كشف التحقيق القضائي الذي باشره عبد القادر الشنتوف، قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط، في إطار ملف «شبكة بليرج»، عن وجود كميات كبيرة من الأسلحة بكل من بلجيكا وهولندا وألمانيا كان أصحابها يستعدون لإدخالها إلى المغرب في إطار التخطيط لزعزعة استقرار المملكة. وحسب مصدر قضائي، فإن عبد القادر بليرج، المواطن المغربي الذي يحمل الجنسية البلجيكية، قد أكد أثناء التحقيق معه أن مغربيا يقطن ببروكسيل عرف بجمعه للتبرعات المالية لفائدة معتقلي السلفية الجهادية وعائلاتهم هو من أخبره بالأمر. وتقدر قيمة هذه الأسلحة، التي وصفت بالمتطورة، ب500 ألف أورو... أما الأشخاص المعنيون بتسلمها، حسب ما كشفت عنه التحقيقات، فهم من أتباع التيار السلفي الجهادي من «الجيل الجديد»، الذين لا تبدو عليهم علامات الانتماء إلى التيار السلفي، حيث يرتدون لباسا عصريا ويحلقون لحاهم. ووفق المخطط الذي نقل بليرج بعض تفاصيله، فإنه سيعهد إليهم باستخدامها في إطار أعمال تخريبية داخل المملكة بشراكة مع أفارقة من مالي والنيجر يرتبطون بدورهم بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. أما المغربي المقيم ببلجيكا، الذي أمد بليرج بهذه المعطيات، فينتمي إلى «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» وتربطه علاقة وطيدة بمحمد الكربوزي المقيم بلندن، يقول المصدر القضائي. كما اعترف بليرج، أثناء التحقيق التفصيلي معه، بأن عبد القادر حكيمي، الذي اعتقلته السلطات البلجيكية سنة 2004 وأدانته في الملف الذي عرف بملف «الجماعة المغربية»، قد كشف له قبل اعتقاله عن وجود أسلحة مخبأة بعدة منازل بمدينة الدارالبيضاء يوجد أخطرها بحي المعاريف. وبالموازاة أكد أن المواطن المغربي، الذي اشتهر بجمع التبرعات لمعتقلي السلفية الجهادية، قد اعترف له بوجود أسلحة أخرى مخبأة بالمنطقة الشرقية ما بين الناظور ومليلية ووجدة. ويتهم بليرج علي العراس، الذي اعتقلته السلطات الإسبانية بمليلية قبل أن تسلمه إلى نظيرتها المغربية، بكونه على علم بمكان إخفاء جزء من هذه الأسلحة، التي ستطرح بقوة ملف منظمة المجاهدين بالمغرب التي كان ينتمي إليها بليرج في أواسط الثمانينيات وظلت تربطه ببعض عناصرها علاقات رغم ابتعاده تنظيميا عن الجماعة. وتفيد المعطيات التي توصل إليها التحقيق القضائي بأن أعضاء تنظيم عبد العزيز النعماني «منظمة المجاهدين بالمغرب» قد تمكنوا من إدخال كميات متفرقة من الأسلحة خلال فترة التسعينيات عندما كانوا ينشطون في إطار شبكات دعم الجماعات الإسلامية الجزائرية. ويتهم عناصر هذا التنظيم الذين واصلوا نشاطهم بعد اختفاء النعماني- الذي يرجح أن يكون قد اغتيل بفرنسا- بنسج علاقات قوية مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ويركزون نشاطهم بالمغرب الشرقي، حيث كانوا يهربون الأسلحة القادمة من أوربا إلى داخل التراب الجزائري. وإلى جانب ملف تنظيم النعماني، فإن فصول محاكمة أكتوبر المقبل ستكشف عن خبايا جديدة مرتبطة بنشاط الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة. ففي سنة 2001، التقى بليرج، كما جاء في سياق إفاداته، بمحمد الكربوزي الذي تتهمه المخابرات المغربية بتزعم الجماعة المغربية المقاتلة، وتبادل الحديث عن مشروع قلب نظام الحكم القائم بالمملكة والقيام ب«أعمال جهادية» داخل التراب المغربي. انطلاقا من هذه المعطيات، فإن المتتبع لفصول المحاكمة بعد انطلاقها سيجد أن الارتباطات المحتملة لبليرج ببعض قياديي تنظيم «الاختيار الإسلامي»، الذي اندثر بعد خروج أصحابه إلى العلنية في منتصف التسعينيات، لن تكون سوى الشجرة التي تخفي غابة الخلايا السرية ومشاريع زعزعة استقرار أمن المملكة، سواء منها الخلايا التي توجد بين ظهرانينا أو الأخرى القادمة من الضفة الشمالية للبحر المتوسط. التفاصيل في الملف الأسبوعي