ترقب في الأوساط السياسية والادارية في آسفي بعد تنصيب العامل الجديد فيطاح    البواري: ميزانية الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات والصيد البحري تفوق 17 مليار درهم        اتحاد طنجة يرفض طلب الوداد … !    العرائش: تدشين مشاريع تنموية بإلإقليم بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء    الجديدة: جزارو مولاي يخرجون للاحتجاج أمام مقر الجماعة    في آخر فرصة لهم.. وسيط المملكة يقترح على طلبة الطب حلين لإنهاء الأزمة    الجديدة : لقاء تواصلي حول برنامج GO SIYAHA بحضور فاعلين في مجال السياحة    الانتخابات الأمريكية: الجمهوريون يحصدون الأغلبية بمجلس الشيوخ    في ذكرى المسيرة الخضراء.. ترامب يعود للبيت الأبيض و"مغربية الصحراء" قد تكتسب زخماً جديداً    "فيفا" يلزم الوداد والأندية بالمشاركة بأقوى اللوائح في "موندياليتو 2025"    الرابطة البيضاوية تعزي في وفاة والدة هشام سهيل    بسبب تراجع مستواه … صابر بوغرين تتراجع قيمته السوقية    وزارة الصحة تكشف خريطة بناء مستشفيات جديدة بقدرة استيعابية تتجاوز 5000 سرير        استئنافية البيضاء تحدد أولى جلسات محاكمة القاضية المتقاعدة    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    لحماية القطيع.. وزير الفلاحة يمنع ذ بح الإناث القادرة على التكاثر    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا.. تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    أبطال أوروبا: هزيمة مفاجئة للريال في البيرنابيو وسيتي يسقط بالأربعة أمام سبورتينغ    دونالد ترامب معلنا فوزه بالبيت الأبيض: "صنعنا التاريخ"    اختتام فعاليات الدورة التدريبية لحكام النخبة (أ)    ترامب: حققت فوزا تاريخيا وسنغلق الحدود أمام المجرمين    قيوح يستعرض ميزانية وزارة النقل واللوجستيك برسم مشروع المالية 2025    بركة: 43.1 مليار درهم مجموع الاستثمار العمومي في قطاعات التجهيز والماء برسم ميزانية الوزارة ل2025    طقس الأربعاء.. ارتفاع درجات الحرارة وتناثر حبات رملية بالاقاليم الجنوبية    كيوسك الأربعاء | مقترح جديد ينهي أزمة أطباء المستقبل    ترامب يعلن فوزه ويعد بعصر ذهبي جديد لأمريكا    ذكرى المسيرة الخضراء.. الملحمة الخالدة    الانتخابات الأمريكية..ترامب يتقدم على هاريس في ولاية بنسلفانيا    الجمهوريون يكتسحون الانتخابات.. واحتفالات بين أنصار ترامب بالفوز قبل إعلان النتيجة النهائية    وزير الداخلية القطري: إقرار التعديلات الدستورية في قطر ب 90.6 بالمائة من إجمالي الأصوات الصحيحة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بدء إغلاق صناديق الاقتراع في أمريكا    29 برلمانيا بمجلس المستشارين يصادقون على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وثلاثة يمتنعون        الرباط.. إطلاق العديد من مشاريع التسريع المدني للانتقال الطاقي        بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    مرحلة ما بعد حسم القضية..!    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    كَهنوت وعَلْموُوت    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)    خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماعة العدل والإحسان... توضيحات أساسية
نشر في المساء يوم 25 - 11 - 2010

-1 أكيد أن من يتحدث عن جماعة العدل والإحسان سيتحدث عن الأستاذ عبد السلام ياسين، لأنه مؤسس الجماعة وتمكن من بنائها تنظيميا، وهو الذي صاغ إيديولوجيتها، وكل أدبيات الجماعة مرتبطة بما كتبه ويكتبه الأستاذ عبد السلام ياسين. فالبناء التنظيمي للجماعة انطلق من التصورات المتضمنة في كتاب «المنهاج النبوي»، رغم حدوث تغييرات كبيرة في البناء التنظيمي للجماعة يقف وراءها مرشدها العام.
من الملاحظات التي يبديها بعض المتتبعين لعمل الجماعة أن قيادتها لم تعمل على تطوير أدبيات ياسين، وكل ما كتبه أتباعها هو مجرد هوامش على المتن «الياسيني»، وسبب ذلك يكمن في إضفاء الأتباع طابعا كاريزميا عليه، فكثير من المواصفات التي أضفيت على الأستاذ عبد السلام ياسين جعلته يتمتع بوضعية خاصة لدى أتباع ومريدي الجماعة، قد تصل أحيانا إلى درجة التقديس، ولو أن الأستاذ عبد السلام ياسين ظل ينفي ذلك.
