سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الواحد أكمير:أحداث العيون جزء ا من المعركة الانتخابية المقبلة في إسبانيا الباحث في الشأن الإسباني قال إن الصحافة في أوروبا توجه القراء وفي إسبانيا تكتب ما يريده القراء
قال عبد الوحد أكمير، الباحث الأكاديمي في الشأن الإسباني، إن سبب معاداة الإعلام الاسباني للمغرب يعود إلى خلفية تاريخية، مازالت عالقة في العقلية الإعلامية الإسبانية، التي تبحث عن أعداد كبيرة من القراء من خلال الإساءة إلى المغرب، مضيفا أن الصحافة الإسبانية تعتبر المغرب هو العدو، الشيء الذي يؤكد افتقار وسائل الإعلام الإسبانية للموضوعية والحياد عند تعاملها مع القضايا المغربية. ويبرز الأستاذ عبد الواحد أكمير من خلال هذا الحوار عدة معطيات تؤكد نوايا الإعلام الاسباني في تزييف الحقائق التاريخية والتعامل مع قضايا المغرب من الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتاريخي الذي يربط المغرب بإسبانيا. ما هو تقييمكم لمعالجة الصحف الإسبانية لأحداث مدينة العيون المغربية؟ - منذ يوم 9 نوفمبر الجاري واكبت كل وسائل الإعلام الإسبانية، وليس الصحف فقط، ما يقع في العيون بشكل كبير، حيث كانت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية تبدأ به نشرات أخبارها، أما الصحف فإن المتوقف عند تلك التي صدرت يوم 10 نوفمبر، يستغرب لذلك الاهتمام غير المسبوق بتفكيك مخيم «كديم إزيك»، فكل الصحف الإسبانية، وبدون استثناء، جعلت الخبر في الصفحات الأولى، وبعضها تناولته كذلك في افتتاحيتها، في المقابل لم تنشر أي صحيفة فرنسية الخبر في صفحتها الأولى، وهذا يكشف إلى أي حد يهم الشأن المغربي إسبانيا، خصوصاً إذا كان للحدث طابع سلبي. بالنسبة لأحداث العيون، هل ترون أن طريقة المعالجة تدخل ضمن حملة إعلامية منسقة ومخططة لها ضد المغرب؟ أم يتعلق الأمر بجهل لدى الإعلاميين الإسبان بالمغرب وحقائقه السياسية ؟ - لا أظن أن الأمر يتعلق بجهل لدى الإعلاميين الإسبان للمغرب وحقائقه السياسية، وإنما الأمر في غاية التعقيد، إذ أن سبب افتقار وسائل الإعلام الإسبانية للموضوعية عند تعاملها مع القضايا المغربية مرتبط بمجموعة من القضايا ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي تربط المغرب بإسبانيا. فوسائل الإعلام الإسبانية تتوجه إلى رأي عام تعرف مسبقاً أنه ضد المغرب، وهو موقف ساهمت الصحافة في ترسيخه على امتداد حوالي قرن من الزمن، والمثال على ذلك، يكمن في الدور الذي تقوم به الصحافة في إقناع الرأي العام الاسباني بأن كل التغييرات الراديكالية في النظام السياسي الإسباني يتحمل المغرب المسؤولية فيها، كلياً أو جزئياً، على امتداد المائة سنة الأخيرة. هل يمكن أن تبرز بعض المحطات التي تؤكد سوء نية الإعلام الإسباني تجاه المغرب؟ - هناك عدة محطات تاريخية، اعتبرت خلالها الصحافة الإسبانية المغرب المسؤول المباشر عما وقع من أحداث، من بينها ما وقع في برشلونة من أحداث سنة 1909، وصفتها الصحافة الإسبانية بالأسبوع المأساوي، والذي ساهم في إسقاط الحكومة، وجاء عقب خسارة الإسبان في حرب الريف ضد المغاربة، إلى جانب هزيمة إسبانيا في معركة أنوال سنة 1921، الشيء الذي نتج عنه انقلاب عسكري، وسقوط الملكية الإسبانية. وينضاف إلى ذلك سقوط الجمهورية في سنة 1939، وتأسيس ديكتاتورية الجنرال فرانكو. واعتبرت الصحافة الإسبانية أيضا أن المغرب هو المسؤول، على اعتبار أن الجنود المغاربة حسموا الحرب لصالح فرانكو، ثم تأتي محطة تاريخية، شكلت صدمة للإعلام الإسباني، متمثلة في المسيرة الخضراء سنة 1975، التي مكنت المغرب من تحرير صحرائه من الاستعمار الإسباني. وحاولت الصحافة الإسبانية كذلك تحميل المغرب المسؤولية عن تفجيرات مدريد الإرهابية سنة 2004، التي أدانها المغرب قبل غيره، لكن تيارا من الصحافة الإسبانية بدأ ينشر أن هناك مؤامرة من المغرب للانتقام من الحزب الشعبي، بعد مشكلة جزيرة ليلى «ثورة»، رغم أن المغرب ساهم في اعتقال مرتكبي هذه التفجيرات، وتعرض قبل إسبانيا بدوره لاعتداءات إرهابية. إذن هذا النوع من الخطاب الصحفي الموجه للرأي العام الإسباني يؤثر على علاقة المجتمع الإسباني بالمهاجرين المغاربة؟ - عندما تنقل هذا النوع من الخطاب إلى الرأي العام تكرس ما هو متجذر في الذاكرة الجماعية من أحكام مسبقة عن «المورو» و«الموروفوبيا»، وبالتالي تكرس أطروحة «العدو يأتي دائماً من الجنوب»، التي تتحدث عنها الذاكرة الجماعية وكذلك بعد الوثائق الموجودة في الأرشيفات الإسبانية. ويكفي أن تستمع إلى البرامج التي بثتها خلال الأسبوع الماضي القنوات الإذاعية الإسبانية عن أحداث العيون، والتي كان المستمعون يتدخلون فيها بواسطة الهاتف، لتدرك درجة التحامل على المغرب، وأقول المغرب وليس فقط الحكومة المغربية. إن الفرق في تقديري بين الصحافة الإسبانية والصحافة في بقية البلدان الأوروبية ذات الأعراف الديموقراطية، هو أن الصحافة في هذه البلدان توجه المواطنين، بينما الصحافة في إسبانيا تكتب ما يريد المواطنون قراءته. وهل لخطاب هذه الصحف حضور في أوساط الأحزاب السياسية الإسبانية كذلك؟ - خصصت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإسباني جلستها ليوم الخميس 18 نوفمبر لأحداث مخيم العيون، وما يلاحظه المتتبع لتدخلات كل الأحزاب السياسية هو تكرار نفس الكلام مع أن هذه الأحزاب ذات توجهات وإديولوجيات متعارضة ومتضاربة فيما بينها. وهو يسير في نفس الخطاب الذي تكرره الصحافة الإسبانية، حيث يوجد رفض لوجهة نظر ورأي المغرب، وهنا تغيب الديمقراطية والرأي المخالف، سيما بعدما كان رد وزيرة الخارجية الإسبانية متوازنا شيئا ما، لكنه قوبل من طرف جميع الأحزاب بالاستهجان. فأود أن أتوقف عند كلمة ممثل الحزب الأول في المعارضة وهو الحزب الشعبي، فقد اعتبر أن أحداث العيون هي «شأن داخلي إسباني»، وبالتالي فالحكومة الإسبانية مطالبة حسبه بالتدخل بصرامة وإدانة المغرب. يمكن القول إن قضية أحداث العيون هي جزء من المعركة الانتخابية المقبلة، وكذا من المعركة الانتخابية التي تدور حالياً في إقليم كطالونيا، حيث ستجرى الانتخابات في نهاية هذا الشهر، ونعرف ما تمثله كطالونيا بالنسبة لجميع الأحزاب، بالنظر إلى أهميتها الاقتصادية والسياسية. ما هي الإستراتيجية التي ترونها كفيلة بالحد من هذه الظاهرة؟ وما المطلوب من الإعلام الوطني لمواجهة نظيره الإسباني المعادي للوحدة الترابية الوطنية، وسيادة المغرب على صحرائه؟ - كما نعرف فالمجتمع المدني اليوم يلعب دوراً فاعلاً في التأثير في الرأي العام في البلدان الديمقراطية، والبوليساريو كسب تعاطف المجتمع الإسباني بسبب الدور الذي لعبه المجتمع المدني الإسباني المتعاطف. هذا التعاطف لا يقتصر على الدعم الإعلامي والسياسي والمادي، بل هناك دعم يشمل شتى المجالات، بما فيها التربوي والترفيهي، حيث تشرف جمعيات من المجتمع المدني على تنظيم إجازات لمئات من أطفال مخيمات تندوف. وعلى الجمعيات المغربية كذلك أن تساهم، من خلال الدبلوماسية الشعبية، وقد أظهرت نجاعتها خلال الشهور الأخيرة في معالجتها للملفات الشائكة في العلاقات المغربية الإسبانية؛ ووسائل الإعلام هي الأخرى عليها أن تساهم في إنجاح هذه القضية الوطنية، عبر القيام بوضع طبعة إلكترونية خاصة بالإسبانية، تقدم ملخصات عن أهم الأخبار الواردة فيها، ومواكبة ذلك بحملة تعريفية، وفي هذه الحالة لا يجب أن نراهن فقط على إسبانيا، التي لا يتجاوز عدد سكانها 45 مليون نسمة، وإنما على العالم الناطق بالإسبانية برمته والذي يتجاوز عدده سكانه 500 مليون نسمة، من بينهم 19 بلداً من بلدان أمريكا اللاتينية، بعضها يخلق للمغرب صعوبات كبيرة على المستوى الدولي بسبب قضية الصحراء التي يجهلون حقيقتها، وجل ما يعرفونه عنها يصلهم من وسائل الإعلام الإسبانية.