نجت حكومة عباس الفاسي، مساء أول أمس الأحد، من السقوط عندما طالبت الأغلبية الساحقة للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي ب«انسحاب الوزراء الاتحاديين منها وسحب ثقة برلمانيي الحزب من حكومة عباس». وفاجأ برلمان الاتحاد الاشتراكي، الذي يضم 340 عضوا، قيادته ووزراءه معا حينما أجمعت تدخلات أعضائه من جهات: الدارالبيضاء والشمال وتادلة أزيلال والشاوية ورديغة، على مطلب الانسحاب من الحكومة والبرلمان تماشيا مع مطالب الشعب، الذي يرى أن «مهمة حكومة عباس الفاسي قد انتهت ولم يعد هناك من داع لاستمرار الاتحاد في المشاركة فيها». وجاء في بعض المداخلات أنه «على الاتحاد أن يلعب دورا رياديا في الإصلاحات السياسية والدستورية، وأن عليه أن يكون بمثابة الحزب، الذي يعكس رغبة المغاربة في حل حكومة الفاسي، التي استنفدت مهامها». وكشف مصدر اتحادي عن «طلب أعضاء المكتب السياسي للحزب لنصف ساعة زمنية للتشاور حينما أصر أعضاء المجلس الوطني على مطلب الانسحاب من الحكومة والتصويت عليه ثم ضمه في بيان للحزب»، وأضاف «أن القيادة رجت أعضاء برلمان الحزب منحها مهلة للتشاور مع باقي مكونات الأغلبية الحكومية وعرض مطلب رفع مذكرة جديدة للإصلاحات الدستورية، بشكل مشترك إلى الملك، واعدين بالانسحاب من الحكومة إن لم تتلق مطالبهم جوابا مقنعا». وفي هذا السياق، يقول عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي للاتحاد، «سنطلق المشاورات ابتداء من هذا الأسبوع مع جميع مكونات الأغلبية الحكومية وسننسحب من حكومة عباس الفاسي ما لم تنخرط الأغلبية في المطالبة بتعديل الدستور ومن ثم تغييره»، وأضاف، في تصريح ل«المساء»، «هناك إجماع داخلي على أن المرحلة استنفدت مهامها، وأن أجندة الإصلاحات الدستورية هي الكفيلة بضمان استقرار هذه الحكومة». هذا، وكشف مصدر اتحادي مسؤول، رفض الكشف عن هويته، بالقول « إن مطلب الانسحاب من الحكومة هو بمثابة إعلان صراع مع الملك»، وأضاف مستنكرا: «هل من مصلحتنا أن ندخل هذا الصراع مع ملك أظهر رغبة أكيدة في الإصلاح؟»، مشيرا إلى أن «مطلب الإصلاحات الدستورية لم يعد يقبل التأخير وعلى الجميع فتح هذا الورش». وفي بلاغه الصادر عقب انتهاء أشغال المجلس الوطني، دعا برلمان الحزب إلى إصلاح دستوري شامل وعميق وإقامة ملكية برلمانية تقوم على نسق مؤسساتي يضمن فصلا واضحا ودقيقا للسلط، وطالب بإرساء برنامج وطني استعجالي لمحاربة الفساد واقتصاد الريع يفصل بين السلطة السياسية والإدارية من جهة، وبين عالم المال والأعمال من جهة ثانية، كما طالب المجلس الوطني المكتب السياسي بفتح حوار سياسي مع حلفائه والأغلبية حول الإصلاحات الدستورية وعرضها على الملك، ويكون قاعدة لتقييم مشاركته في الحكومة وأساسا لبناء موقفه في الاستمرار فيها.