لم تعد قضايا اختلاس المال العام واستعمال أختام الدولة بدون موجب حق والتزوير حكرا على رؤساء الجماعات المحلية أو مديري المؤسسات الكبرى، بل تعدى الأمر ذلك إلى قيام موظفين بسطاء بنفس الأفعال، بعدما وجدوا الأجواء مناسبة و فراغا في المراقبة المستمرة، إضافة إلى عيشهم في مشاكل يومية أفقدتهم الإحساس بالمسؤولية الملقاة عليهم بصفتهم يمثلون مؤسسات الدولة التي تبقى في خدمة المواطنين. وقد سبق أن عاشت مدينة الخميسات مثل هذه القضايا، حيث أحالت الضابطة القضائية، التابعة للمنطقة الإقليمية بالخميسات،على أنظار الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالرباط موظفا بالمندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة، متابعا بتهمة اختلاس المال العام واستعمال أختام الدولة بدون موجب حق والتزوير واستعماله والنصب، بعد التوصل بعدد من الشكايات ضده من طرف بعض الممونين للمؤسسة المذكورة ومن بعض المستفيدين من هاته الأخيرة. و كانت للمتهم سابقة قضائية أخرى، إذ سبق أن أدين بسنتين حبسا نافذا بسبب اختلاس أموال عمومية وقدم أمام المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية سنة 1994 حيث كان وقتها جنديا برتبة ضابط صف. مراسلة تكشف المستور وتعود وقائع القضية، التي شغلت الرأي المحلي، بعد توصل مصالح الضابطة القضائية بالخميسات بمراسلة كتابية عن طريق المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط قصد فتح بحث في الموضوع والاستماع إلى جميع الأطراف المعنية بالملف وإجراء ما يلزم من تحريات لتسليط الضوء على وقائع الشكاية مع تقديم المشتكى به عاجلا إلى النيابة العامة.وبناء على عريضة الوكيل القضائي للمملكة، بصفته نائبا عن الدولة في شخص الوزير الأول وعن وزير الثقافة بمكاتبه بوزارة المالية والخوصصة بالرباط، تم اعتقال المسمى(ع.ج)، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء، ويعمل موظفا بمندوبية وزارة الثقافة بمدينة الخميسات. ومنذ تاريخ 28 يوليوز 2005، تكاثرت الشكايات الواردة ضده من طرف بعض الممونين للمؤسسة المذكورة ومن بعض المستفيدين من هاته الأخيرة، فقام المندوب آنذاك، اعتبارا لصفته، بإجراء مراقبة وتفتيش الحسابات التي يتكلف بها الموظف المتهم، حيث خلص إلى أن هذه الحسابات غير مضبوطة وتعتريها بعض الشوائب والنواقص، مما تطلب إيفاد لجنة تابعة للوزارة الوصية عن القطاع من أجل افتحاص الحسابات والوقوف على وضعيتها المالية. نصب وتزوير أختام الإدارة كانت اللجنة، التي حلت بمقر المندوبية لوزارة الثقافة، جد حاسمة في عملية افتحاصها مع جميع كل من ثبت أن له علاقة بهذا الملف، الذي حير موظفي المندوبية المعروفة بعدم إثارة الانتباه إلى مشاكلها الداخلية وما يقع بها من اختلاسات خطيرة بطلها الموظف الذي أشار إليه ملخص تقرير اللجنة بكونه تعمد استعمال أختام الإدارة من اجل تقاضي مبالغ مالية من بعض الممونين واستلام أغراض مختلفة من عقاقير ومواد صباغة ومستلزمات مكتبية وغيرها لحسابه الخاص بدعوى أغراض إدارية. وأفادت اللجنة أنه رغم توجيه رسالة مضمونة إلى نفس الموظف لإخباره بتغيبه غير المبرر عن العمل وبالأفعال المنسوبة إليه وضرورة إرجاع الطوابع الموجودة بحوزته، فإنه لم يذعن. كما خلصت نفس اللجنة إلى أن الموظف نصب على بعض أطر المندوبية بتحويل علاوات وتعويضات تخصهم لفائدته الشخصية على حساب الميزانية الخاصة للمندوبية. اعترافات الموظف المتهم الموظف الذي تم إلقاء القبض عليه، أكد في اعترافاته الأولية، أنه كان جنديا برتبة ضابط صف وسبق أن تورط في قضية مماثلة توبع على إثرها قضائيا، وتم تسريحه من صفوف الجيش بعد قضائه عقوبة سجنية مدتها سنتان. وكان ذلك سنة1994.وبعد توظيفه متم نفس السنة ككاتب بسيط في مندوبية وزارة الثقافة بمدينة بوعرفة إلى غاية سنة 2000، تم تنقليه إلى مدينة تازة حيث أنيطت به مهمة شسيع نفقات، التي ظل يمارسها إلى غاية شهر أكتوبر من سنة2004، ليصبح بعد ذلك عون تنفيذ بالمندوبية الإقليمية بالخميسات، حيث ارتأى المندوب تعيينه شسيعا للنفقات، التي ظل يزاولها إلى غاية عزله عن العمل.وأضاف في اعترافاته لعناصر الضابطة القضائية في محضر رسمي أن مشكل تفاقم وضعه المالي بصفته المعيل الوحيد لأسرته الصغيرة وتأزم حالته النفسية وصراعه مع المندوب بخصوص استفادته من السكن الوظيفي،الذي أعطي لآخر رغم حاجته الملحة إليه، كلها أسباب زادت الوضع تأزما، خصوصا الرفض الممنهج من المندوب في تزكية مصاريف قدرت ب 7910 دراهم التي صرفها المعني من ميزانية المندوبية لفائدة بعض الناشطين. وأفاد كذلك أن مجموع الإيرادات المالية، التي قاربت مبلغ 47300 درهم، هي ثمرة نشاطه المحظور، استفاد منها لفائدته الشخصية بمقايضة السلع، التي اقتناها بأذونات مختومة وتصرف فيها ببيعها لأشخاص مجهولين بأوساط عمومية عدة بمدينة الخميسات، حيث كان يتعامل مع بعض أصحاب المكتبات، رغم عزله عن العمل باستعمال أختام إدارية تابعة للمندوبية، سهلت له الاستفادة من معدات مكتبية،علاوة على دفع مبالغ مالية نقدا للشسيع بدعوى أداء مستحقات المحاضرين من خارج الإقليم.