أخنوش: قانون الإضراب الجديد يعطي ضمانات للمستثمرين والمنظمات الدولية    النصب على ضحايا زلزال الحوز يُورّط مقاول ونائب رئيس جماعة وموظف    نقطة نظام.. المغرب إلى أين؟    أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى تاريخي جديد    البريد بنك يحصد 3 ألقاب في Les Impériales 2025    الجيش الملكي ونهضة بركان يتعرفان عن منافسيهما في ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية في 20 فبراير    الغلوسي يستغرب من تأخر تنفيذ قرار القضاء في ملف "كازينو السعدي"    كيوسك الأربعاء | إطلاق الدعم لفائدة المقاولات المستفيدة من "صندوق التحدي 2"    حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    حزب "التقدم والاشتراكية" ينتقد سياسات الحكومة ويؤيد الإضراب الوطني العام    باحثون ومهتمون يناقشون "القضية الفلسطينية" عند رواد في الفكر المغربي المعاصر    سياسات ترامب الحمائية هل ستؤدي إلى حرب تجارية جديدة؟    الولايات المتحدة.. مجلس الشيوخ يؤكد تعيين بام بوندي في منصب وزيرة العدل    أجواء باردة في توقعات طقس الأربعاء    جامعة عبد المالك السعدي تعزز البحث العلمي في مجال القنب الهندي باتفاقية جديدة مع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة    بلغ عددهم 67.. فرق الإنقاذ تعثر على جثث جميع ضحايا تحطم طائرة واشنطن    الحكومة حريصة على توفير المواد الاستهلاكية بوفرة خلال شهر رمضان المبارك    ترامب يوقع على أمر تنفيذي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان    لقجع: 125 مليار هي الحصيلة الإجمالية لعملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية    لقجع يكشف ارتفاع مداخيل الضريبة    ترامب: "أمريكا ستسيطر على غزة"    وصلة إشهارية تضع "وفاكاش" في مرمى انتقادات التجار والمهنيين    بحضور وهبي وبنسعيد.. "وصايا عكرود" تخوض في تعديلات مدونة الأسرة    إصابة تبعد نجم الوداد عن الملاعب أسبوعين    لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب تمرر مشروع قانون الإضراب ليلة "الإضراب العام"    خلال جلسة مساءلة أخنوش في المستشارين... حزب الاستقلال يؤكد على وفائه لحلفائه في الحكومة    تفاصيل اجتماع لجنة اليقظة وتتبع الأسواق والأسعار استعدادا لرمضان الأبرك    لسعد الشابي يصل إلى الدار البيضاء لتوقيع عقده مع الرجاء    10 قتلى في هجوم على مدرسة بالسويد    توقيف شخص بمرتيل للاشتباه في تورطه في التهديد وحيازة السلاح الأبيض    مدينة مدينة المضيق تنظم السباق الدولي 10 كلم في نسخته الخامسة تحت شعار " الرياضة رافعة للتنمية البشرية" .    الحالة الجوية ليوم الأربعاء: طقس بارد وتساقطات مطرية وثلجية    اتفاقية الكهرباء بين المغرب وموريتانيا    تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. خط أحمر لا يقبل التفاوض أو المساومة    اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام    أخبار الساحة    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد غياب لسنوات.. "الشرقي والغربي" يعيد حنان الابراهيمي إلى التلفزيون    محامي بلجيكي: إصلاح مدونة الأسرة متوازن يثبت قدرة المغرب على التحديث دون التنازل عن قيمه    الإصابة تحرم ريال مدريد من خدمات مدافعه النمساوي ألابا    أسعار النفط تتراجع بعد موافقة ترامب على تعليق الرسوم الجمركية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    متى ‬ستسحب ‬سوريا ‬الجديدة ‬اعترافها ‬بالجمهورية ‬الوهمية ‬؟    آيت بودلال يلتحق بفريق "أميان"    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    عقاقير تخفيض الوزن .. منافع مرغوبة ومخاطر مرصودة    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة البوليساريو.. تعبير عن القومية الصحراوية أم تنظيم سياسي انفصالي؟
نشر في المساء يوم 10 - 02 - 2011

إن حصول المغرب على استقلاله لم يكن يعني بداية عهد جديد في التسيير والتدبير الحر والمستقل عن السلطات الاستعمارية فحسب، بل كان يعني في الوقت ذاته إقحام الملك محمد الخامس
في دوامة تحديد أولويات المرحلة الجديدة التي أسفرت عن تأجيج التناقضات الداخلية على كافة المستويات. ففي الوقت الذي كان يسعى فيه الملك محمد الخامس إلى إيقاف الحرب والبحث عن تحرير بواسطة الديبلوماسية، اصطدم بوجهة نظر قيادات جيش التحرير التي كانت تلح على استمرار الجهاد ومحاربة الإسبان من أجل استقلال جنوب المغرب واسترجاع المناطق المستعمرة في شمال المملكة. ووسط هذه التناقضات، واصل الطرف المتصلب في جيش التحرير عملياته المسلحة، وأصبح يعرف باسم جيش تحرير الجنوب. ومنذ الإجهاز على جيش التحرير الوطني في واقعة إيكوفيون عام 1958 ساد الاعتقاد في أوساط الأحزاب السياسية وشرائح المجتمع المغربي بأنه لو اتبع نهج جيش التحرير من طرف السلطات الرسمية المغربية ولو سمحت هذه الأخيرة لجيش التحرير باستكمال مهمته لما كنا نعيش مرارة الواقع الحالي.
