يجر جورج سمعان خلفه تجربة إعلامية متميزة، فهو بدأ مثل غيره من رجال ونساء الصحافة المكتوبة في لبنان من الصحافة البيروتية وانطلق نحو الصحافة العربية. يتحدث عن معضلات الصحافة العربية بوضوح شديد، ويرى أن عصر الصحافة الورقية ليس إلى زوال حتى وإن كان التهديد كامنا اليوم في التلفزيون وفي الأنترنت. يبدو كثر تفاؤلا عند حديثه عن مستقبل الصحافة العربية المكتوبة، ويرى أن الأمر سينتهي بأن يقع تحالف بين الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية والفضائيات.. فلا خوف من بطالة الصحافيين. وقال في ندوة الإعلام إن هذا الهم ليس هما للصحافة العربية وحدها، بل من حسن الحظ أنه هم للصحافة الدولية أيضا، فالعرب إذن ليسوا وحدهم في المعركة. بدأ جورج سمعان مشواره الإعلامي في بداية السبعينات أثناء دراسته الجامعية بجريدة «النهار» من عام 1972 إلى عام 1988... بعدها انتقل إلى لندن وشارك في إعادة إصدار صحيفة «الحياة»، وعمل فيها كمدير تحرير إلى عام 1993، ثم عين رئيس تحرير لمجلة «الوسط» إلى منتصف عام 1998، وأخيرا تقلد منصب رئيس تحرير «الحياة». ومؤسسة الحياة الصحفية أسسها كامل مروة عام 1946 بعد حياة سياسية صاخبة حيث كان شخصا ذكيا جداً وسياسيا من الدرجة الأولى، أنشأها آنذاك في مكتب صغير بداخل جريدة «النهار»، ثم تطورت وتميزت عن الصحف اللبنانية المحلية التي كثر عددها في ذلك الوقت، بأنها لم تكن تهتم بهموم لبنان فحسب بل شملت بمفهومها وطرحها العالم العربي والإسلامي والدولي... وكان كامل مروة يتمتع بعلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية، كما أنه كان من المهتمين بالدعوة إلى قيام منظمة المؤتمر الإسلامي، وواصل عمله وتطويره ل»الحياة» إلى أن اغتيل عام 1966. عن علاقة موقع الإصدار بالأداء الإعلامي، يرى سمعان أن أي صحيفة تتأثر بالمكان الذي تصدر منه مهما قيل عكس ذلك، يقول: «أعتقد أن الصحافة العربية الصادرة في الخارج أثرت كثيراً في دفع الصحافة المحلية في الدول العربية إلى توسيع هامش الحرية، ثم جاءت ثورة الأنترنت لتزيده اتساعاً... وأعتقد أننا نعيش نهاية عصر الرقابة في العالم العربي، ولم يعد هناك مجال، بعد الفضائيات التي فرخت في سماء العالم العربي كالفطر، أي مجال للرقابة الرسمية كما كانت تمارس في السابق». ويعتبر جورج سمعان أن وزارات الإعلام أصبحت عديمة الفائدة في العالم العربي في ظل الاختراقات التي تمثلها الفضائيات والشبكة العنكبوتية. ولا يرى أن الأنترنت يشكل أي تهديد للصحافة المكتوبة، فانتشاره في العالم العربي لايزال محدوداً بسبب مشاكل الأمية وضعف الاتصالات... ولا يعتقد أن أي وسيلة إعلامية أخرى ستقضي على الصحافة المطبوعة، فلدينا تجربة سابقة عندما انتشر الراديو والإذاعة وقيل «وداعاً للصحافة المكتوبة»، وثبت أن ذلك الاعتقاد خاطئ. بالمقابل، يذهب إلى أن هناك أزمة واجهتها الصحافة الغربية وتواجهها اليوم الصحافة العربية، وهي كيف نواجه التحدي الذي تفرضه الفضائيات والأنترنت، فالصحافة الغربية عدلت مفاهيم تناولها لكتابة الأخبار والتحليلات، والصحافة العربية بدأت تخطو خطوات لإعطاء حيز أكبر لتحليل حيثيات الخبر ونشر التحقيقات المتميزة، فالفضائيات ألغت نهائياً من أمام الصحافة المكتوبة مفهوم السبق سواء بالصورة أو بالخبر، مما يدعو إلى البحث عن الوسائل التي تمكن الصحافة المكتوبة من مواكبة التحدي والتغلب عليه.