» ولاية الجهة، التي كان يعمل فيها سابقا كإطار في قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، قبل أن يقرر والي الجهة، محمد غرابي، تعيينه على رأس المركز الجهوي للاستثمار بالنيابة، خلفا لمدير المركز الأسبق، الذي توفي في حادثة سير. وقد أشرف الاتحادي أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، على هذا الحفل الذي استُدعي إلى حضوره عدد من المستثمرين والمستشارين ورؤساء المصالح الخارجية، إلى جانب صحافيين محليين. ويعد المدير الجديد لهذا المركز من خريجي مدرسة المفتشية العامة للإدارة الترابية، حيث سبق له أن عمل كمفتش، قبل أن يتم تعيينه مديرا للمركز الجهوي للاستثمار في القنيطرة، فيما يقدم المدير السابق للمركز بالنيابة على أنه من «مريدي» والي الجهة الحالي، محمد غرابي. وقد قرأ بعض المتتبعين للشأن المحلي قرار «الإعفاء» على أنه «قص» قامت به السلطات المركزية في «ردهات» وزارة الداخلية لأحد «أجنحة» والي الجهة، بعد تنامي الاحتجاجات في مختلف مناطق الجهة وفي أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية. وقد تعرَّض المدير السابق لمركز فاس بالنيابة ل«حملة» انتقادات واسعة، صدرت آخرها عن جمعية رؤساء شركات برنامج «مقاولتي» في فاس، والذين لجأ البعض منهم إلى «إنشاد» محنتهم عبر موقع «يوتوب»، على إيقاع «نغمات» العود، متهمين السلطات المكلفة بالبرنامج بالتخلي عنهم ومتهمين الأبناك ب»امتصاص دمائهم وعرق جبينهم». لكن أهم «صفعة» تلقاها مدير المركز بالنيابة هي عبارة عن رسالة مجهولة وجّهها عدد من الموظفين داخل المركز إلى وزير الداخلية، وكانت «المساء» قد توصلت بنسخة منها. وتتحدث هذه الرسالة عن «شوائب تمس سمعة ومصداقية» هذا المركز، وتطالب الوزير ب«فتح تحقيق» شأنها. وقد أُرفِقت الرسالة بجدول يسرد تفاصيل دقيقة عن ميزانيات للمركز وسجلت عنها ملاحظات وصفتها ب»اختلالات» في طرق تدبير أموال هذه المؤسسة. وقال هؤلاء بالحرف إن مركز الاستثمار تحول إلى مكتب استقبال «السماسرة وأصدقاء المدير وبعض الصحافيين الذين لم يحلُموا يوما بدخول المركز والتربع على مكتب السيد المدير». وذكرت الرسالة أن مدير المركز بالنيابة منح رخصا لاستغلال الحانات في «ملابسات غامضة» وأوردت أن أحد هؤلاء منح مبلغ 300 ألف درهم مقابل الحصول على رخصته، التي أصبح يستعملها لاستغلال حانة وليس مطعم. ووصف مصدر مقرب من مدير المركز بالنيابة، حينها، الرسالة ب« الكيدية» و»الصادرة عن جهات ربما كانت لها مصالح في المركز أو من أطراف تقاوم الطريقة الشفافة التي تُسيَّر بها هذه المؤسسة». وقال المصدر إن المركز يشارك في نوعين من الاجتماعات التي تهم مجال الاستثمار في المدينة، يتعلق أولها باجتماع رسمي للجنة الجهوية للاستثمار، ويعقد في مقر الولاية ويترأسه والي الجهة، بحضور رؤساء جميع المصالح المعنية، وضمنها مدير المركز، ويختتم هذا الاجتماع بمحضر رسمي، يوقع من قِبَل جميع أعضاء اللجنة وترسل نسخ منه إلى جميع المصالح المشاركة فيه. ويهم النوع الثاني من الاجتماعات اجتماعات تحضيرية لهذه اللجنة، وتعقد في المركز الجهوي للاستثمار، وتحضرها جميع المصالح المعنية بملف الاستثمار كما يحضرها مدير المركز ومعه موظفون ينتمون إلى المؤسسة، وتنجز محاضر هذه الاجتماعات في حينها، كما تسلم نسخ منها للحاضرين، في الحين، قصد التوقيع عليها. وأورد المصدر أن دور المركز الجهوي للاستثمار بخصوص محلات ترويج المشروبات الكحولية يتجلى في جمع اللجنة المكلفة، والتي تقوم بالإطلاع على تقارير المصالح التقنية والتي تعتمدها في منح أو رفض الرخصة. وقال إن إقحام الصحافة المحلية، في هذه الرسالة، يعتبر سبة للصحافة المحلية. واعتبر المصدر أن كل ما تضمنته الرسالة من كلام حول نفقات المركز لا أساس له من الصحة، مضيفا أن الإدارة تحرص على إنفاق أقل ما يمكن، «والدليل على ذلك أن نفقات المؤسسة لم تتجاوز 30 في المائة من الميزانية العامة المرصودة للمركز». وعلاوة على ذلك، فإن عددا من المنعشين العقاريين والمستثمرين في الأحياء الصناعية في المنطقة يشتكون من الطرق التي تدار بها ملفات الرخص الاستثنائية، كما يشتكون من تدهور البنيات التحتية لجل المناطق الصناعية ومن عدم الاهتمام بمشاكلهم. وكانت فاس تصنَّف، في لائحة المدن المغربية، في المرتبة الثالثة من الناحية الاقتصادية، إلا أنها سجلت تراجعات مهولة في الآونة الأخيرة وتحولت أهم الاستثمارات فيها إلى مجال العقار الذي يذر على أصحابه أموالا طائلة، دون أن يُشغّل الكثير من اليد العاملة ومن الأطر ومن حاملي الشهادات، ودون أن يدر على الدولة إلا مداخيل قليلة، بسبب «الامتيازات» التي تُمنَح عادة للمستفيدين من الأراضي، مقابل تشييد تجزئات سكنية وعمارات.