نزلت جماعة «العدل والإحسان» المحظورة بكل ثقلها في شوارع مدينة الدار بيضاء، صباح أمس الأحد، وكان تأطير أعضائها واضحا للمسيرة، التي انطلقت من منطقة «درب عمر» إلى ساحة «الأممالمتحدة»، إذ شكلوا سلسلة بشرية حامية للمتظاهرين في غياب ملحوظ للقوات العمومية. وأعطى فرع الدائرة السياسية لجماعة «العدل والإحسان» بمدينة الدارالبيضاء أوامره إلى كل المنتمين إلى الجماعة للنزول إلى المسيرة التي عرفتها المدينة، بخلاف المسيرات والمظاهرات الماضية الذي اكتفت فيها الجماعة بمشاركة القطاع الشبابي، حسب ما صرح به مسؤول في الجماعة ل»المساء». ولوحظ في بداية المسيرة أن ما يناهز 600 من بين 1200 متظاهر المكونين للنواة الأولى للمسيرة (على الساعة 9 و45 دقيقة) منتمين إلى الجماعة، وهو الرقم الذي أكده مصدر أمني بعين المكان، مشيرا إلى إمكانية ارتفاع هذا العدد. وحسب تصريح مصدر من جماعة «العدل والإحسان» فإن «الجماعة قررت المشاركة بعدد أكبر من الوقفات الماضية»، نتيجة الحضور القوي للنقابات والهيئات الحقيقية وللمواطنين، وليس فقط لأن الجماعة تعرضت لهجوم من طرف الدوائر الأمنية طيلة الأسبوع الماضي». ونزل أعضاء الجماعة نساء وشبابا وشيوخا، فيما اكتفت القيادة بمراقبة الوضع من بعيد.وفي هذا الصدد، صرح عمر أحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة «العدل والإحسان»، ومنسق مركز الدراسات والأبحاث للجماعة، الذي حضر المسيرة، بأن «حضور الجماعة بعدد الكبير من المنتمين إليها هو رد على القمع الذي تعرض له المواطنون يوم الأحد 13 مارس». كما أوضح أن «القمع لا يزيد الجماعة إلا قوة وحضورا عدديا أكبر في كل تظاهرة». نفس المتحدث قال إن «هذه المظاهرات السلمية لا يجب أن تزعج أيا كان، والمطالبة بالمزيد من الإصلاحات هو مطلب صحي». في سياق آخر، قال مصدر أمني :»الأمن وجد نفسه أمام حضور كبير للمتظاهرين لم يكن مرتقبا»، إذ انطلقت المسيرة بحوالي 1200 متظاهر ووصلت إلى ما يناهز 20 ألف متظاهر، حسب ما أكدت عليه وكالة المغرب العربي للأنباء، فيما أكد أحد المنظمين أن العدد وصل إلى 40 ألف متظاهر». وانطلقت مسيرة البيضاء من أمام مقر «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل»، في الساعة العاشرة صباحا، بشعارات تفوح منها رائحة عرق العمال، وأناشيد «السيديتي» الحماسية، لكنها سرعان ما التحمت بتجمع حاشد كان ينتظرها بساحة النصر. وكأن المتظاهرين استغلوا رمزية اسم هذه الساحة ليرددوا شعار: «سننتصر ونشيد قلاع الحرية...». شباب بشعر طويل مربوط إلى الخلف وحقائب ظهرية، وآخرون بلباس طويل ولحي. ونساء محجبات شكلن لوحدهن مسيرة، إنهن أخوات جماعة «العدل والإحسان». بعد التقاء المجموعتين، اللتين اتجهتا صوب درب عمر، أشهر الجزارون لافتتهم وشحذوا حناجرهم: «الشركة الإسبانية التي فوت لها ساجد صفقة تسيير المجازر البلدية بالدارالبيضاء.. اكتشفنا أن تخصصها هو مجال طب الأسنان»! يقول، بل يصرخ يوسف الولجة، أمين جمعية بائعي اللحوم بالتقسيط، بغضب وسخرية ليسمع صوته وسط الشعارات. فيما اللجنة التنظيمية تحاول أن تقنعه هو وأصدقاءه ليجمعوا لافتتهم، وينخرطوا في مسيرة لا مجال للتنظيمات فيها. جماعة العدل والإحسان أعطت النموذج على هذا فأعضاؤها ذابوا وسط المتظاهرين من دون أن يظهر لهم أثر كبير بين المنظمين أو حاملي الشعارات. لكن نبرتهم «الجذرية» كانت ظاهرة للعيان حتى يكاد الملاحظ لا يفرق بينهم وبين شعارات اليسار الراديكالي، إلا من خلال الوجوه الملتحية والرؤوس المغطاة. أحدهم يحمل لوحة كتب فيها: «الحكم المطلق= الفساد المطلق»، وإلى جنبه آخر رفع: «لا للدساتير الممنوحة. من أجل دستور يجسد السيادة». أما امباركة بوعيدة، برلمانية «التجمع الوطني للأحرار» فقالت إنها توجد في المسيرة كملاحظة، وإن سجلت أن التظاهر سلمي وهادئ. لكنها اعتبرت أن تظاهرة اليوم جاءت سابقة للأوان، لأنه، حسبها، «كان يجب إعطاء الوقت للمؤسسات كي تشتغل، وأن نرى المسار التي تمشي فيه، وهل تمشي في مسار الخطاب الملكي، ثم يكون بعد ذلك تذكير».