تقدم الإعلامية والإذاعية «أمينة السوسي» مسار حياتها بشكل حصري لإذاعة طنجة، ضمن سلسلة حلقات برنامج «مذكرات»، الذي تقدمه إذاعة طنجة يوميا على أثيرها. وقد أوضحت أيقونة الأثير أمينة أجانا -كما هو اسمها في بطاقة التعريف الوطنية- أو «أمينة السوسي»، وهو الاسم الإذاعي الذي عرفها به جمهور المستمعين والمتتبعين، في بداية اللقاء، أنها ضنينة بحياتها إلا على أهلها وأنها تقبل، لأول مرة وبشكل حصري، أن تفتح «صندوق» أسرارها لتتحدث عن تفاصيل منسية من مسار حياتها ومشوار مهنتها لمستمعي إذاعة طنجة. وقد عادت «أمينة السوسي»، وفي معرض استرجاع شريط الذكريات، بذاكرتها إلى طفولتها البعيدة، لتسترجع مَشاهد من حياتها، وصفتها بأنها جعلت من أمينة أجانا «طفلة غير عادية في فضاء غير عادي في زمن غير عادي»... وُلدت أمينة في مدينة طنجة من أم مناضلة، تتحدر من «جبل العلم» في قبيلة «ابن عروس»، وهي أم واجهت الحياة بقوة وجلَد، بعد أن استشهد رجال البيت جميعا، فداء للقضية الوطنية وتحديا للسلطات الاستعمارية الإسبانية وقتها... أما والد أمينة فقد قدم من «سوس العالمة» من منطقة «تافراوت»، هاربا بتجارته وحياته إلى طنجة، بعد أن أجهض جهود قوات الاستعمار الفرنسي الغاشم في القبض عليه، خاصة أنه كان من رجال المقاومة الأشداء الذين أزعجوا سلطات الاحتلال في منطقة سوس وناضلوا من أجل أن يستعيد الوطن حريته. وفي فضاء «حي المصلى» في مدينة طنجة، اشتغل هذا الرجل في مجال التجارة وبدأ حياة جديدة واسترجع نشاطه المتعلق بالمقاومة ضد الاستعمار. تزوج أم الإعلامية «أمينة السوسي»، لتمتزج في البيت ثقافتان متباعدتان لا يجمعهما إلا القاسم المشترك الأساسي بينهما وهو حب الوطن والانتماء إلى أسرة مقاومة تدفع الدم والمال لأجل محاربة الاستعمار... أثمر هذا الزواج الطفلة أمينة وأخاها الأصغر، الذي كانت تعتبر نفسَها وفي سن مبكرة، «أمه» الثانية، والذي شاطرها لحظات من الطفولة العذبة في فضاء «المصلى»، المميز والموسوم بامتزاج جنسيات وديانات عدة، كما شاطرها سنوات الدراسة الأولى في «المسيد» ثم في «معهد مولاي المهدي». كما حكت أمينة السوسي لإذاعة طنجة، أيضا، قصتها الشخصية والحميمية مع الميكروفون، والتي بدأت وهي طفلة حين كانت تقصد مقر إذاعة طنجة لأداء الأناشيد القومية، كلما صدحت فرحة الشعب المغربي بالأعياد الوطنية، كما أنها دخلت «إذاعة إفريقيا» لأول مرة في حياتها لتلقي خطابا بمناسبة عيد عرش سيدي محمد بن يوسف. وقد ألقت أمينة الخطاب، الذي كان قد خط حروفَه العلامةُ الراحل مولاي الحسن بن الصديق، بفصاحة وبلاغة وطلاقة استحوذت على إعجاب القيِّمين على الإذاعة وقتها، لتبدأ قصتها في استوديوهات «إذاعة إفريقيا». كما تحدثت «عميدة» جيل الرواد، «أمينة السوسي»، ضمن مذكراتها، كذلك، عن أروع نجاحاتها مع الميكروفون، من مسلسل «القايْدة طامو» إلى برنامجي «ليلة القدر» و«لا أنام»، مرورا ببرامج الأطفال التي حولت أمينة أجانا الى «ماما أمينة» وجعلتها تحمل مسؤولية الأمومة في الميكروفون وهي بعدُ طفلة صغرة.