شدت المغنية السورية وعد بوحسون الثلاثاء في قاعة قصر الثقافة في أصيلة ضمن فعاليات منتدى أصيلة الثلاثين، وصدح صوتها الفاتن في أرجاء قصر الريسوني، متماهيا مع الموج الذي يسمع همسه من وراء السور البرتغالي. وغنت وعد التي يشبه صوتها صوت المطربة الكبيرة اسمهان مختارات من الشعر العربي القديم، وبالأخص مقاطع من قصائد الشاعرة الأندلسية ولادة بنت المستكفي، كما غنت من ربيرتوار سيدة الطرب العربي أم كلثوم واسمهان وسيدة الغناء فيروز، وغنت أيضا من أشعار الشاعرة العربية ولادة بنت المستكفي، كما غنت من أشعار المتصوفة وصاحبة الوجد الرباني رابعة العدوية. وتألقت في أغنية «يا جارة الوادي»، كما تألقت أيضا في أغنية «ظلموني الناس»، و»ما تصبرنيش»، وأضفت أغانيها على المكان التاريخي رونقا وألقا ومذاقا خاصا ذكر بالأجواء الأندلسية، وبأيام العز لما كانت الحضارة العربية هي سيدة الميدان. تبدو وعد بوحسون صاحبة مشروع غنائي، ويقوم مشروع وعد الموسيقي على تلحين مقاطع من الشعر العربي القديم وغنائه بمرافقة عودها. وفي قصر الثقافة عرضت جانباً من مشروعها، وغنت من ألحانها أبياتاً شعرية لولادة من قصيدة لها مطلعها (أغار عليك من عيني ومني / ومنك ومن زمانك والمكان). وفي هذه الأبيات الشعرية، أظهرت وعد خصوصية في ألحانها. ألحان حافظت فيها على الهوية الموسيقية العربية، من دون أن تنضوي ضمن الأساليب والقوالب اللحنية القديمة المعروفة في تلحين الشعر العربي الفصيح، شعر الموشحات. تلحن لصوتها، وتراعي أبعاده ومساحاته، خالقة انسجاما بين اللحن والأداء الغنائي والعزف على العود. وكان تلحينها للمعاني قبل المفردات والجمل، وكنا أمام آلتين موسيقيتين منسجمتين... صوتها والعود. وكانت وعد قد بدأت هذا المشروع في مهرجان فاس للموسيقى الروحية وخصص لجلال الدين الرومي في ذكرى مرور ثمانمائة سنة على رحيله، وغنت فيه وعد أشعاراً للراحل يقول مطلعها (يا واهباً سلطان سر العالم / يا عالم السر لماذا كلمي). كما غنت في السهرة أيضا قصيدة رابعة العدوية «أحبك حبين، حب لي وحب لك لأنك أهل لذاك»، وهي بذلك تكون ثاني مغنية عربية تسير في هذا الاتجاه التلحيني للشعر العربي، بعد مغنية الأوبرا اللبنانية هبة قواس التي لحنت وغنت أبياتاً من الشعر العربي قديمه وحديثه. بدأت وعد مسيرتها مع الغناء في مارس عام 2006 في مهرجان «المتخيل «الباريسي»، وقدمت مجموعة من الأغنيات العربية التراثية. ووعد في مشروعها الموسيقي، حققت تميزاً عن نظيراتها من خريجات المعهد العالي للموسيقى في سوريا، اللواتي اقتصر نشاطهن على تقديم أغنيات عمالقة الطرب العربي مثل أم كلثوم واسمهان وليلى مراد ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش... فكانوا مجرد مؤديات. والفارق بين وعد وزميلاتها أنها اهتمت بعزفها على العود، فتدربت كثيراً وطورت عزفها عليه، حتى تمكنت منه، أما الأخريات فقد اكتفين بدراسة الغناء وممارسته دون الاهتمام بالعزف على أية آلة موسيقية. وبداية، التفتت وعد إلى الغناء التراثي الذي تربت عليه منذ صغرها، فقدمته بصوتها، حتى تمكنت من أصول الغناء العربي. بعد ذلك التفتت إلى التلحين، فأنتجت نوعاً جديداً من الغناء يحمل الجديد، من دون أن تتخلى عن الهوية الغنائية العربية، وكان العود أداة مهمة بين يديها، سواء في التلحين أو في المرافقة الموسيقية للغناء.