1 - حركة تحرير الصحراء وبداية تأسيس جبهة البوليساريو
كان يجب انتظار عشر سنوات كاملة بعد تصفية جيش التحرير الوطني لتتحرك القوى المناهضة للاحتلال من جديد. لقد شهد عام 1968 تأسيس حركة تحرير الصحراء من طرف البصيري. وسجلت هذه الحركة نجاحا كبيرا، حيث ابتدأت بتوجه إصلاحي واتبعت المقاربة التدريجية كأسلوب منهجي لتحقيق الاستقلال التام وتحقيق المساواة بين المدنيين الصحراويين عن طريق الوسائل السلمية.
غير أن قيادة الحركة وبرنامجها السياسي سيتغيران كلية نتيجة المواجهات العنيفة مع السلطات الإسبانية التي شهدتها مدينة العيون بتاريخ 17 يونيو 1970، وهو اليوم الذي نظمت فيه إدارة الاستعمار الإسباني مظاهرة من طرف شيوخ القبائل التابعين لها لإبراز دعمهم لسياسة الإدماج الإسباني في إطار الاتحاد الإسباني- الصحراوي. وفي مقابل ذلك، نظمت حركة تحرير الصحراء مظاهرة مضادة حضرها آلاف السكان في ساحة إسبانيا بالزملة لإظهار معارضتهم لهذه السياسة. وخلال هذه التظاهرة، تقدمت الحركة بعريضة من ثلاث نقاط رئيسية إلى الجنرال Perez Dlema حاكم الإقليم، فحواها: المطالبة بالحكم الذاتي لإقليم الصحراء، إبرام اتفاقية بين الحركة والحكومة الإسبانية لتحديد تاريخ إعلان استقلال الصحراء وانسحاب القوات الإسبانية، ووقف استغلال الثروات الطبيعية دون رضى وموافقة الحركة. وأمام إصرار المتظاهرين على بنود هذه العريضة وعدم خضوعهم لتهديدات السلطات الإسبانية واستعدادهم للمواجهة، أطلقت السلطات الإسبانية العنان للاعتقالات والاغتيالات، التي زج على إثرها العديد من المناضلين الصحراويين في السجون وقتل منهم الكثير، بمن فيهم البصيري. ولم تكن أحداث الزملة الوحيدة التي نالت من حركة تحرير الصحراء، بل إن الساحة شهدت العديد من الأحداث استطاعت، إلى حد كبير، التقليص من نفوذها. كما لم تكن أحداث العيون، التي شهدها مطلع عام 1971، ومعركة أولاد الدليم في الداخلة، التي شهدها شهر مارس 1971، وكذا أحداث شهر مايو 1972 بطانطان، التي أسفرت عن مقتل وجرح العديد من الضحايا، أقل خطورة وتأثيرا من أحداث الزملة.
