قبل يومين، عادت إلى المغرب كوثر بودراجة، وهي معدة ومقدمة برامج مغربية في قناة «نسمة»، التي تتخذ من تونس مقرا لها، وهي العودة التي سبقتها العديد من الأحداث الخطيرة التي تزامنت مع إسقاط ناظم زين العابدين بن علي. وذكرت كوثر بودراجة أن قرار مغادرتها الأراضي التونسية لم يكن قرارا شخصيا وإنما كان برغبة ملحة من والدتها، التي أصرت على ضرورة دخول كوثر المغرب والاطمئنان على صحتها. في هذا الإطار، قالت بودراجة، في تصريح خصت به «المساء»: «أنا من الناس المهاجرين القلائل الذين رفضوا مغادرة تونس في عز الأزمة وإطلاق الرصاص الكثيف، لأنني كنت أضع أمام عيني مقولة والدي حينما قال إن المكان الذي يكسب فيه الإنسان لقمة العيش لا يمكن أن يتخلى عنه في عز الأزمة، وأنا أعترف أن فضل تونس علي كبير ولا يمكنني أن أنكره أو أتناساه، لهذا فعلى الرغم من أن الرصاص «كان ينزل فوق الرؤوس» وتحس أنك في حرب بفعل قوة الطلقات، فإنني لم أفكر أبدا في الرجوع والهروب من تونس، لأنني في تلك اللحظة كنت جزءا لا يتجزأ من الشعب التونسي»... وتواصل مقدمة برنامج «ناس نسمة» بوحها ل«المساء» قائلة: «حينما هدأت الأمور بشكل تدريجي وأُعلِن عن تشكيل حكومة جديدة، كان طبيعيا أن أفكر في مغادرة تونس والعودة إلى بلدي، لأنني كنت أتهرب من طلب والدتي الدخول إلى المغرب في تلك الفترة، لأنه في نهاية المطاف، يجب أن أرى والدتي، التي تريد أن تراني وتطمئنّ على صحتي»... وحول ظروف مغارتها تونس قالت بودراجة: «أول شيء هو أنه بعد فرض حالة الطوارئ، كلفت مجموعة من الجيش بحراسة القناة وتم إشعارنا بأننا في أمان وأنه لا داعي للخوف أو التوجس من أي شيء، وحينما سمعوا بمغادرتي، خصصت شاحنة جيش لإيصالي إلى المطار، ومن ثمة كنت «أُسلَّم» من رجل شرطة إلى آخر، إلى أن ركبتُ الطائرة.. لقد كان الحرص على أن أغادر تونس في أمان، وهذا خير لن أنساه لهم ما حييت، فليس سهلا أن تخصص لأي أحد رجال أمن خاصين في مرحلة عصيبة للغاية»... وعن ذكرياتها حول ما حدث من عنف، قالت بودراجة: «بعد خطاب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فُرِضت حالة طوارئ وتم منع التجول، إلا أن هذا لم يمنع الشبان التونسيين من الإطلالة من النوافذ وترديد الشعار التونسي في كل مكان، في مشهد مؤثر للغاية، إذ كانوا يخرجون ويطلون في توقيت واحد وبلسان واحد ليرددوا شعارهم الوطني الشهير، وهو ما جعلني أتفاعل معهم وأردد معهم مقاطع النشيد، مع سماع هتافات التكبير في كل الأرجاء». وحول تغيير برمجة قناة «نسمة تي في»، قالت كوثر بودراجة في تصريحها ل«المساء»: «بعد دخول تونس مرحلة إطلاق النار ووقوع أحداث عنف وسقوط ضحايا، كان طبيعيا أن يتغير تعامل القناة مع الأحداث، بتركيزها على الأخبار والبرامج الحوارية، إذ لا يُعقَل أن نقدم برمج مسابقات أو عروضا للأزياء في وقت تعيش بعض العائلات الأحزان بسبب رحيل أبنائها، ولكنْ إذا هدأت الأمور، من المؤكد أن تعود القناة إلى تصورها العادي».