هناك اليوم محاولات من طرف جهات خائفة من الإصلاح لزرع بذور الفرقة والشقاق بين شباب حركة 20 فبراير، عبر عملية التخويف من أن تركب أطراف وهيئات سياسية على هذه الحركة. اللؤم هنا يبدو واضحا لأن الخطر يكمن في شيء واحد، وهو أن تركب جهات أجنبية على الحركة، وهذا شيء مستحيل، أما أن يركب جميع المغاربة قطار التغيير وينادون بإسقاط الفساد فهذا هو المطلوب. لذلك فإن كل من يحاول زرع بذور التفرقة هو عدو للإصلاح والتغيير. حركة 20 فبراير هي بكل بساطة حركة الشعب، كل الشعب، بيسارييهم ويمينييهم وشيوعييهم وإسلامييهم وملحديهم ومؤمنيهم. حركة 20 فبراير هي «باناشي» حقيقي.. «باناشي» ممتع ولذيذ يعبر من خلاله كل المغاربة عن انصهار تاريخي من أجل وقف العبث، والضرب على أيدي المفسدين، وتحويل الناس من مجرد رعايا لا يقدرون على محاسبة أحد إلى مواطنين حقيقيين يرفعون أكف الغضب ضد كل الذين يحاولون تخويفهم بفصول الدستور والقوانين العتيقة. كل المساندين لحركة 20 فبراير مغاربة، سواء داخل المغرب أو في أي مكان، لأنه عندما يغضب المغربي ويحتج، فإنه لا يفعل ذلك لأنه يكره بلده، بل بالعكس، إنه يغضب لأنه يحب بلده كثيرا.. كثيرا جدا، لذلك فإن الذين يكرهون المغرب هم الذين يناوئون شباب حركة 20 فبراير، هؤلاء الشباب الذين زرعوا بذورا في حقل اسمه «الفيسبوك»، فأينعت البذور أزهار التغيير. لكن حركة 20 فبراير، وعكس ما يعتقد الكثيرون، ليست للشباب فقط، بل كلمة «الشباب» هي صفة رمزية، على اعتبار أن الشباب هم الذين أطلقوا فكرتها ورعوها بكثير من الجهد والمعاناة، ثم تحولت إلى حركة لكل الناس، للأطفال الذين يخرجون في المظاهرات على أكتاف آبائهم، وللشيوخ الذين ظلوا عقودا ينتظرون هذه اللحظات التاريخية، ولكل الذين أفنوا عمرهم يأسا من التغيير، فجاء زمن الإصلاح مفاجئا للجميع. ليس هناك اليوم من يملك دروسا ليقدمها للمغاربة حول الإصلاح والتغيير، لذلك فإن الهراوات وخراطيم المياه والشتائم البذيئة التي أطلقت في البداية ضد متظاهرين مسالمين، عرف الناس فورا من كان وراءها، إنه لوبي الفساد الذي يريد أن يدفع دفعا هذه المظاهرات السلمية والمتحضرة نحو المواجهة الدامية، مع أنه ليس من الضروري أن تمتلئ الشوارع بالجثث لكي يتحقق التغيير. فالتظاهر ليس هبة تمنحها السلطة للمواطنين، بل هو حق طبيعي مثل تنفس الهواء. ومن يريد أن يمنع الناس من التظاهر السلمي فليمنع عنهم التنفس أيضا. المتظاهرون والمطالبون بالإصلاح هم الذين يحمون الوطن ومنشآته العامة، هم الذين يضعون سلاسل بشرية من أجل عدم الاقتراب من أماكن معينة مثل الأبناك والمؤسسات، والسبب بسيط، وهو أن كل شيء في ملك الشعب، على الرغم من أن الشعب لا يملك شيئا. الذين يتخوفون من ركوب الجميع في حركة 20 فبراير ربما لا يفهمون أن هذه الحركة قطار كبير يقف في كل المدن والقرى المغربية ويركبه الجميع، الرجال والنساء والأطفال والمتعلمون والأميون والأغنياء والفقراء والموظفون والعمال والعاطلون... وهو قطار يجب أن يركبه لاحقا أيضا القضاة النزهاء المناهضون للفساد، ورجال الأعمال الشرفاء الذين يؤدون ضرائبهم ويكدون من أجل الثروة بينما غيرهم لا يؤدون الضرائب وتعطيهم الدولة امتيازات بلا معنى. إنه قطار يجب أن يركبه كل الذين يحبون الوطن للمطالبة بإسقاط الذين يحلبون الوطن. اليوم ترفع مئات الشعارات في مظاهرات الإصلاح، وليس هناك أي تناقض بين لافتة تطالب بتعديل الفصول الدستورية المثيرة للجدل، وبين مطالب تدعو لإسقاط المفسدين الكبار، وبين لافتة تطالب بخفض ثمن الطماطم والسمك. المغاربة يطالبون بتعديل الدستور لأسباب مرتبطة بالكرامة وتوزيع عادل للحكم والثروات، ويطالبون أيضا بكرامة العيش لأنه لا يعقل أن يكون ثمن الطماطم 12 درهما في بلد يقول عن نفسه إنه بلد فلاحي، وثمن السردين 20 درهما في بلد محاط بالبحر من كل جانب ويأكل الأجانب ولوبي الفساد ثرواته البحرية. كل مغربي هو عضو في حركة 20 فبراير، لأن هذه الحركة هي الشعب.