مراكش، التي يفتخرون بفيلاتها الفاخرة الأنيقة وبقصورها الفاتنة الفخمة في المجلات الملونة وفي الملصقات الإشهارية وفي القنوات العالمية،... هي نفسها التي لا يكتبون شيئا عن منازلها وأحيائها العشوائية التي تنبت في تناسق تام مع من يخططون لزحف السكن اللائق فوق أراض وتجزئات لا تظهر عليها فظاعة ما يشيد سوى في صور الأقمار الاصطناعية التي ينقلها إلينا الولي الصالح «غوغل» في خدمة مجانية بدون مقابل. الناس في مراكش يشبّهون «حزم» السلطات في ولاية مراكش مع البناء العشوائي بمقولة: «الفقيه دحمان قرا البرة في سبعيام وقاليهم الخط عيان»،... فقط لأن الوالي امهيدية حين يجمع رجال السلطة وموظفي قسم التعمير ويهدد علانية بتطبيق القانون في حق كل من ثبت تورطه في تشجيع البناء العشوائي والزج به في السجن،... فإن الناس هنا يرون أن عليه أن يشيد سجنا خاصا بهؤلاء قبل إطلاق تهديده،... وأيضا لأن سجن بولمهارز في مراكش لن يستطيع استيعاب كل الأسماء المتورطة في البناء العشوائي بالمدينة الحمراء لكثرتهم. هناك اليوم في مراكش رغبة في مسرحة البناء العشوائي،... فحين يهدد الوالي امهيدية بالزج في سجن بولمهارز بكل من ثبت تورطه في البناء العشوائي بالمدينة، نجد الولاية تكتفي في المقابل بتوجيه إنذارات شفوية إلى عدد كبير من أعوان رجال السلطة الذين يتورطون ويسهلون عمليات بناء السكن غير اللائق، حتى تحول هذا البناء إلى عمل منظم وإلى أحياء سكنية بأكملها، وظهرت إلى العلن تسعيرة خاصة بكل مسؤول وفترات خاصة تنشط فيها عمليات البناء وأخرى تتجمد فيها. في مراكش، لو اقتضى الحال معاقبة عون من الأعوان فإنهم يضحون به بالعزل، لكن لا أحد يستمع إلى اتهامات هؤلاء لرؤسائهم الذين كانوا يقتسمون معهم عائدات تسهيل عمليات البناء العشوائي وينفذون، تحت إشرافهم، خطط توسيع الوعاء العقاري للسكن غير اللائق باستنزاف جيوب الفقراء والبسطاء من الناس الذين يشيدون طوابق عليا ومنازل بدون رخصة سكن واحدة وبدون تصاميم هندسية، ولا أحد يلتفت إلى تقارير قسم التعمير بالولاية التي تحرر محاضر المخالفات التعميرية في مناطق بعينها فيما تغمض العين في مناطق تعرف تزايد الطلب على البناء العشوائي. هناك اليوم كثافة سكانية غير عادية وخطيرة مع تنامي السكن الهامشي وانعدام الربط بالكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي. وتكفي جولة في أحياء: ديور الشهداء، الملاح، عرصة بن ابراهيم، عرصة اهيري، سيدي يوسف بن علي، إزيكي، دوار ماشو، المحاميد،... للوقوف على أن مراكش، التي يفتخرون بها في مجالسهم الخاصة وأمام الأجانب وفي المجلات الملونة، ليست سوى فقاعة ببريق مزيف، وأنهم يبسطون للمشاهير خيرات المدينة ويسهلون لهم الاستيلاء على أراضيها بأثمان رمزية، وأن المدينة التي انفجرت بها متاجر الساعات اليدوية الفاخرة والمجوهرات ولباس الموضة العالمية... هي نفسها التي لا يتوفر 6 آلاف مواطن بقلبها النابض، مقاطعة المنارة وحدها، على الماء ولا على الكهرباء ولا على الوادي الحار، حسب إحصاءات رسمية استعرضها رئيس المقاطعة في لقاء رسمي بحضور الوالي امهيدية. تصوروا أن 90 في المائة من البناء في مقاطعة المنارة مخالف للقانون، حسب شهادة رئيس المقاطعة،... وتخيلوا أن مراكش التي يقدمونها كجوهرة سياحية ليست سوى عش كبير لسماسرة البناء العشوائي،... وتخيلوا حين يصبح قلب مراكش النابض الذي هو المنارة ب90 في المائة من البناء المخالف للقانون، ومع ذلك لازال الوالي امهيدية يكتفي بالتهديد المسرحي بالزج في السجن بكل المتورطين،... مع أن لا أحد أصبح يخيفه السجن... فقط لأن لا أحد في مراكش يصدق أن الوالي سيرسل أقرب مقربيه وأغلب رجال السلطة إلى زنازين بولمهارز.