قالت كارمن كافاريل، المديرة العامة للشبكة العالمية لمعاهد سيرفانتيس، وهي شخصية مقربة من رئيس الحكومة الإشتراكية لويس رودريغيث ثباتيرو، إن عملها يهدف إلى إحداث لقاء للثقافات في ضفة البحر الأبيض المتوسط الذي يعد مهد الحضارات القديمة وأرضا لأقدم الصراعات والحروب، موضحة أن مهمتها اليومية هي مد الجسور بين مختلف الثقافات وتحقيق التلاقح في ما بينها. وأشارت كافاريل، في حوار ل«المساء»، أن اشتغالها مديرة لمديرية الاتصال السمعي البصري في جامعة مدريد، ثم تسييرها للإذاعة والتلفزيون العمومي الإسباني ولذا لديها قناعة بضرورة دفع معهد سيرفانتيس إلى ولوج مجتمع الإعلام والمعرفة. - نعيش حاليا في مجتمع يتميز بعودة قوية للدين على الساحة العالمية، هل يصطدم عمل شبكة معاهد سيرفانتيس التي تحاول نشر ثقافة كونية وإسبانية خصوصا بهذا المعطى القائم؟ < نحن نحاول إحداث لقاء للثقافات في ضفة البحر الأبيض المتوسط الذي يعد مهد الحضارات القديمة وأيضا أرضا لأقدم الصراعات والحروب، ونحاول في ظل الحكومة الإسبانية الحالية، بقيادة لويس رودريغيث ثباتيرو، خلق فضاءات للتلاقي الحضاري، ويقوم عملنا اليومي على مد الجسور بين مختلف الثقافات وتحقيق التلاقح الثقافي بينها، ورأيي الشخصي أننا نعيش لحظة تتميز بالتلاقي بين الشعوب أكثر من التصارع في ما بينها، وبطبيعة الحال فإن شبكة سيرفانتيس العالمية التي أوجد على رأسها توجد في قلب كل هذه التحديات. - ما هو الهدف الرئيسي الذي وضعته نصب عينيك بعد تقلد الإدارة العامة لمعهد سيرفانتيس بمدريد؟ < ربما هو تحقيق إشعاع لمعهد سيرفانتيس عبر العالم، وأعتقد أنه في السنوات الأخيرة استطاعت الشبكة العالمية لمعاهد سيرفانتيس أن تتحول إلى مؤسسة ذات قيمة لتعليم اللغة ونشر الثقافة الإسبانية، ونتمنى الحصول على مزيد من المداخيل المادية من أجل فتح مراكز أخرى في عدة جهات من العالم، ونحن في الطريق الصحيح. - هل تواجهون أساسا مشكلة في الميزانية التي تخصصها الدولة الإسبانية لمعهد سيرفانتيس؟ < المشكلة مادية أساسا، بيد أننا نطمح إلى الحصول على أساتذة ذوي كفاءات عالية، من أجل الرفع من مستوى تعليم اللغة الإسبانية. - ما هي القيمة المضافة التي يحققها مجيئك من تسيير التلفزيون العمومي الإسباني إلى رأس الإدارة العامة لمعهد سيرفانتيس؟ < أعتبر نفسي امرأة حداثية، اشتغلت مديرة لمديرية الاتصال السمعي البصري في جامعة مدريد، وهو ما راكم لدي قناعة بضرورة دفع معهد سيرفانتيس إلى ولوج مجتمع الإعلام والمعرفة، وأؤمن بضرورة توظيف التكنولوجيا الحديثة وتقنيات السمعي البصري في التلقي والتكوين، مثلما احمل رؤية تهدف إلى انجاز مشروع تلفزيون وإذاعة تبث عبر الأنترنيت، وهو راهن جدي يحاول مخاطبة الشباب الذين يبذلون مجهودا من أجل تعلم الإسبانية باعتبارها جواز سفر عالميا. - هل شرعتم في تنفيذ بعض من هذه المشاريع؟ < فعلا، وضعنا عدة مشاريع من أجل خلق عدة مواقع في الأنترنيت مرتبطة بالموقع الرئيسي لمعهد سيرفانتيس، وحتى تصبح هذه الشبكة مكانا للتلاقي والتفاعل بين جميع مرتادي الأنترنيت الذين يحبون اللغة الإسبانية. - هل تجدين نفسك متأثرة بشخصية مديرة الإذاعة والتلفزيون السابقة وأنت في منصبك الجديد؟ < أظن أنني مازلت متأثرة بتجربتي في التلفزيون، فالمحطات التي نمر بها في مسارنا تؤثر علينا في المحطات التالية من حياتنا، وأريد أن أشير إلى أن الإسبانية هي لغة للتواصل ونقل الثقافة والتطور الحضاري، واعتقد جازمة أن الشباب بات يستعمل الأجهزة المتنقلة مثل الحواسيب والهواتف النقالة أكثر من الأجهزة غير المتنقلة مثل التلفزيون، ويفرض علينا كل ذلك تحديات مواكبة المستجدات. - نلاحظ أن الإسبانية باتت تمثل اللغة الثانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ما هو مستقبل هذه اللغة عالميا؟ < أعتقد أن للإسبانية مستقبلا زاهرا في الولاياتالمتحدة، ونحن نخترق الأوساط السياسية والثقافية في هذا البلد بشكل أصبحت فيه هذه اللغة آلية مهمة في التواصل بالنسبة إلى السياسيين الأمريكيين، وهناك عدة مبدعين في الولاياتالمتحدة يعبرون عن ذواتهم بالإسبانية في قلب أمريكا، كما أن الشركات متعددة الجنسية باتت تطالب بمتحدثين بهذه اللغة الحية، لإدراكها بأنها مفتاح لسوق تضم 22 دولة. - تغلب على المغرب الثقافة الفرانكفونية التي تعد لغة غالبية المثقفين والسياسيين وهذا يطرح رهانا حقيقيا على امتداد اللغة الإسبانية في أقرب بلد إليها جغرافيا وتاريخيا؟ < الحقيقة أن المغرب ما زال متأثرا بالثقافة الفرنسية، بيد أننا لاحظنا في السنوات الأخيرة ارتفاعا لعدد المعاهد الثقافية الإسبانية في المغرب، ودشنا أخيرا مركزا جديدا في مراكش (جنوب المغرب)، وما يهمني شخصيا هو أن تكون هذه الفضاءات أمكنة للتفاهم واللقاء والحوار بين ثقافتين تجمعهما أشياء كثيرة واستطاعتا أن تعيشا جنبا إلى جنب طيلة قرون، فثقافتنا تضم عدة أشياء قادمة من الثقافة العربية والمغربية خصوصا، وألاحظ في المغرب حضورا لعدة شركات إسبانية واهتماما متزيدا باللغة والثقافة الإسبانيتين اللتين تعدان أهم عنصر للوجود الإسباني، كما أننا نعمل على خلق شراكة بين المجتمع المدني في البلدين. - هل لديك سر تخفينه كان وراء كل هذه النجاحات التي حققتها؟ < أنا امرأة عاشقة للعمل، وواعية جدا بطبيعة جميع الأعمال التي قمت بها، كما أنني مستوعبة لمعنى أداء الخدمة العمومية على أكمل وجه وطبيعة المرفق العمومي الذي عملت به بحكم أن كل ما أقوم به يستفيد منه المجتمع، ومن هذا المنطلق فإن كل ما أقوم به، يفجر في دواخلي طاقات لا تتصور، وأعتقد أن هناك ميزة أخرى أتمتع بها تكمن في كوني شخصا يصغي كثيرا إلى ما يقوله الآخرون أكثر مما يتكلم. - توجد في الحكومة المغربية وزيرات يشغلن عدة مهام، فهل تنصحيهن بالإصغاء والعمل للنجاح في المهمات الموكولة إليهن؟ < نعم، أنصحهن بالإصغاء كثيرا، وأظن أنه على الجميع أن يتعلموا فن الإصغاء من أجل تحقيق تراكم في المعلومات التي تساعد على اتخاذ القرارات الصائبة. - عينت قبل شهور فقط في منصب الإدارة العامة لمعاهد سيرفانتيس ونحن الآن على مشارف انتخابات تشريعية مقبلة، ألا ترين أنه ليس أمامك الكثير من الوقت لتحقيق جميع مشاريعك؟ - أومن دائما بأن الوقت متوفر لتحقيق جميع الأهداف التي نطمح إليها، والأساسي أنني وضعت مجموعة من الأهداف أمام عيني ولدي إحساس ببلوغها.