«كاريزما» الزعيم في كل تنظيم، وليس فقط في جماعة العدل والإحسان، لها وجه سلبي وآخر إيجابي. فالوجه الإيجابي يتمثل في الحفاظ على وحدة ذلك التنظيم، بحيث يبتعد الأتباع عن الخوض في الخلافيات باعتبار مرجعيتهم موحدة. أكثر من هذا أن الطابع الكاريزمي للزعيم قد يؤجل أو يخفي كثيرا من الخلافات داخل التنظيم، وقد يلعب هذا الطابع دورا في تقوية اللحمة بين مكوناته. وبالمقابل، فإن هناك وجها سلبيا لهذه الكاريزما، هو أن هيمنة الزعيم لا تساعد على تكوين قيادات تملأ الفراغ الناتج عن غياب الزعيم عند وفاته. وقد لاحظنا أن كثيرا من التنظيمات التي تأسست على كاريزما الزعيم غالبا ما تنتهي إلى نوع من الضعف بعد اختفاء زعيمها، لكون القيادات البديلة لم يسمح لها بتشكيل مجالها الخاص الذي يميزها عن الزعيم، وتعمل على تهميش من حولها وتصبح القيادات الأخرى جانبية، ولا تمتلك المواصفات لخلافة الزعيم. ولتوضيح أكثر، فمن سلبيات كاريزما الزعيم مع كونه منتج إيديولوجية التنظيم الذي أنشأه أنه، بعد الغياب أو الاختفاء، تخضع أدبياته التأسيسية للتأويل، مما ينتج تعدد القراءات، وتعدد القراءات يؤدي في نهاية المطاف إلى الانشقاق والتشرذم.
ولكن هنا يمكن التمييز بين مستويين: يتعلق الأول بالمستوى السياسي، فالقيادات السياسية تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها، أما في المستوى الثاني في التنظيمات الدينية، على غرار «الزاوية»، فيشتغل منطق آخر هو منطق «الشيخ والمريد». وأعتقد أن الطابع الكاريزمي يشتغل بنوع من الفعالية في سياق الزوايا والطرق، ولكن عندما نريد الانتقال من مستوى الزاوية إلى مستوى التنظيم السياسي وقتها يصبح الطابع الكاريزمي للزعيم الروحي عائقا في وجه تطور التنظيم.
2 - دائما تستحضر التنظيمات الإسلامية نموذج التجربة النبوية، فالدعوة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم انطلقت من دعوة الأقارب: الزوجة وابن العم والأصهار، وأحيانا لا تبتعد الجماعات الإسلامية المهووسة بإنتاج التجربة النبوية عن هذا الأسلوب. وعندما تتقوى الجماعة بعد التأسيس، نجد الأصهار والأقارب. وهذا المعطى يظل حاضرا حتى عندما تكبر وتتسع.
ثم هناك معطى آخر، فعند الحديث عن أتباع جماعة العدل والإحسان، نجد أنفسنا أمام أشخاص تحكمهم دوافع متباينة للانضمام إليها، منهم من يرغب في تصحيح ما يعتبره انحرافا ومنهم من يبحث عن منافع وامتيازات. وعلينا ألا نتعامل مع الجماعة انطلاقا من بعض المنتمين إليها، لأنه عندما يخطئ بعض المنتمين إليها نحمّل الجماعة وزر ما اقترفه هؤلاء.
وأعتقد أن هناك أشخاصا داخل الجماعة يبحثون عن مواقع، وقد انخرطت الجماعة في طرد بعض الأتباع، لأنها سجلت مخالفات ضدهم أو عدم التزامهم بمبادئها. فمادامت الجماعة مهتمة بالشأن العام وتطالب بمحاسبة المسؤولين أو إصلاح الأوضاع، فهي تنخرط في العمل السياسي. وفي العمل السياسي، أحيانا المصالح هي التي تحكم المواقف والسلوكيات، لذلك من حق قادة الجماعة أن يبلوروا خطابا مثاليا، وكذلك حصل مع القادة اليساريين في السابق، فهم يبلورون خطابا مثاليا ويشنفون أسماعك عند الحديث عن الديمقراطية والمدينة الفاضلة ومصلحة الشعب. ورأيي أنه في العمل السياسي يجب أن نترك الدين جانبا، وأن نبحث في صراع المصالح. وهذا «التشنج» الموجود بين الجناح التربوي والجناح السياسي محكوم بمصالح وصراع حول المواقع. وكل تنظيم سياسي من حقه أن يبلور إيديولوجية سياسية لا يمكن أن تكون فاعلة إلا إذا اعتبرت ما يقوم به أتباعها شيئا محمودا ومثاليا وما يقوم به الآخرون مستهجنا ومذموما. لنترك خطاب جماعة العدل والإحسان جانبا ونركز على عملها السياسي من خلال وضعه في سياقه العام في إطار ما يسمى ب«التدافع» كمصطلح إسلامي، أو الصراع حول المواقع والمصالح.
