شكل اعتقال «تشيروكي» القائد العسكري المفترض لتنظيم إيتا الباسكية فجر يوم الاثنين بجبال البرانس بالتراب الفرنسي أهم حدث عاشت على إيقاعه شبه الجزيرة الإيبيرية هذا الأسبوع، إضافة إلى المصافحة التاريخية التي جمعت بين جورج بوش ورودريغيث ثباتيرو على هامش مشاركة إسبانيا الصعبة في مؤتمر الأزمة العالمية الذي انعقد بواشنطن نهاية الأسبوع الماضي. كان للخبر وقع الفرحة في إسبانيا، فاعتقال «تشيروكي» القائد العسكري المفترض لتنظيم إيتا الباسكية فجر يوم الاثنين بجبال البرانس أسعد المسؤولين الإسبان، وخصوصا رئيس الوزراء الإسباني لويس رودريغيث ثباتيرو الذي له ثأر قديم مع المنظمة الانفصالية بسبب خدعة الهدنة التي أوقعته فيها قبل عامين وأنهتها بتفجير جناح تي كواترو في مطار مدريد باراخاس، لذلك يعد اعتقال غاريتكويتش إسبازو روبينا الملقب ب«تشيروكي»، مسمارا كبيرا يدق في نعش إيتا. وبمجرد تناقل وسائل الإعلام خبر القبض على أحد الحيتان الكبرى لإيتا، خرج ثباتيرو ليزف النبأ أمام ميكرفونات الصحافيين في مقر الحكومة قائلا: «إن ما حدث يعتبر عملية حاسمة في مكافحة إيتا لأن الذي سقط هو الذي سيقود إلى منظمة إيتا المسلحة التي تطالب باستقلال إقليم الباسك»، وأضاف ثباتيرو أن القائد العسكري لمنظمة إيتا «كان أهم قائد ميداني في السنوات الأخيرة»، ويعتبر اعتقاله «ضربة كبيرة» لتنظيم إيتا السري. وجاء إعلان الفرنسيين عن اعتقال تشيروكي على شكل بيان أصدرته ميشال إليو-ماري وزيرة الداخلية الفرنسية، التي أعلنت فيه أن القائد المفترض للجناح العسكري لمنظمة إيتا اعتقل ليلة الأحد-الاثنين في منطقة جبال البرانس العليا (جنوب غرب فرنسا). وأضافت الوزيرة، التي لم تقدم تفاصيل عن مكان الاعتقال وظروفه، أن «تشيروكي» مشتبه في تنفيذه جريمة قتل عنصرين من الحرس المدني الإسباني في كابريتون لاند (جنوب غرب) في الأول من دجنبر 2007، وهذان الشرطيان هما راول كانتينو (24 عاما) وفرناندو ترابيرو (23 عاما) اللذان قتلا برصاص ثلاثة من عناصر منظمة إيتا لدى خروجهما من مقهى في كابريتو، إثر قيامهما بمهمة استخباراتية في جنوب غرب فرنسا، وهي الحادثة التي خلفت حزنا عميقا في إسبانيا، ووعد المسؤولون الإسبان إثرها بمواصلة الجهود للقضاء على إيتا، خصوصا بعدما أعلنت المنظمة في بيان مسؤوليتها عن الجريمة المزدوجة، مؤكدة عزمها على ضرب قوات الأمن الإسبانية «في كل مكان». وباتت السلطات الإسبانية تعتقد أن تشيروكي يعد إحدى الشخصيات التي أفشلت المفاوضات التي باشرتها مع تنظيم إيتا خلال الولاية الأولى لثباتيرو بعدما تسلم مقاليد الجناح العسكري لإيتا منذ عام 2003، كما أنه كان من الأشخاص الذين لم يكونوا مقتنعين بالتفاوض مع الحكومة الإسبانية، وبذل كل ما في وسعه من أجل إنهاء مسلسل المفاوضات، بيد أنه لم يكن وقتها المسؤول الوحيد في التنظيم، لذلك ستخرج القطيعة إلى حيز الوجود بعدما التقت إرادته مع إرادة