اضطر عدد من المسافرين بجهة فاس، مساء أول أمس الأحد، إلى تأجيل سفرهم على متن قطارات «ربيع الخليع»، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، لعدم قدرتهم على مسايرة التدافع الحاد الذي يسبق الوصول إلى القطار، فيما تمسك آخرون بالسفر بسبب التزامات الالتحاق بالعمل، لكنهم «أجبروا» على الجلوس في مراحيض القطارات. واتخذ عدد آخر منهم الممرات فضاء للسفر واستخدموا أمتعتهم كمقاعد للجلوس. وأدى الاكتظاظ الذي شهدته محطة القطار، نهاية الأسبوع المنصرم، التي تزامنت مع انتهاء عطلة عيد الأضحى، إلى وقوع حالات إغماء وسط بعض المسافرات، إحداهن فضلت تأجيل السفر بعدما عجزت عن تحمل «مخلفات» الاكتظاظ داخل المقطورات، التي تحولت في نظرها إلى جحيم لا يطاق. وبسبب التدافع فقدت إحدى المسنات حذاءها، ولم تتمكن من استرجاعه وسط أمواج المسافرين، بالرغم من صرخاتها المتتالية، مما اضطرها إلى السفر بدون حذاء. وعجزت أطقم المحطة في «تأطير» المسافرين، وظلت عناصرها تتفرج على الوضع ساعات، دون أن تتمكن من إعادة الحياة إلى مكبر الصوت الذي رغبت في استعماله، لكنها وجدته غير صالح ل«توجيه» المواطنين. وأوفدت السلطات الأمنية تعزيزات إلى المحطة تحسبا ل«أي طارئ» يمكنه أن ينجم عن تدفق أمواج المسافرين على القطارات بغرض التوجه إلى مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش والناظور ووجدة وغيرها. وتدخلت عناصر الهيئة الحضرية للأمن، أكثر من مرة، لتفريق مسافرين دخلوا في نزاعات لها علاقة بالتدافع من أجل الوصول إلى إحدى مقطورات القطار. وقدرت المصادر عدد المسافرين الذين غادروا المحطة في نفس اليوم بحوالي 12 ألف مسافر. ولم تكن أحوال المسافرين، الذين قصدوا الحافلات في المحطة الطرقية بالقرب من المدينة العتيقة، أحسن حالا من نظرائهم في محطة القطارات بوسط المدينة. فقد وجدت أفواج المسافرين في هذه المحطة نفسها أمام «سماسرة» تذاكر السفر، التي سجلت بمناسبة عيد الأضحى ارتفاعات صاروخية، وصلت في بعض الحالات إلى زيادات مضاعفة. وبالرغم من الرخص الاستثنائية التي وزعت على عدد من أصحاب الحافلات، فإن المحطة شهدت اكتظاظا مهولا، وتحولت إلى مسرح لنزاعات شبه مفتوحة بين المسافرين وبين «المستخدمين»، إما نتيجة تأخر الحافلة عن الانطلاق في الوقت المحدد، أو عدم وفاء هؤلاء بالتزاماتهم. ولم تعش المحطة نوعا من الهدوء المؤقت إلا بعد زيارة «خاصة» لطاقم تلفزيوني أنجز ربورتاجا صور بعض المراقبين، الذين نادرا ما يطلعون على أحوال المسافرين، وتحدث عن «الظروف الملائمة للسفر» في هذه المحطة، وعن «احتياطات السائقين» قبل بدء رحلاتهم، كما صور أجزاء من هذه المحطة التي تعتبر قبلة للمشردين وتعد فضاءاتها المفتوحة ومنعدمة الإنارة مرحاضا عموميا مفتوحا. ومطرحا غير رسمي للنفايات، دون أن تتوفر على إدارة قارة لمراقبة الأوضاع فيها وتدبير شؤونها، بعدما «تخلى» عنها المجلس الجماعي للمدينة، وترك شأن «تسييرها» ل«مجهولين».