يخيل لمن يرى مشهد الناس وهم ينتظرون دورهم لملء قارورات الماء بمليلية أنه في أحد الدواوير النائية ببلدنا. منظر لم يعد مألوفا لدى المغاربة حتى في بعض القرى التي أضحت مثل المدن مزودة بالماء الصالح للشرب. فسكان الثغر المحتل يعانون انعدام الماء الصالح للشرب داخل منازلهم، إذ أن الماء الذي يوجد بمنازلهم يستخدم فقط للنظافة وأشغال المنزل لارتفاع نسبة ملوحته، وهو ما يدفعهم إلى جلب الماء من «السقايات» المنتشرة بأحياء المدينة. وتضطر عدد من العائلات الفقيرة، التي تعجز على تحمل مصاريف المياه المعبأة، إلى قطع مسافة طويلة من أجل جلب الماء الصالح للشرب من أقرب «سقاية» لمقر إقامتها، إذ أن الذي يتوفر على سيارة يكون باستطاعته حمل عدد من القنينات على متنها ونقلها إلى المنزل، أما الآخرون فيضطرون إلى حملها، سواء على دراجتهم الهوائية أو النارية أو حملها وهم يمشون على الأقدام. منظر انتظار الدور لملء القارورات بالماء يثير دهشة كل وافد على المدينة لأول مرة. وفي هذا الصدد تقول سميرة (ربة بيت) «إن الغالبية من السكان تعاني من النقل اليومي للماء الصالح للشرب الذي لا يوجد إلا في «السقايات»، فالذي يتوفر على سيارة بإمكانه التزود بالماء بكل بساطة، والذي ليس له ذلك، فما عليه سوى حمل قنينات الماء بعد ملئها والمشي على الأقدام. لقد طالبنا الحكومة المحلية بالإكثار من عدد السقايات ببعض الأحياء حتى لا نضطر لقطع مسافات طويلة لجلب الماء». يقاطعها محمد أحمد، الذي ينتظر دوره لملء قنينات الماء، قائلا: «إن الماء الصالح للشرب أصله من إقليمالناظور، فلو انقطع الماء لأدى ذلك إلى أزمة حقيقية داخل المدينة». أزمة الماء الشروب تجعل الفقراء، خاصة المغاربة، يكابدون من أجل الحصول على هذه النعمة من «السقايات». وليس المغاربة وحدهم. بل حتى الإسبان تجدهم ينتظرون دورهم لملء قاروراتهم. ولا يقتصر الأمر على الماء الشروب، بل حتى الكهرباء. وهذا يجعل عددا من جمعيات المجتمع المدني تطالب بين الفينة والأخرى المغرب بقطع الماء والكهرباء. وقتها ستتحول المدينةالمحتلة إلى قرية منكوبة، وسيعجز الإسبان عن تأمين حاجيات المدينة.