خابيير لوبيث بينيا المعروف ب«تييري» والذي اعتقلته السلطات الإسبانية قبل أشهر، والذي سيشغل منصب المسؤول السياسي بعد تحالفه مع تشيروكي وعزلهما ل«تيرنيرا» الذي كان يقود المفاوضات مع ممثلي حكومة ثباتيرو، وبذلك سيطر الجناح المتشدد على التنظيم الذي قرر العودة إلى العمل المسلح وخلق توتر اجتماعي مشابه للحالة التي حدثت بعد فشل مسلسل الهدنة في عهد خوسي ماريا أثنار، رئيس الوزراء الأسبق، بهدف إخضاع الحكومة لشروط المنظمة، لكن على ما يبدو، فإن هذا الجناح المتشدد فشل في مسعاه، أولا باعتقال تيري، وثانيا باعتقال تشيروكي، وهو ما عبر عنه ثباتيرو بقوله: «إيتا اليوم أكثر ضعفا والديمقراطية الإسبانية أكثر قوة». تفاصيل العملية في الساعات الموالية للاعتقال، كشفت السلطات الإسبانية عن تفاصيل العملية التي أوقعت بتشيروكي، وقالت إن اعتقاله تم في محطة للتزلج في جبال البيرينيه حيث كان يقضي فترة استراحة من العمل إلى جانب قائد آخر في التنظيم يدعى أرانو معروف بكونه يحمل هواجس أمنية ترافقه أينما ارتحل، وتم رصد وجود تشيروكي في محطة التزلج التي قضى بها أربعة أيام عبر رسائل إلكترونية بعث بها من جهاز كمبيوتر شخصي إلى نشطاء في التنظيم، لكن ما لفت انتباه الاستخبارات الفرنسية هو السيارة التي استعملها تشيروكي خلال تلك الأيام وهي من نوع بيجو 207 حديثة الصنع، والخطأ الذي ارتكبه أنه وضع لها علامة ترقيم قديمة لا تتوافق مع الترقيم الجديد للسيارات من ذلك النوع، لذلك قامت الاستخبارات الفرنسية بالتحريات اللازمة واكتشفت أن السيارة مسروقة منذ أيام. وكان تشيروكي قد عمد إلى تغيير ملامحه عبر حلق شعره، كما عثر رجال الدرك الفرنسيون داخل الشقة التي كان يوجد بها تشيروكي على باروكة ونظارات. بوش وثباتيرو معا كانت تلك الصورة التي ظهر فيها الرئيس الأمريكي، المنتهية ولايته، جورج بوش ورئيس الوزراء الإسباني لويس رودريغيث ثباتيرو وهما يتصافحان تاريخية بكل المقاييس، فثباتيرو بدت عليه علامات النصر عندما أجبر بوش، الذي ظل يرفض استقباله طيلة خمس سنوات، على مصافحته في البيت الأبيض حتى لو كان ذلك في أيام فتى تكساس الأخيرة. ورغم ضراوة الحرب الباردة التي نشبت بين الرجلين، فقد قال بوش لثباتيرو بمجرد ما شاهده ومد يده لمصافحته: «كيف حالك يا صديقي»، وهي العبارة التي قالها بوش بالإسبانية، ثم رافق ضيفه إلى باب مقر المؤتمر، وخلال حفلة العشاء حرص بوش على قرع كأسه مع كؤوس جميع رؤساء الدول الحاضرين ولم ينس ثباتيرو الذي كانت تملؤه نشوة الانتصار، بعدما قتل في دواخله «أثنار صغير» كان يسكنه، ويتبجح بعلاقاته الجيدة مع الأمريكيين ويحاضر في جامعاتهم، بينما رئيس الحكومة كان شبه ممنوع من دخول البيت الأبيض. وأشارت مصادر دبلوماسية أوروبية إلى أن عزم ثباتيرو بات واضحا على ضرورة الانضمام إلى مجموعة العشرين، معولا على مساندة كل من ساركوزي والرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما الذي مد معه الجسور ودعمه منذ مدة، كما حظيت إسبانيا طيلة الفترة الماضية بدعم صحيفة اقتصادية لها وزنها عالميا وهي «دي إكونوميست». ثمن مشاركة ثباتيرو أثيرت تساؤلات كثيرة حول الثمن الذي قدمه رودريغيث ثباتيرو إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من أجل المشاركة في مؤتمر الأزمة المالية بواشنطن، وهو ما فجرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية بمقال نشرته حول محادثات بين ساركوزي وثباتيرو وقع فيها هذا الأخير على شيك سياسي على بياض لسيد الإليزيه عندما قال له: «سأمنحك كل ما تطلب، مقابل أن أشارك في المؤتمر»، وعثر ساركوزي على الحل عندما ترك أحد المقاعد التي تعود لفرنسا لرئيس الحكومة الإسباني، بيد أن الفاتورة مازال دفعها جاريا، حسب الصحيفة الفرنسية المقربة من أوساط نافذة داخل أعلى هرمية الدولة الفرنسية، وذكرت الصحيفة أن دافيد لوفيت، العقل الدبلوماسي المرافق لساركوزي كان هو مهندس مشاركة إسبانيا وهولندا في المؤتمر العالمي، وقد قال لساركوزي إن فرنسا لا تتوفر فقط على مقعدين، مقعدها كعضو في مجموعة العشرين ومقعد آخر باعتبارها رئيسة الاتحاد الأوروبي، لكنها تتوفر على مقعد ثالث يمكن أن تمنحه لأمستردام. وبذلك تم العثور على مقعد لإسبانيا، التي تعتبر القوة الاقتصادية الثامنة عالميا، وهولندا، وهو ما يعتبر انتصارا حقيقيا للدبلوماسية الفرنسية. والواضح أن ساركوزي وثباتيرو قد تخليا عن نهج المنافسة الباردة التي كانت بينهما خلال الأشهر الأولى الموالية لمجيء ساركوزي إلى السلطة، لصالح تعاون بينهما بسبب انشغال كبير هو الأزمة الاقتصادية التي تخنق أوربا والعالم بأسره. لكن مسؤولين في قصر المونكلوا الإسباني لم يترددوا في نفي كل ما نشرته لوفيغارو حول الشيك الأبيض الذي وعد به ثباتيرو ساركوزي، ولم يضيفوا أي تعليق على ما نشر في الصحيفة الفرنسية الجادة. بلدان في مواجهة القنب الهندي خلال الربورتاج الذي بثته القناة الخامسة الفرنسية حول تجارة المخدرات بالمغرب، ظهر أحد عناصر الحرس المدني الإسباني في البداية وهو يقول بصوت مسموع: «يجب ألا ننسى أننا على بعد 14 كيلومترا فقط من أكبر منتج للحشيش في العالم»، وهو الربورتاج الذي أدى بالدولة المغربية إلى مقاضاة القناة الفرنسية. لكن ما كشف عنه مسؤول الحرس المدني الإسباني حقيقة يدركها البلدان معا، لذلك، وحسب وثيقة تم توزيعها خلال زيارة قام بها مؤخرا كاتب الدولة الإسباني في الأمن، أنطونيو كاماتشو فيزكاينو، للرباط للقاء خالد الزروالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، فإنه في سنة 2008، تم حجز 163،163 طنا من الكيف و88.44 طنا من الشيرا و296،25 كيلوغراما من الكوكايين و932،5 كلغ من الهيروين و35 ألفا و673 وحدة من عقاقير الهلوسة، وكذا إلقاء القبض على 1200 شخص متورطين في الاتجار الدولي للمخدرات، من بينهم 600 شخص من جنسيات أجنبية.