ولى الزمن الذي كان فيه بعض المغاربة يحرصون على التقاط صور لهم مع الهاتف، ذلك زمن كان الحصول فيه على خط هاتفي امتيازا تستغرق الاستفادة منه من بريد المغرب سنوات عديدة. اليوم، أصبح الهاتف ملتصقا بأجساد المغاربة، فقد قفز عدد المشتركين في الهاتف النقال إلى أكثر من 22 مليون مشترك في نهاية السنة الفارطة، مقابل مليون قبل حوالي عقدين من الزمن. تطور يؤشر عليه رقم معاملات قطاع الاتصالات في المغرب الذي قفز من 8.5 ملايير درهم في بداية 1999 إلى 30 مليار درهم في السنة الفارطة، أي حوالي 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام المغربي، وهو ما يدفع السلطات العمومية إلى التأكيد على أنه المساهم الأول على مستوى الضريبة على الشركات، للافتخار بنجاح مسلسل الخوصصة الذي عرف إخفاقات في قطاعات أخرى. في السنة الفارطة، انتقل عدد المشتركين في الهاتف النقال في المغرب إلى أكثر من 20 مليون مشترك، بزيادة ب25 في المائة مقارنة ب 2006، مما نقل معدل الولوج إلى هذا الصنف من الهاتف إلى 65.66 في المائة، وهو المعدل الذي ينتظر أن يرتفع مع إطلاق طلب العروض الخاص بالرخصة الثالثة للهاتف النقال في الربع الثالث من السنة القادمة. في نفس الوقت، يلاحظ أن عدد المشتركين في الهاتف الثابت وصل إلى 2.39 مليون مشترك في السنة الفارطة بزيادة بنسبة 89 في المائة، أما الأنترنيت فقد وصل عدد المشتركين فيه إلى حوالي 526 ألف مشترك. يفسر المراقبون لقطاع الاتصالات في المغرب هذه القفزة القوية التي ميزت القطاع في المغرب بالدور الذي لعبته وكالة تقنين الاتصالات في مواكبة التحرير الذي شهده والتطور التكنلوجي الذي فتحه على الجيل الثالث للهاتف النقال. غير أنه إذا كان الهاتف النقال قد عرف تطورا سريعا في المغرب، فإن ثمة هامشا جد واسع لتطور الهاتف الثابت والأنترنيت اللذين يتميزان بضعف انتشارهما في المغرب، مما يفرض على الفاعلين في القطاع تنويع الخدمات التي يقترحونها على الزبناء. وفي الوقت الذي يعزو فيه بعض المراقبين القفزة التي عرفها قطاع الاتصالات في المغرب إلى التطور الذي ميز أسعار المكالمات في المغرب، يشير البعض إلى غلاء تلك الأسعار مقارنة ببلدان أخرى ويعبرون عن تخوفهم من أن تكون ثمة اتفاقات بين الفاعلين حول الأسعار، خاصة أنهم انتظموا، في الآونة الأخيرة، في جمعية للدفاع عن مصالحهم، خاصة ذات الصلة بالجباية والخدمة الشاملة. ويعود التطور الذي ميز قطاع الاتصالات في المغرب إلى خوصصة شركة اتصالات المغرب التي تملك فيفاندي الفرنسية 51 في المائة من رأسمالها مقابل 34 في المائة للدولة المغربية، وهو التطور الذي ساهمت فيه ميديتليكوم التي أنشأها كونسورسويم، المكون من البنك المغربي للتجارة الخارجية وأفريقيا واتصالات البرتغال وصندوق الإيداع والتدبير. وفي السنتين الأخيرتين دخلت وانا التي تعود ملكيتها إلى الهولدينغ الملكي «أونا» والشركة الوطنية للاستثمار، حيث تراهن على الفوز بالرخصة الثالثة للهاتف النقال. وقد نما إجمالي مبيعات ميديتل ب13 في المائة ليصل إلى 6.8 ملايير درهم، في حين قفز صافي الربح ب132 في المائة ليبلغ 541 مليون درهم في السنة الفارطة، وصلت أرباح اتصالات المغرب في النصف الأول من السنة الجارية إلى 6.7 ملايير درهم، وصل رقم مبيعاتها إلى 14.3 مليار درهم. هذا في الوقت الذي ينتظر أن تبلور فيه «ونا» مخططا جديدا يأخذ بعين الاعتبار طلب العروض الذي ستطلقه الدولة بخصوص الرخصة الثالثة للهاتف النقال، بحيث تراهن على الفوز بها كي تجد لها مكانا مريحا بين اتصالات المغرب وميديتيل في السوق المغربي، بعد الخسارة التي تكبدتها في السنة الفارطة. هذا وتعرف المنافسة بين الشركات الثلاث أقصى درجات الحرارة حيث تتجه الشركات الثلاث عبر حملات إعلانية قوية وعروض تبدو «مغرية» إلى جعل المواطن يمتلك أكثر من هاتف نقال حتى دون أن يحتاج إليهاو وهو ما يطرح التساؤل حول طريقة توزيع ميزانية المواطن.