في تطور ملفت، خرج نحو 1500 عامل بشركة موغناطيكس بسلا إلى الشارع قبل يومين دون الحصول على ترخيص من السلطات الوصية منددين بما أسموه «التجاهل الحكومي لأوضاعهم النفسية والاجتماعية التي بلغت حالة من التردي لا يمكن السكوت عنها». وعلمت «المساء» أن المسيرة جابت شوارع المدينة حتى وصلت إلى مقر عمالة سلا، حيث اتفق مسؤولون بالسلطة المحلية مع الممثلين النقابيين للعمال على الجلوس إلى طاولة الحوار ومعرفة مطالب الجميع بغرض إيصالها إلى المسؤولين. وعبر متتبعون للملف عن قلقهم من الوضع الاجتماعي الذي وصل إليه العمال ال 1500 الذين لم يحصلوا على رواتبهم منذ شهر أكتوبر الماضي، ويعيشون ظروفا اقتصادية مزرية وصلت إلى الحضيض بعدما انتهت مهلة الثلاثة أشهر التي منحتها لهم البنوك قبل الشروع في مسطرة الحجز على منازلهم التي عجزوا عن تسديد أقساط القروض التي حصلوا عليها في وقت سابق. وعاينت «المساء» كيف اضطر الكثير من العمال والعاملات إلى جلب أفراد عائلاتهم للسكن داخل مقر الشركة التي كانوا يعملون بها بعدما طردوا من الدور التي كانوا يكترونها. ومن المتوقع أن يكون العمال الغاضبون نظموا، مساء أمس الخميس، وقفة احتجاجية قبالة مقر البرلمان، في وقت عبرت فيه قيادات نقابية تؤطر العمال عن خشيتها من أن يخرج الوضع عن السيطرة إذا لم تعمل الحكومة على الجلوس إلى طاولة الحوار وحل مشاكل العمال عبر مغربة الشركة المتوقفة عن العمل ودمج المهنيين فيها. وقد هدد عمال الشركة بتصعيد احتجاجاتهم إذا ما استمر التجاهل الحكومي. وأعلن العمال الغاضبون في حديث مطول مع «المساء» بمقر الشركة بسلا أن الوضع صار عصيا على التحمل «لأننا انتظرنا منذ شهر أكتوبر الماضي أن تتحرك الحكومة، وخاصة وزارة التشغيل، لفرض احترام القانون على رب الشركة المستثمر الأجنبي لكن لا من مجيب برغم وقفاتنا الاحتجاجية العديدة ورسائلنا الكثيرة التي نشرتها وسائل الإعلام الوطنية وحتى الدولية». وعبر معاذ الدريوش، مندوب العمال داخل الشركة، ل«المساء» عن استغرابه لهذا التجاهل قائلا: «المأساة مستمرة منذ شهر أكتوبر الماضي، والحكومة تعلم أن هؤلاء العمال ال 1500 مهددون بالتشريد، وبعضهم طردوا من المنازل التي كانوا يكترونها، ونحن بادرنا إلى طلب الحوار وصبرنا على تماطل رب الشركة وممثليه القانونيين، لكن للصبر حدود». وتحدثت سيدة قضت أزيد من 15 عاما داخل «موغناطيكس» عن هذا الوضع قائلة: «أنا أضعت شبابي كله داخل هذه الشركة، وليس لي أسرة كباقي الناس، فأين سأذهب بعد كل هذه السنوات؟»، وتضيف موضحة «كل ما نجحت فيه الحكومة ووزارة التشغيل هو تجاهل ملفنا، ولم يحترموا إنسانيتنا وحقوقنا وتركونا عرضة لألاعيب رجال القانون وجشع رب العمل الذي استغل جهدنا وزهرة شبابنا براتب لا يتعدى 2000 درهم ثم يريد أن يلقينا إلى الشارع دون حقوق». سيدة أخرى تتجاوز ال 50 عاما من عمرها اشتغلت كعاملة تنظيف خاطبت وزير التشغيل جمال أغماني قائلة: «كيف سأواجه الحياة وقد بلغت من الكبر عتيا، كنت أشتغل براتب هزيل وبرغم هزالته كان يكفي على الأقل في سداد بعض الديون والعلاج والمأكل والمشرب، الآن انقطع كل شيء، فقل لي ماذا أفعل سيدي الوزير ؟». وكان العمال ال 1500 قد راسلوا كلا من الوزير الأول عباس الفاسي ووزير التشغيل جمال أغماني ووزير الداخلية الطيب الشرقاوي وعامل مدينة سلا بالإضافة إلى كل من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين ومختلف الأحزاب ووسائل الإعلام والهيئات النقابية يطالبون فيها بفتح تحقيق في ما يدعيه مسؤولو الشركة، وتوفير كافة الضمانات القانونية لحماية حقوق الموظفين والمستخدمين بعد أن صاروا مهددين بالتشرد بعد كشف مدير الشركة الإنجليزي الجنسية اعتزامه إعلان إفلاسها.