أدان رجل القانون والجامعي الفرنسي شارل سان برو سياسة "الكيل بمكيالين" التي مارستها بعض وسائل الإعلام الغربية, خاصة الإسبانية, في معالجة قضية الصحراء, بدليل التغطية اللامتوازنة والمنحازة بشأن أحداث العيون. وتساءل, خلال لقاء مناقشة انعقدت نهاية الأسبوع الماضي في باريس, لماذا لا تهتم وسائل الإعلام هذه " المنشغلة بشأن احترام حقوق الإنسان", بالوضعية "المقلقة" جراء غياب القانون في مخيمات تندوف, حيث يحرم المحتجزون من حقوقهم الأساسية. وكان الهدف من هذا اللقاء إطلاع الرأي العام الأوروبي حول مسلسل التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الذي انخرط فيه المغرب حاليا بعزم وشرح مضامين المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل "الأمثل والعادل" لنزاع الصحراء. واستشهد السيد سان برو في العرض الذي قدمه بحالة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي اختطف منذ 21 شتنبر الماضي من قبل ميليشيات (البوليساريو) لأنه "عبر عن رأي" دافع فيه عن المخطط المغربي للحكم الذاتي. وذكر السيد سان برو, الذي أسس مع رجال قانون فرنسيين آخرين لجنة لدعم هذا المسؤول السابق في (البوليساريو) الذي امتلك شجاعة الدفاع عن المقترح المغربي, بأنه "لا أخبار عنه الى حد الآن", داعيا وسائل الإعلام للاهتمام بمصيره ومصير باقي المحتجزين في مخيمات تندوف التي توجد تحت مسؤولية الجزائر. وقال "إن الجزائر, برفضها ولوج المفوضية السامية الأممية لشؤون اللاجئين لهذه المخيمات, تنتهك القانون الدولي والتزاماتها باعتبارها بلد استقبال لهذه الساكنة", مذكرا أن "(البوليساريو) ليس لها وجود قانوني وأنه كيان مصطنع من طرف الجزائر ". وأبرز أن "بعض وسائل الإعلام الغربية, خاصة الإسبانية, تهلوس بتحاليل لا علاقة لها تماما بالواقع", مشيرا إلى أنها "تستعمل, عن جهل وربما عن تكاسل, مصطلحات مغلوطة بخصوص النزاع في الصحراء, من قبيل الأراضي المحررة واحتلال الصحراء الغربية والحق في تقرير المصير, في حين أن الصحراء كانت على الدوام مغربية". كما أعرب الجامعي الفرنسي عن قناعته بأن "استفتاء تقرير المصير لا يمكن أن يتحقق" في حالة الصحراء "لأنه لا يمكن أن نطلب من ساكنة وطنية ما إذا كانت ترغب في العودة إلى وطنها الأم", خاصة أن مختلف مخططات التسوية للأمم المتحدة خلصت إلى استحالة إنجاز مثل هذا الاستفتاء. وأكد في هذا السياق أن مخطط الحكم الذاتي المغربي يمثل "الحل الوحيد للخروج من الأزمة". وأعرب في هذا الصدد عن أسفه للسلوك "اللامسؤول" للجزائر التي تواصل "صب الزيت على النار" عبر السعي "لزعزعة استقرار المغرب", في حين أن هذا الأخير انخرط في المفاوضات "عبر وضع مقترح جاد وذي مصداقية على الطاولة من أجل تسوية النزاع". من جهة أخرى, ابرز رجل القانون الفرنسي أن حضور مجموعة شبه عسكرية في الصحراء يعد تهديدا آخر للاستقرار في المنطقة, في وقت أضحى فيه "الساحل دائرة للترويج بجميع أشكاله (الأسلحة والمخدرات والتهريب)", محذرا من "خطر انحراف إرهابي ل(البوليساريو) الذي ثبت أنه يقيم علاقات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وذكر في هذا الصدد حالة عمر الصحراوي, وهو من (البوليساريو) تورط في اختطاف رهائن إسبان, والذي أصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على إطلاق سراحه مقابل تحرير الرهائن. وتميزت ندوة-المناقشة هذه, المنظمة من قبل ائتلاف المهاجر الذي يقوده الجامعيان محمد مرايزيكا ومحمد عمراوي بمناسبة الذكرى ال`35 للمسيرة الخضراء, بمشاركة جامعيين ومثقفين وممثلي العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية من مختلف البلدان الأوروبية (فرنسا, وهولندا, وإسبانيا, وبلجيكا, وألمانيا, وإيطاليا). كما ركزوا بالخصوص على دور المواطنين الأوروبيين من أصل مغربي في الدفاع عن القضية الوطنية ومصالح المغرب عبر العمل على تطوير علاقاته الثقافية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي. وتأسس الائتلاف الجمعوي, الذي يوجد مقره في باريس, سنة 2008 بمبادرة من شخصيات من أصل مغربي لتحسيس الرأي العام الدولي حول رهانات قضية الصحراء و"الوضعية المأساوية" لمحتجزي مخيمات تندوف, خاصة بالنسبة "للأطفال المرحلين إلى كوبا".