بإعلان المغرب عن تفكيك خلية إرهابية جديدة في منطقة أمغالا بالصحراء، يكون التهديد الإرهابي اتجاه المغرب قد انتقل إلى مرحلة متقدمة منذ تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003، فخلال السنوات الماضية تمكنت المصالح الأمنية من تفكيك واعتقال العديد من الشبكات المتطرفة التي كانت تسعى إلى التخطيط لهجمات داخل التراب المغربي، وكانت بصمات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي واضحة في هندسة بعض هذه الشبكات، مثل خلية تطوان التي تم اعتقالها قبل ثلاث سنوات، إلا أن الخلية الجديدة تتميز باثنتين من الخصائص عن الخلايا النائمة التي أسقطت في السنوات الثمانية الماضية. أول هذه الخصائص هي اختيار الموقع الذي تم فيه العثور على الأسلحة قرب الجدار الأمني المقام في الصحراء، فاختيار هذا الموقع يعني أن أفراد الخلية كانوا يريدون فتح جبهة جديدة انطلاقا من هناك لتحقيق هدفين: أولا أن يكونوا قريبين من المغرب ومن النقط التي تم اختيارها لتنفيذ هجوماتهم، وثانيا أن يبقوا قريبين من معسكرات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وحسب بلاغ وزارة الداخلية المغربية، فإن الأفراد السبعة والعشرين كان من بينهم عضو في التنظيم المذكور، تم إيفاده من قبل هذا التنظيم، بغية إنشاء قاعدة خلفية داخل المملكة وإعداد مخطط للقيام بعمليات إرهابية. يمكن القول هنا إن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، منذ أن أعلن عن اسمه الجديد، بعدما التحقت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية بتنظيم أسامة بن لادن عام 2006، قد حقق بعض الاختراقات الأمنية في بعض بلدان المنطقة، خاصة في موريتانيا، التي تمكن فيها من اختطاف العديد من الأجانب ومن تنفيذ عمليات إرهابية، والجزائر، التي تمكن فيها من تنفيذ عملية انتحارية كبيرة في أبريل من عام 2007 في العاصمة، مستفيدا من غياب التنسيق الأمني بين بلدان المنطقة ومن غياب مظلة أمنية إقليمية، لكن تلك الاختراقات الأمنية دفعته على الأرجح إلى البحث عن مواقع جديدة، بهدف الابتعاد عن مواطن التحصن في منطقة الساحل والصحراء وفتح جبهات أخرى في حالة تلقيه ضربات عسكرية في الجبهات التقليدية التي اعتاد التموقع فيها. لكن اختيار موقع أمغالا يطرح أسئلة أخرى حول رهانات تنظيم القاعدة من وراء ذلك، والمؤكد أن التقارير الدولية والإقليمية والمحلية التي سبق أن رسمت سيناريوهات للتقارب الأمني بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبين جبهة البوليساريو من شأنها أن تلقي بعض الضوء على هذا الاختيار، إذ لا دخان بدون نار، ويبقى السؤال هو: هل كانت الخلية، المحسوبة على القاعدة، تحمل أجندة خاصة بالبوليساريو، من حيث فتح جبهة عسكرية ضد التراب المغربي من ذلك الموقع، بهدف خلط الأوراق؟ أم إنها كانت تخطط لعملياتها حيث تتخذ من تنظيم البوليساريو قاعدة خلفية لتوفير الغطاء الأمني لها؟ ثم كيف تمكنت الخلية من التسلل إلى ذلك الموقع، وهل لعب مقاتلو جبهة البوليساريو دورا في توجيهها إلى تلك المنطقة؟ أما ثاني هذه الخصائص، بالنسبة إلى هذه الخلية، فهو مرتبط بالخصيصة السابقة، وينطلق من أن نوعية الأسلحة الروسية التي تم العثور عليها في المخابئ الثلاثة من المحتمل أن يكون مصدرها جبهة البوليساريو، وفي إطار الصفقات السرية بين الجبهة والتنظيم، بناء على تقارير عدة ذهبت إلى أن البوليساريو تعيد تحويل بعض الأسلحة التي تتلقاها من الجيش الجزائري في إطار الدعم العسكري إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ضمن صفقة تستفيد فيها الجبهة من جزء من التعويضات المالية (ما تسميه القاعدة فدية بالمصطلح الشرعي خطأ) التي تحصل عليها القاعدة.