هكذا، ومباشرة بعد هذه الأحداث الدامية والقمعية، ظهرت مبادرة تأسيس حركة تنظيمية موجهة ضد الاستعمار الإسباني من طرف الصحراويين الذين كانوا يعيشون في المغرب وموريتانيا، فتكونت خلية من الطلبة الصحراويين المناضلين في مدينة الرباط ما بين 1971 و1972، من بينهم الوالي مصطفى السيد الذي كان طالبا في كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس وحاصلا على المنحة المغربية، والذي كان يسافر دونما ملل عبر المغرب وموريتانيا والجزائر من أجل إيجاد مركز للتنظيم الجديد، مما يسر له إجراء لقاءات عديدة وربط علاقات وثيقة بالأمناء العامين للأحزاب السياسية المغربية، خاصة علي يعته، أمين عام حزب التقدم والإشتراكية، وعلال الفاسي، أمين عام حزب الاستقلال، وأيضا عبد الرحيم بوعبيد، أمين عام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. غير أن عدم تمكن هذه الأحزاب من ترجمة نضالها الخطابي إلى مساعدة عملية على خلق حركة تحرير جديدة، دفع الوالي إلى السعي وراء الحصول على دعم خارجي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الطلبة الصحراويين، في بداية نضالهم السياسي، لم يكونوا يطالبون بتكوين دولة مستقلة في الصحراء بل تجسد تركيزهم على محاربة الاستعمار الإسباني، ولذلك سعوا في بداياتهم الأولى إلى طلب مساعدة المعارضة المغربية، لأنها كانت أهم مساند لفكرة المغرب الكبير ولأنها كانت أيضا، ولمدة طويلة، تشجب علاقات التعاون بين نظام الملك الحسن الثاني وإسبانيا وانتقاصه من أهمية المسألة الصحراوية. غير أن توتر الجو السياسي في المغرب بين النظام السياسي المغربي والكتلة الوطنية التي كانت تتضمن كلا من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال آنذاك، وما رافق ذلك من محاولات اغتيال الملك الحسن الثاني خلال عامي 1971 و1972، إلى جانب عدد الاعتقالات الواسعة في صفوف الطلبة الصحراويين عقب مظاهرات الزملة وطانطان، جعل عملية تأسيس حركة تحرير الصحراء في المغرب حبلى بالمجازفات السياسية غير مضمونة العواقب، ولذلك توجه مصطفى الوالي إلى البحث عن مركز لهذه الحركة الجنينية خارج حدود المغرب، واستقر به تجواله في موريتانيا بالزويرات حيث التقى بنواة أخرى من المناضلين الصحراويين، تضمنت حينها جنديين من جيش التحرير هما امحمد ولد زايو وأحمد ولد قايد. وتمكنت مجموعة الزويرات هذه من الحصول على إذن بالإقامة للوالي وبعض رفاقه من المغرب. وهناك بدأت التحضيرات النهائية للمؤتمر التأسيسي الأول والإعلان عن تأسيس جبهة البوليساريو بتاريخ 10 ماي 1973.

2 - مفهوم «القومية الصحراوية» في البيانات السياسية لجبهة البوليساريو
وإذا كان التأسيس قد تم في موريتانيا، فإن الخط التنظيمي للجبهة قد تأثر بشكل بالغ بالتجربة الجزائرية، خاصة تجربة جبهة التحرير الوطني، التي تبنوا انطلاقتها، فكان مبدأ الجبهة حينها «لا يجب قبول تنظيمات كان قد تم تأسيسها من قبل، ولا يجب السماح بخلق تيارات مختلفة في قلب جبهة البوليساريو من أجل الحفاظ على وحدتها»، ولذلك فهي لا تقدم نفسها كتكتل لمجموعة من التيارات أو تحالف لعدد من الحركات يوحدها هدف مشترك، وإنما كحركة موحدة لا تضم سوى مناضلين فردانيين وليس تنظيمات، كما تقدم نفسها على أنها الممثل الشرعي والوحيد لكافة الصحراويين.
ومن الناحية المفاهيمية، لا تسعفنا البيانات السياسية للجبهة في إيجاد مفاهيم أو مصطلحات تنم عن الحمولة الدلالية ل«القومية الصحراوية». وأهم المفردات المستعملة في هذا المعنى هي مصطلح «جمهور الصحراويين» الذي سيتحول إلى مفهوم «الشعب» ابتداء من المؤتمر الثالث الذي انعقد في غشت 1976. وتأسيسا على هذا الاختيار، فإن اعتماد الجبهة مفهوم «الشعب الصحراوي» بدلا عن «الأمة الصحراوية» أو «القومية الصحراوية» يعتبر الأسلوب الأنجع لتحقيق الانسجام والوحدة بين أفراد المجتمع الصحراوي وقادة البوليساريو، من أجل تفادي أية معارضة داخلية من شأنها التمسك بكل ما له علاقة بالقومية المغربية التي تمتد جذورها إلى الماضي العريق في علاقة تأثير وتأثر بين جنوب المملكة وشمالها، والتي ترمي بجسورها إلى المستقبل القريب والبعيد نظرا إلى الماضي والمصير المشترك الذي يوحد أفراد الأمة المغربية.
وبناء عليه، فإنه في حالة استعمال مصطلح «الأمة الصحراوية» في الخطاب السياسي للجبهة، فإن ذلك سيجبرها، بشكل أو بآخر، على ربط حركتها الانفصالية بالإطار التاريخي للقومية والأمة المغربية، وهو ما حرصت الجبهة على عدم الوقوع فيه من باب المناورة وقطع الطريق أمام مطالبة المغرب بحقه التاريخي في المنطقة. ولذلك فإن أفضل بديل لهذا المفهوم هو»الشعب الصحراوي» لأنه هو الوحيد الذي يسمح بخلق هوية جديدة مستقلة ومنفصلة.



مونية رحيمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.