بوبكر سبيك يكشف أبعاد استراتيجية داعش الجديدة ومحاولات استهدافها للمغرب    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية إستونيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    توقيف فرنسيين بمراكش لتورطهما في جريمة قتل موظفين بسجن فرنسي    طقس بارد نسبياً وأمطار متفرقة متوقعة غداً الثلاثاء    تسجيل هزة أرضية خفيفة بالعرائش    أنشيلوتي: "مودريتش بمثابة هدية لعالم كرة القدم"    تداولات "البورصة" تنطلق بالارتفاع    وصول أول دفعة من مروحيات أباتشي AH-64E إلى طنجة    الذهب يستقر قرب أعلى مستوى    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الاتحاد الأوروبي يعلن تعليق عقوبات مفروضة على قطاعات اقتصادية أساسية في سوريا    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    ائتلاف مغربي يدعو إلى مقاومة "فرنسة" التعليم وتعزيز مكانة العربية    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    دينغ شياو بينغ وفلاديمير لينين: مدرسة واحدة في بناء الاشتراكية    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    وزير يقاتل في عدة جبهات دون تحقيق أي نصر!    ألوان وروائح المغرب تزين "معرض باريس".. حضور لافت وتراث أصيل    اختتام النسخة الأولى لبرنامج الدبلوم الجامعي في تقييم التكنولوجيات الصحية بفاس    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ها قد عدت
نشر في المساء يوم 30 - 01 - 2011

أحيانا تختار العزلة بنفسك، فتبتعد بروحك علك تنعم بالسكينة في مكان ما حتى لو لم يكن أبعد من دواخلك، وأحيانا تُفرض عليك العزلة دون أن تستشيرك، فيجثم المرض عليك ليوقعك دون حراك، فتستسلم له صامتا مطيعا كأنك كنت تنتظره كي تنزوي قليلا وتهجر الدنيا وتقاطع الناس وتتخلى عن عاداتك اليومية في الأكل والعمل والحديث والحركة، لتظل ممددا على سرير لا تدري متى وكيف ستغادره.
المرض زائر ثقيل، لكنه أحيانا يجعلك تهدأ قليلا لتحدث نفسك، ولتحدق قليلا في السقف وأنت تستعرض حياتك الماضية، وتتساءل باستسلام أين كنت وإلى أين تمضي، وهل أنت سعيد في رحلة ركضك المتواصل نحو نهايتك أم خاصمتك السعادة ونسيتك البسمة وقذفت بك الحياة في دوامتها.
حينما قيدني سرير المرض شعرت بالرضى رغم الألم، فقد كنت في حاجة إلى أن أخلو بنفسي من صخب الدنيا وضجيج الألسن، حاولت الهروب بالتحديق في السقف محاولة أن أنسى كل شيء، لكن صور الشاب التونسي «البوعزيزي» بجسده المحروق الملفوف بالضمادات ظلت تطاردني..
انزعجت كثيرا لأن من أشعل ثورة تونس لم يشهد ما آل إليه الوضع بعد حرقه لجسده، لم يفرح برؤيته لرئيس البلاد المفدى يتسلل هاربا كلص مبتدئ، كنت أتمنى لو ظل حيا ولو لبضعة أيام.. أما وقد توفي فقد ظللت أطارد ذكراه بغصة في الحلق ودمعة مخنوقة لم تنزل أبدا.
أن يحرق شاب في ال26 من عمره جسده الفتي ويطعمه للنيران تعبيرا عما تبقى من الكرامة، رد فعل لروح مكابرة تعبت حد الانتحار حرقا، مجرد التفكير في الأمر يصيب بالدوخة فكيف بجسد يهدى للسعات النيران.
لذلك أفضل أن أسميها ثورة البوعزيزي على ثورة الياسمين، فهناك الكثيرون ممن ظلوا مختبئين طيلة هاته السنين سيظهرون فجأة ليأخذوا نصيبهم من كعكة الثورة، فيما متزعموها الحقيقيون سيطويهم النسيان.
ظللت طويلا أفكر في هذا الشاب الشجاع والجريء وإن كنت ضد الانتحار، إلا أن ما أقدم عليه سيظل منحوتا في ذاكرتي لشاب ظلم حد الموت، وما أكثر المظلومين في هذه البلدان الشبيهة بالسجون المفتوحة.
المرض يجعلك تشعر بالوحدة، ويفضح أصدقاءك الحقيقيين من المزيفين.. فهناك دائما من يسأل عن حالك وهو ينظر في عينيك في انتظار جواب، وهناك من لا يهمه أمرك، سواء حضرت أم غبت.. أم رحلت.
وفي ضعفك تكتشف أيضا كم أنت كائن بسيط منهار، زكام عابر قد يغير كل برامجك وأعمالك وأحلامك ويجبرك على الخضوع له والاستسلام لمشيئته، ففي تعبك ودوارك وحالة الإغماء الطويلة التي تصيبك تحاول أن تحيا في صمت وأنت وحيد في عزلتك، تفكر في ماضيك وحاضرك وتتطلع إلى مستقبلك.
المرض يعمق الوحدة، لكنه حقيقة لا يعرف عمقها سوى المرضى ممن يجثمون فوق الأسرة شهورا طويلة، أولئك المنسيون في المستشفيات والحجرات الباردة، أناس وصغار يعانون كل لحظة في حين ننعم نحن بالصحة ولا ندري أي كنز وهبنا الله إياه ولا ندري قيمته، نفكر بما ليس لدينا ولا نتوقف لحظة لنحمد الله على نعمه الكثيرة التي حبانا بها..
أسبوع، إذن، بعيدا عن العالم قريبا من الذات، وكأن إيقاع الحياة قد تغير، وكأن عقارب الساعة قد توقفت، لم يعد يهم سوى نبض القلب وسكون الجسد في انتظار أن يشفى.. وبين رحلة المرض والشفاء سفر في الذات ليشفى من ماضيه وآلامه وأسئلته وهواجسه..
فما المرض إلا تعب الذات من تحمل ما لا يطاق..
سهر البدن طلبا لراحة عابرة..
سقوط أفقي بعد حروب متواصلة..
غياب قصير جعل الكثيرين يسألون بحرقة أين رحت، فأسعدني السؤال وأدفأني..
فقمت من فراش المرض لأرد..
حمدا لله، ها قد عدت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.