دخلت الفيدرالية الديمقراطية للشغل منعطفا خطيرا بعدما أصبح لها مكتبان مركزيان وكاتبان عامان، كل واحد منهما يمثل فريقا داخل النقابة. ومن المنتظر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة معركة قضائية بينهما من أجل تحديد أيهما أحق بحمل اسم الفيدرالية الديمقراطية للشغل ومقراتها. وبعد أن تمكن فريق داخل الفيدرالية يوم الجمعة 18 مارس الجاري من انتخاب مكتب مركزي واختيار عبد الحميد فاتيحي رئيسا للنقابة، عقد فريق آخر داخل نفس المركزية أول أمس السبت اجتماعا حضره 123 عضوا من أعضاء المجلس الوطني، فيما تعذر على ستة آخرين الحضور. وقد انتخب خلال هذا الاجتماع مكتب مركزي مكون من 15 عضوا بالاقتراع السري بعد تقديم 31 عضوا من أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية ترشيحاتهم، وتم اختيار عبد الرحمان العزوزي كاتبا عاما جديدا للفيدرالية الديمقراطية للشغل لولاية ثانية، بحضور عون قضائي تابع أطوار الاجتماع من بدايته إلى غاية إعلان تركيبة المكتب المركزي. وخلافا لاجتماع الفريق الأول الذي انعقد يوم 18 مارس، فإن اجتماع الفريق الثاني أول أمس السبت، حظي بمباركة القوى السياسية الممثلة داخل الفيدرالية الديمقراطية للشغل. إذ فضلا عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اعتبر الحزب الاشتراكي الموحد في بلاغ له اجتماع 18 مارس «غير شرعي» لأنه «انعقد بدعوة من جهة لا تملك الصفة والأحقية لذلك، ولكونه تم بدون استدعاء كل أعضاء المجلس الوطني واشتغاله في ظل خرق سافر للمادة 41 من القانون الأساسي للفيدرالية الديمقراطية للشغل». كما أن سكرتارية حزب اليسار الأخضر المغربي دعمت هي الأخرى، في بلاغ مقتضب لها، اجتماع أول أمس السبت، فضلا عن أن سبعة أعضاء ينتمون إلى حزب التقدم والاشتراكية والأعضاء بالمجلس الوطني الفيدرالي شاركوا في هذا الاجتماع. وكانت الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التي عقدت مؤتمرها الأخير في شهر نونبر الماضي، قد عجزت لمدة تقارب أربعة أشهر عن انتخاب أجهزتها القيادية بسبب وجود خلافات بين تيارين، واحد يدعم عبد الحميد فاتيحي والآخر يدعم عبد الرحمان العزوزي. وفي الأخير اختار كل فريق أن ينتخب هياكله القيادية بمعزل عن الآخر. ومن تداعيات هذا الصراع مسارعة عدد من الكتاب العامين لقطاعات العدل والبريد والثقافة والصحة والتعليم إلى تقديم استقالتهم من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية احتجاجا على ما أسموه تدخل هذا الأخير في الشؤون الداخلية للمركزية النقابية. كما أن حوالي 60 عضوا من الفريق المساند لعبد الحميد فاتيحي اعتصموا صباح أمس الأحد أمام مقر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في الوقت الذي كان يعقد فيه هذا الأخير اجتماع مجلسه الوطني. وفضلا عن ذلك، يعتزم فريق عبد الحميد فاتيحي رفع دعوى قضائية اليوم الاثنين من أجل تحديد مصير ما يفوق من 200 مليون سنتيم تم سحبها في الأيام الأخيرة الماضية من حساب الفيدرالية الديمقراطية للشغل. ومن جهة أخرى، اجتمع الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين يوم الجمعة الماضي، وقرر سحب الثقة من رئيس الفريق عبد الحميد فاتيحي، وتم اختيار محمد دعيدعة المنتمي للحزب الاشتراكي الموحد رئيسا للفريق، وعبد الرحيم الرماح نائبا له. وقد صادق على هذا القرار كل من عبد المالك أفرياط ومحمد لشكر وعبد السلام خيرات ومحمد دعيدعة وحسن القاسمي والعربي حبشي والصادق الرغيوي وعبد الرحيم الرماح وحسن أكليم. وقالت مصادر مطلعة في اتصال مع «المساء» إن إقالة عبد الحميد فاتيحي من منصبه رئيسا للفريق يأتي بعد أن اتخذ «خطوات غير تنظيمية» من خلال عقده اجتماعا «غير شرعي» من أجل انتخاب مكتب مركزي واختياره على رأس الفيدرالية الديمقراطية، واتهمت تلك المصادر بأن «فاتيحي يخدم أجندات أطراف خارج الفيدرالية الديمقراطية للشغل».