كشفت مصادر أن سوق الجملة للفواكه والخضر في مدينة القنيطرة يعيش أوضاعا جد خطيرة نتيجة عمليات الاستنزاف، التي تطال مداخيله بطرق غير مباشرة من طرف لوبيات الفساد المنتمية إلى جهازي السلطة والأمن في المدينة، وبعض كبار التجار، الذين جنوا ثروات ضخمة على حساب المال العام، بسبب تخاذل المجلس الجماعي لمدينة القنيطرة في تقويم اختلالات هذا المرفق. واستنادا إلى بعض المعطيات، فإن الأرباح غير المشروعة، التي تجنيها بعض الجهات النافذة بسوق الجملة، قد تتجاوز نصف مليار سنتيم سنويا، بفعل تفشي ممارسات يصنفها القانون الجنائي المغربي في خانة الأفعال الجرمية، مشيرة إلى أن أغلب السلع الموجودة في أسواق المدينة يتم إدخالها بشكل غير قانوني إلى القنيطرة، رغم الحواجز الأمنية المنتصبة في مختلف المواقع. وأوضحت المصادر أن عشرات الشاحنات المحملة بآلاف الأطنان من الخضر والفواكه غير خاضعة للتعشير، وتفد إلى داخل المدينة من كل أبوابها بلا حسيب أو رقيب، ليتم توزيعها على المحلات والمستودعات المفتوحة بدون رخصة في العديد من أحياء المدينة، رغم علم بعض رجال السلطة بوضعيتها. وألقت جهات، فضلت عدم الكشف عن هويتها، باللوم على عدد من المسؤولين الأمنيين والقياد والأعوان، محملة إياهم مسؤولية هذا التسيب، وقالت إن أعضاء دوريات المراقبة، المشكلة من السلطة والمجلس والأمن والقوات المساعدة، لم تطلهم رياح التغيير منذ سنين عدة، خصوصا المحسوبين على الأمن والقسم الاقتصادي بالولاية، وهو ما سمح لبعضهم بنسج شبكة علاقات قوية مع هؤلاء المزودين غير الشرعيين للفواكه والخضر، حيث غالبا ما تصادف هذه الدوريات أن تلك المستودعات مغلقة، بعدما تحركت لغة الهواتف النقالة. وواصلت نفس الجهات تحديدها لمكامن التبديد الذي يطال المال العام، مسلطة الضوء على فئة من وكلاء سوق الجملة، المنتمين على الخصوص إلى قدماء المقاومة وجيش التحرير، والذين يشتغلون بشكل مشترك، لأسباب متعددة، وهو ما يضرب مبدأ التنافسية بعرض الحائط، ويحد من ضخ مداخيل إضافية إلى صندوق الجماعة، ونفس الاستنزاف تعرفه مداخيل كراء الصناديق، التي لا تستفيد منها الجماعة، بعدما أضحت هذه العملية تدار من طرف لوبيات تحقق نسبة أرباح صافية قد تصل إلى 5000 درهم يوميا. وإذا كان المجلس الجماعي المسير لشؤون القنيطرة، الذي يقوده حزب العدالة والتنمية بتحالف مع حزب الاستقلال، لا يترك أي فرصة تمر دون أن يفتخر برزنامة من الإجراءات التي يدعي بأنه اتخذها لتنظيم هذا السوق، فإنه لم يقو إلى حد الآن على التصدي لمظاهر الفوضى والعشوائية التي يتخبط فيها هذا المرفق الحيوي، والتي بدا خلالها المجلس البلدي مكتفيا بلعب دور المتفرج إزاءها، بعدما خرجت العديد من الأمور عن سيطرته، مثبتا فشله الذريع في مواجهة ناهبي أموال هذا السوق، وتحقيق الجزء اليسير مما وعد به في حملته الانتخابية في هذا الشأن.