تتبع حكماء الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري بالمغرب تجارب عدد من الدول المنخرطة في الشبكة الفرنكوفونية لهيئات ضبط الاتصال، في مجالات تتعلق بآليات ضمان التعددية السياسية في وسائل الإعلام السمعية البصرية. وقال أحمد غزالي، رئيس «الهاكا» المغربية ورئيس الشبكة الفرونكوفونية لهيئات ضبط الاتصال، في كلمة افتتاح ندوة عقدت على امتداد يوم أول أمس الاثنين وأمس الثلاثاء بمدينة فاس، إن الحرص على احترام التعددية، سواء في الفترات العادية أو أثناء الحملات الانتخابية، بات انشغالا مركزيا لمختلف هيئات الضبط بالعالم الفرنكوفوني، ويكتسي طابع الأولوية في إطار الرئاسة المغربية للشبكة. واستعرضت الندوة، في يومها الأول، عددا من التجارب، ضمنها تجربة كندا وفرنسا وسويسرا والبنين والمغرب. واستمع المشاركون، في أشغال اليوم الأول من هذه الندوة، إلى «شهادات حية» لتجارب إذاعية مغربية وفرنسية، لضمان التعددية السياسية في ميكروفونات واستديوهات المحطات الإذاعية والتلفزية وبعض الإكراهات المهنية التي «تخرق» بين الفينة والأخرى هذا المبدأ الذي تتفق كل التجارب على ضرورة ترسيخه في قاعات التحرير والدفاع عنه. ومن المرتقب أن تسفر هذه الندوة، التي تشهد مشاركة 60 ممارسا يمثلون 25 بلدا فرنكفونيا من أوروبا وأمريكا وإفريقيا والعالم العربي، من بينهم 15 رئيسا لهيئات ضبط أعضاء بالشبكة ، عن خارطة طريق تحدد معايير متوافق عليها من قبل أعضاء الشبكة لضمان المساواة في التعبير لفائدة مختلف الحساسيات السياسية في المجتمعات المنخرطة في هذه الشبكة التي تأسست في واكادوكو سنة 2007، واستكملت هياكلها في لقاءين آخرين، أحدهما عقد بدكار سنة 2008، والثاني عقد السنة الماضية بمدينة مراكش. وتحدث أحمد الغزالي عن هشاشة احترام مبادئ التعددية والتنوع والحياد والنزاهة في الإخبار والكرامة والتلاحم الاجتماعي حتى في بعض الدول التي تعتقد بأنها استقرت بشكل نهائي في ثقافة الديمقراطية ودولة القانون، مشيرا في هذا الصدد إلى المشاكل التي يطرحها وجود بعض الأصوات العاطفية المتطرفة التي تحاول استعادة أمجاد من الماضي وتستغل أزمات عابرة. وتاريخيا، فقد اقتصر تنظيم قطاع الاتصال السمعي البصري على أمريكا الشمالية، وعلى أوربا الغربية، لكنه تعمم غداة مسلسلات الانتقال الديمقراطي التي بدأت في عدد من بقاع العالم في بداية التسعينات من القرن الماضي. وطبقا ل»هوغو صادا»، مفوض السلام والديموقراطية وحقوق الإنسان بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية، فإن هذه المنظمة ب75 دولة منخرطة فيها، قد التزمت، في توصيات سابقة لها، بالسهر على إقرار وتفعيل آليات مستقلة للتنظيم والتنظيم الذاتي لوسائل الإعلام. لكنه، في المقابل، أقر بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتق هيئات الضبط في ترسيخ حرية الاتصال السمعي البصري في سياق الانتقال من وسائل إعلام في خدمة الدولة إلى وسائل إعلام في خدمة الجمهور. وتوقف المفوض الفرنكفوني عند حساسية دور وسائل الإعلام خلال الفترات الانتخابية حيث يناط بها ضمان الديموقراطية في توزيع فرص التعبير على جميع الفرقاء وضمان التنافس المفتوح بين المواقف المختلفة, مما يشكل مدخلا قبليا لنزع فتيل الصراعات والخلافات حول مصداقية المسلسل الانتخابي الذي يعتبر اللحظة القوية لتوطيد المسلسل الديموقراطي. وقال إن الهدف الأول لأي مرفق عمومي سمعي بصري يتمثل في بث مضامين تعددية تتوجه إلى شرائح واسعة دون تقصير في حق الأقليات بما يكرس التسامح والفهم المتبادل، ومن هنا دور هيئات الضبط في وضع معايير تحقيق التوازن والجودة وتوطيد مبدأ الحياد في الإخبار والتعليق.