-3 تبقى المراهنة على ضعف الجماعة بعد ياسين في المدى القريب مسألة مستبعدة، لأن الحضور القوي لياسين في حياته سيظل وهجه مستمرا ويشكل قوة لتتشبث الجماعة بتراثه إلى حين. ويمكن على المديين المتوسط والبعيد أن تظهر داخل الجماعة «قراءات» لأدبيات ياسين، وقد تكون متناقضة، تضفي المشروعية على اختيار معين أو انشقاق. كما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار تفاعل مجموعة من العوامل الأخرى، مثل موقف السلطة وهل تساعد الجماعة على الاندماج؟ وموقف النخب السياسية والثقافية في المغرب من الجماعة، هل سيضعف التيار الاستئصالي ليحل محله تيار يؤمن بالاختلاف ويحترمه ويعترف للجماعة بحقها في التعبير عن تصوراتها في ظل ثوابت الدولة؟ والمسألة الثالثة: هل سيضمن خليفة ياسين التعايش، ولو «الهش»، بين الجناح السياسي والجناح الدعوي؟ وهذا إشكال حقيقي مطروح حاليا لدى الجماعة وإن لم يتضح بشكل ملموس، وبالتالي مستقبل الجماعة سيكون مرتبطا برؤية الدولة للجماعات الإسلامية، ومنها العدل والإحسان، وموقف النخب السياسية والمثقفة من جهة ثانية، وقدرة خليفة ياسين على ضبط هذه الأوتار داخل الجماعة. واليوم عندما يتحدث قادة الجماعة نجدهم يتحدثون لغة واحدة، لكن بعيدا عن التصريحات الرسمية، يجد المتتبع لعمل الجماعة من يبدي استياءه وملاحظاته على ما يجري داخلها.
-4 غالبا ما يلجأ المناهضون لجماعة العدل والإحسان، عندما يريدون إبراز الوجه المتشدد للجماعة ، إلى الإحالة على ما ورد في «المنهاج النبوي». أكيد أن هذا الكتاب (المرجعية) يتضمن الأسس العامة للجماعة، ولكن ينبغي أن نطرح سؤالا حقيقيا في هذا الصدد: ماذا تبقى الآن من «المنهاج النبوي»؟
فعلى المستوى التنظيمي، تطورت البنية التنظيمية منذ بداية الثمانينيات تطورا كبيرا بالقياس إلى ما جاء في المنهاج. ولذلك، نستطيع القول بأن ما يشكل جوهر المنهاج اليوم هو التربية، ثم إن الاعتماد على أدبيات الجماعة في بداية نشأتها للحكم عليها الآن يغيب معطى أساسي هو التطور الذي حصل في مواقف الجماعة.
في العمل السياسي، تكون عملية المراجعة أحيانا بطريقة غير مباشرة، ومثال ذلك الرسالة التي وجهها الأستاذ عبد السلام ياسين إلى الملك محمد السادس (مذكرة إلى من يهمه الأمر)، يخطئ من يعتبرها امتدادا لرسالة (الإسلام أو الطوفان) وتجسيدا للخط المتشدد للجماعة. فالرسالة، على العكس من ذلك، تعكس بامتياز هذا التحول والتطور في مواقف الجماعة، فهي تخاطب الملك محمد السادس باعتباره ملكا شابا ونظيفا، ولا تفعل أكثر من مطالبته بتصحيح بعض الاختلالات التي قام بها سلفه. وهذا اعتراف من الأستاذ عبد السلام ياسين بشرعية المؤسسة الملكية، بل إن الرسالة لا تقدم الجماعة باعتبارها جماعة زاحفة على السلطة، وإنما جماعة تمثل قوة اقتراحية بإمكانها أن تساعد على إصلاح الأوضاع، بالإضافة إلى إعلان الرسالة موقفا واضحا من الديمقراطية، إذ تقبل منها بعدها المسطري المتمثل في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وترفض بعدها الفلسفي المتمثل في العلمانية، وتتقاطع في ذلك مع ما صرح به الملك محمد السادس لجريدة «إلباييس» الإسبانية في يناير 2005 حين قال إن المغرب ليس دولة علمانية ولن يكون كذلك.
باعتبار أن «المنهاج النبوي» مرجعية تؤطر مسلكيات الجماعة، كانت هذه المرجعية تتضمن ما هو مجمل أو عام، ولذلك يمكن اعتبار الكتابات التي أعقبت «المنهاج» تفصيلا أو تخصيصا لما ورد فيه، ومن ثمة فلا يمكن قراءة «المنهاج النبوي» بمعزل عن هذه الكتابات التي صدرت بعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.