أغفلت عناصر الأمن الوطني الموريتاني تنظيف جنبات مقر الجمعية الوطنية (البرلمان) من بقايا القنابل المسيلة للدموع التي استخدمتها في مواجهة التظاهرة التي نظمتها الأحزاب المعارضة للانقلاب صباح أول أمس. ورغم أن البيان رقم «3» الصادر عن «المجلس الأعلى للدولة» الذي يتزعمه الجنرال محمد ولد عبد العزيز قد أكد أن البرلمان وكافة المؤسسات الدستورية والإدارية ستستمر في ممارسة صلاحياتها طبقا للدستور والقوانين والنظم المعمول بها، فإن أبواب مبنى الجمعية الوطنية ظلت مغلقة منذ تشميعها بالسلاسل صباح الخميس الماضي، إثر الاحتجاجات ضد عودة الجيش إلى السلطة والانقلاب على أول رئيس مدني منتخب بموريتانيا. ومثلما عجزت الأمطار المتساقطة طيلة ليلة أول أمس عن تلطيف الأجواء الحارة بالعاصمة نواكشوط، فإن تطمينات العسكر، الذين أكدوا في بيانهم على العمل على صيانة واحترام الصحافة وجميع الحريات العامة والفردية، لم تمنع من بقاء الأجواء السياسية ساخنة أمام تسارع الأحداث وسيطرة حالة الترقب على الجميع. فالتحذير الذي وجهته فرنسا إلى الانقلابيين، بعد أن أصدر قصر الإليزيه بيانا يقول فيه إن «فرنسا كدولة تجدد إدانتها التامة للانقلاب المرفوض (..) وتطالب بإطلاق سراح الرئيس عبد الله وسائر الأشخاص الذين يعتقلهم المجلس العسكري فورا»، إلى جانب مطالبة كل من الاتحادين الأوروبي والإفريقي بالإفراج عن الرئيس الشيخ عبد الله، جعل مختلف الأطراف تنتظر حدوث مفاجآت في أي لحظة. وفي الوقت الذي عادت فيه العاصمة الموريتانية إلى حركتها الطبيعية، اكتفت وحدات الجيش بالبقاء في محيط مبنى القصر الرئاسي، وقصر المؤتمرات الذي نقلت إليه الرئيس المخلوع حيث وضع تحت حراسة مشددة. أما أفراد عائلته الذين تم احتجازهم بدورهم في البداية بمبنى القصر الرئاسي، فقد سمح لهم بالانتقال إلى منزلهم بحي تفرغ زينة. وبالموازاة مع هذه الإجراءات مازالت قوات الأمن تواصل بحثها إلى حدود ظهر أمس الجمعة عن عبد الله ممدو –المستشار الناطق باسم رئاسة الجمهورية- الذي اختفى عن الأنظار قبل أن يعمم بلاغا نقل فيه تحية سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إلى أفراد الشعب الموريتاني وتأكيده لهم تمسكه «بخيار الشرعية باعتباره الرئيس الشرعي المنتخب من قبل الشعب الموريتاني». وقال ممدو في بلاغه إن «رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله يشد على يد كل القوى الديمقراطية الحية المطالبة بعودة الشرعية، واستمرار المسلسل الديمقراطي، ويناشد كافة المواطنين مؤازرة الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية والوقوف صفا واحدا خلفها من أجل عودة الشرعية والاستمرار في النهج الديمقراطي...». هذا وما زال الشارع الموريتاني منقسما بين مؤيد ومعارض للانقلاب، حيث يعتبر المعارضون أن الانقلاب مقدمة لعودة الجيش إلى الحكم من خلال ترشيح علي ولد محمد فال الذي أصبح يحمل الصفة المدنية بعد تقاعده من الجيش، في الوقت الذي يؤكد المؤيدون أن الموريتانيين يفضلون دعم من له السلطة الحقيقية في إشارة إلى ضباط الجيش لضمان استقرار البلاد.