بعد هزة السابع من شتنبر الأخير، وعشية تعيين «حكومة قصر ببهارات حزبية» بدا واضحا، أن الأحزاب السياسية المغربية تواجه أزمة حقيقية على مستوى تحديد الهوية والدور والمآل، لهذا جاء هذا العدد على درب الفهم و التحليل، يفكر ويفكك منطق العلبة السوداء للحزب السياسي بالمغرب، منتهيا إلى رثاء الزمن السياسي، تماما كما جاء في الافتتاحية التي كتبها الدكتور عبد اللطيف حسني مدير المجلة و رئيس تحريرها، مؤكدا أنه « قد سبق للعديد من الباحثين في المشهد الحزبي المغربي أن رصدوا حالة الموت البطيء الذي تتعرض له الأحزاب في المغرب نتيجة انحصار دورها أو بالأحرى انعدام وجود وظيفة لها، اللهم إلا تأثيث الواجهة الديمقراطية لنظام ذو جوهر تسلطي، الأمر الذي ساهم في تمديد موتها السريري إلى غاية إجراء الانتخابات التشريعية للسابع من شتنبر 2007 حيث حكم المغاربة على أحزابهم بالموت النهائي». مباشرة بعد زمن الرثاء نقرأ مقالا مائزا حول الديمقراطية لعالم الاجتماع البريطاني أنطوني جيدنز قام بترجمته الباحث عبد النور خرافي، لننطلق بعدئذ في معانقة مساهمات الملف التي توزعت على القضايا التالية: «ماهية الحزب السياسي: قراءة في المفهوم»، من توقيع الباحث فريد المريني الذي حاول أن يسائل المفهوم الذي يؤسس لماهية الحزب السياسي بالارتكان إلى الأدبيات التي تناولت الحزب في السجلين الغربي و المحلي. «في الأحزاب سليلة الحركة الوطنية: مرض الفصام بين التصور والممارسة» عنوان مساهمة الباحث عبد اللطيف حسني الذي آثر أن يعتمد منهجا سوسيوتاريخيا لقراءة الظاهرة الحزبية بالمغرب، مؤكدا على أزمة الفصام بين الخطاب و الممارسة الذي ظلت مميزة للفعل الحزبي من الأمس إلى اليوم. «صعود و أفول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، هو العنوان الذي اجترحه الباحث منتصر حمادة لمساهمته التي اشتغل فيها على نموذج من الأحزاب المغربية، محاولا قراءة أقوى اللحظات في تاريخ ممارسته السياسية بدءا من الانفصال عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، فمنعطف التناوب وأخيرا نكسة الكرنفال الانتخابي الأخير . «صناعة الحزب الأغلبي في المغرب: من الحزب السياسي الكلاسيكي إلى التنظيم الجوكر»، مساهمة للباحث محمد الهاشمي اشتغل فيها على محددات العمل الحزبي في النسق السياسي المغربي، وملامح الحزبي الأغلبي أو حزب الملك بالوكالة من خلال تجارب الفديك والأحرار والاتحاد الدستوري وأخيرا حركة لكل الديمقراطيين،التي تحيل على فرضية التنظيم الجوكر. «حزب العدالة والتنمية المغربي: مخاضات التأسيس و تحديات الانفراج» هو عنوان المساهمة التي حملت توقيع الباحث سليم حميمنات، و التي تناول فيها مخاضات تأسيس الحزب الإسلامي وهويته الإيديولوجية فضلا عن تبعات الانخراط في اللعبة السياسية بين المكاسب المحققة والإشكاليات العالقة. «اليسار الماركسي بين الأمس واليوم» للباحث حسن الصعيب، مساهمة تفكر في عوامل التطور والانبثاق وظروف الأزمة والانحسار فضلا عن مرحلة إعادة تشكل اليسار والآفاق الممكنة. «أحزاب الحركة الوطنية بين الانشقاق والتكتل» للباحث محمد مونشيح، مساهمة تحلل الفرضية/ الواقعة الأكثر بروزا في المشهد السياسي المغربي، وهي أن « تاريخ الأحزاب المغربية هو تاريخ انشقاقات»، وذلك من مقتربات المسائل الإيديولوجية والتنظيمية، فضلا عن مدخل التحليل الانقسامي الذي مازال يسعف في فهم الظاهرة الحزبية مغربيا. «الحكامة الحزبية: نحو ترشيد العمل الحزبي بالمغرب» عمل مشترك من توقيع الباحثين لؤي عبد الفتاح وعثمان الزياني، يختص بمساءلة مبادئ الحكامة الجيدة على مستوى البيئة الداخلية للأحزاب عبر المأسسة والتمكين المعلوماتي وتأطير الموارد البشرية والتقويم الذاتي ونشر ثقافة المسؤولية. « الملكية والأحزاب السياسية» عنوان باب الوثيقة الثابت في المجلة، وقد خصص لعرض مجموعة من المقتطفات المأخوذة من خطب وندوات صحفية ورسائل وبلاغات للديوان الملكي للملك الحسن الثاني بشأن الأحزاب السياسية. «وظيفة الحزب في النظام السياسي» قراءة في أطروحة الأستاذ يونس برادة أنجزها الباحث زكرياء أقنوش، مبرزا فيها أهم شواغل الأطروحة وأسئلتها وخلاصاتها المركزية.و ذلك عبر توضيح المحددات العامة و الخاصة للعمل الحزبي بالمغرب، و إبراز الاستراتيجيات الوظيفية و محاولات تجاوز الانحصارية. وبذلك يكون العدد الأخير من مجلة وجهة نظر، والذي جاء في حلة أنيقة بغلاف دال من توقيع الفنان طارق جبريل، أن يؤسس لفرضية/ واقعة موت الأحزاب السياسية بالمغرب، حاملا إلينا في دراساته الرصينة تراجع مساحات « السياسي» لفائدة داعية التقنية أو بكل بساطة لمقترب الفاعل الأوحد. يذكر أخيرا أن مجلة وجهة نظر قد أصدرت ضمن كراساتها الاستراتيجية كتابا موسوما ب«حالة المغرب»، وهو كتاب جماعي يقرأ الثابت والمتحول في مغرب السنة الفائتة، كما سيصدر عنها قريبا في إطار دفاتر وجهة نظر كتاب جديد حول الحركات الاحتجاجية بالمغرب.