سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفكيك خلية «أمغالا» يكشف مخططات القاعدة لضرب الاستقرار الأمني بالمغرب بنحمو: مخيمات تندوف تحولت إلى مشتل كبير للإرهابيين وفضاء سهل للتجنيد من قبل القاعدة
يطرح الكشف عن ثلاثة مخابئ أسلحة وذخيرة من صنع روسي، ب«خنكة الزريبة»، غير بعيد عن الحزام الأمني، أكثر من علامة استفهام حول دور عناصر جبهة البوليساريو وعلاقتها بخلية «أمغالا»، التي يقودها مغربي عضو في تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وخططت لإنشاء «قاعدة خلفية داخل المملكة وإعداد مخطط إرهابي لضرب المصالح الأمنية والأجنبية، باستعمال أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة. وفي انتظار أن تكشف التحقيقات، التي تباشرها السلطات المختصة حاليا، عن هوية أفراد الخلية السبعة والعشرين والعناصر التي قدمت إليهم الدعم خارج الحدود، ثمة دلائل كثيرة تواترت في السنوات الأخيرة تجعل فرضية تورط عناصر البوليساريو في أعمال إرهابية طبعت ببصمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قائمة وغير مستبعدة، خاصة في ظل تأكيد الكثير من التقارير الدولية تورط «البوليساريو» في الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والمساعدات الإنسانية بتواطؤ مع فرع القاعدة. ويكفي للتدليل على تورط عناصر البوليساريو، اعتقال السلطات الموريتانية عمر الصحراوي «المحارب المتمرس» في صفوف «البوليساريو»، الذي اختطف ثلاثة من عمال الإغاثة الإسبان في نونبر 2009 لحساب تنظيم القاعدة، واعتقال نحو عشرين عنصرا آخر من انفصاليي «البوليساريو» لهم علاقة بعملية احتجاز الرهائن، فضلا عن اعتقال مصالح الأمن الجزائرية في شهر يناير الماضي المدعو سيدي محمد محجوب، المنتمي ل«البوليساريو»، الذي ضبطت بمقر سكنه أسلحة ونحو عشرين كلغ من المتفجرات وكذا مراسلات مع عبد المالك دروكدل الذي نصب نفسه أميرا لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وبرأي عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن ما كانت تشير إليه العديد من الدراسات والتقارير الأمريكية والدولية وأكد عليه المغرب أكثر من مرة، من وجود ارتباط بين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمخابرات الجزائرية والبوليساريو، لم يعد مجرد مؤشرات أو تخمين وإنما أصبح مؤشرات ملموسة على أرض الواقع من خلال خلية «أمغالا»، مشيرا في تصريحاته ل«المساء» إلى أن المخابرات الجزائرية تدير وتوظف تنظيم القاعدة الموجودة خارج الأراضي الجزائرية. وكان تقرير صادر عن المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن قد أشار إلى أن جبهة البوليساريو توجد حاليا في مرحلة متقدمة من التفكك تجعلها تشكل تهديدا جديا للاستقرار الإقليمي، مشيرا إلى حصول تقارب بين بعض عناصر البوليساريو وجماعات إرهابية، وإلى «انتشار الإيديولوجية السلفية بالمنطقة، المتمثلة في منظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والاستنزاف الناتج عن 30 سنة من صراع عبثي، سهلا اقتراب الشريحة الأكثر شبابا بالبوليساريو من الحركات الراديكالية». ويؤكد التقرير أن هذا التقارب تجسد من خلال اتصالات بين أعضاء من الحركة وإرهابيين من (الجماعة الإسلامية المسلحة) بالجزائر، وأن البوليساريو أصبح أحد خزانات التجنيد الرئيسية لمنظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مضيفا أن «غياب التعبئة وتأثر شريحة من(البوليساريو) بالفكر السلفي يصبان، في الواقع، في مصلحة منظمة من قبيل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي لديها حاجة ماسة إلى تجنيد مقاتلين جدد». ويعزو التقرير علاقة التكامل بين البوليساريو والقاعدة إلى حاجة هذه الأخيرة «لامتدادات محلية وحاجة هذه الحركة الانفصالية للاستفادة من الدعم المالي والزخم الإيديولوجي الذي تقدمه الجماعات الإسلامية المتطرفة، مما يسمح لها بإعادة تعبئة قواعدها التي أنهكتها ثلاثون سنة من الوعود الزائفة». وحذر المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن من انتشار أعمال العصابات والجريمة المنظمة العابرة للحدود كخطر آخر من الانحراف الذي قد تسلكه البوليساريو، حيث يشير إلى أن «خطرا آخر يرتبط بشكل مباشر بتعثر البوليسايو وإفلاسها الإيديولوجي، ويعززه الفقر المدقع السائد في مخيمات تندوف والعزوف الشعبي عن الانضمام إلى هذه الحركة الانفصالية، والذي ساهم في تنامي أعمال الجريمة». ويرى محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، أن «تورط عناصر البوليساريو في الإرهاب أصبح أمرا يقينا، ويؤكد شكوكا كثيرة في ارتباطها بمنظمات الجريمة الدولية وتهريب المخدرات والسلاح، وهو ما ثبت في الشهور الأخيرة بمناسبة تفكيك شبكات الجريمة الدولية المنظمة»، مشيرا في تصريحات ل«المساء» إلى أن مخيمات تندوف التي تعيش حالة شاذة بوجودها خارج القانون، تعتبر ملجأ للعديد من الأشخاص ومخبأ لكل أنواع المخدرات والأسلحة وكل أشكال التهريب السري. واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن تحول جبهة البوليساريو إلى مشتل كبير للإرهابيين وفضاء سهل للتجنيد من قبل القاعدة هو مسألة وقت فقط، مشيرا إلى أن الوضع الذي تعيشه فئة قليلة تسيطر على السلطة السياسية في مخيمات تندوف، وتعيش على ما كدسته من ثروات خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مقابل فئات عريضة من الصحراويين تقتات من الحرمان والفقر، يجعل هذه الأخيرة مستعدة للتعاقد مع الشيطان للخروج من الوضع الذي تعيشه. وإذ يرى بنحمو أنه «أمام سهولة كبيرة في تجنيد شباب يعيش الحرمان والإقصاء وبدون مستقبل داخل المخيمات، بالنظر إلى وفرة الأموال غير الشرعية المتداولة والمتوفرة في المنطقة نتيجة أنشطة تهريب المخدرات والأسلحة والهجرة السرية»، يؤكد «أننا أصبحنا حاليا أمام تداخل ما بين الهدف الإيديولوجي والهدف الاقتصادي»، وهو ما تكشف عنه الاختطافات التي نفذتها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتحصلت من خلالها على فدية بملايين الدولارات. ويؤكد رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن حجز ترسانة أسلحة وذخيرة تتضمن أسلحة من صنع روسي تستعمل في الحروب، كيلومترات قليلة عن الحزام الأمني وعن مخيمات تندوف، يطرح على مؤسسات الدولة المختصة ضرورة تعزيز وتدعيم حماية حدود المملكة في وجه الاختراقات التي قد تحدث بين الفينة والأخرى، مشيرا إلى أن الهدف كان هو إحداث أكبر الخسائر في الأرواح وبث رعب وهلع كبيرين في الأقاليم الجنوبية والشمالية للمملكة، فضلا عن الرغبة في إحداث وقع إعلامي كبير للعمليات الإرهابية.