«العنف تحت أشكاله المختلفة والمعبرة... يبقى دائما هزيمة»، الفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير جون بول سارتر. المغاربة هذه الأيام «غادي يخرج ليهم العقل» في الأنترنيت وهم يعلقون، بأسى عميق ووطنية حادة، على الأحداث الأخيرة التي توالت علينا بين إطلاق سراح محتجزي مخيم «أكديم إيزيك» وإحراق العيون وسلخ مغاربة مليلية المحتلة وتوقيف وتفتيش صحفيين مغاربة وطردهم على الحدود واحتجاز والد وشقيق مصطفى سلمى ولد سيدي مولود بمطار الجزائر العاصمة لمدة 24 ساعة بلا أكل ولا شرب ومنعهما من دخول التراب الجزائري حيث اختطف واعتقل وأخفي مصطفى سلمى وبالتالي من زيارة زوجته وأبنائه. ينتاب المغاربة اليوم، وهم يتابعون هذه الأحداث عبر القنوات التلفزيونية والأنترنيت، إحساس بالغبن نتيجة مكر السياسة والإعلام اللذين أسدلا ستار الصمت على أحداث مليلية وقضية مصطفى سلمى،... ولأول مرة في العالم ربما، نشهد كيف أن إعلامي دولتين كإسبانيا والجزائر يشيدان ويناصران ويقفان مثل «النكًافة» في عرس ليس سوى أحداث عنف دموية وقتل لقوات الأمن وإحراق لممتلكات الأبرياء وتخريب لإدارات المواطنين في دولة مجاورة. فالذين ظهروا في شرائط الفيديو على «يوتوب»، والتي بثتها بشهية مفتوحة قناة «الجزيرة» وقنوات بوتفليقة ومدريد،... يغطون وجوههم ويحملون أعلام البوليساريو مع السيوف والقنابل التقليدية والسواطير والهراوات ويتفرقون كالميليشيات على متن سيارات «كات كات»... ينشرون ويوزعون الرعب في الفضاء العام لمدينة العيون... يحرقون ويدمرون المقاهي ويكسرون زجاج واجهات الوكالات البنكية ويحاولون فتح الخزنات الحديدية التي بها ودائع المواطنين... هؤلاء لا يحملون بطاقات تعريف تابعة لجمهورية بوليساريو الجزائر ولا جوازات سفرها، بل يحملون بطاقات تعريف وطنية كباقي المغاربة، إلا أنهم يتنقلون على متن ال«الكات الكات» لإحراق المدن،... فيما باقي المغاربة لا يتوفرون حتى على بغلة لكنهم لا يعتدون على وطنهم. لا يُفهم، مثلا، كيف مازال المسؤولون المغاربة يتعاملون بالحشمة و«ترابي ولاد الناس» مع موضوع لا يصلح فيه سوى منطق «القطاطعية»،... ومن ذلك أننا مازلنا حتى في إعلامنا الرسمي وتصريحات الخارجية المغربية وقيادات الأحزاب السياسية ننعت مصطفى سلمى بالمواطن الصحراوي وليس المغربي!! في وقت يؤدي فيه هذا البطل إلى اليوم ضريبة إيمانه بخيار الحكم الذاتي وقوله إنه «لا يوجد سوى المغرب والجزائر»...، تماما كما ليس مفهوما حتى يومنا هذا أن وزارة الداخلية المغربية لم تستصدر له بطاقة تعريف وطنية وجواز سفر مغربي وتسلمهما إلى والده المواطن المغربي الذي يطوف عواصم العالم من أجل إطلاق سراح ابنه فوق كرسي متحرك والدمع على خده.. هو الشيخ الصحراوي العجوز لكن المليء بعزة النفس وقوة الإرادة في كشف مصير فلذة كبده. الذين يسوقون ال«الكات الكات» ويحملون أعلام البوليساريو ويخرجون إلى شوارع العيون غير كاشفين عن وجوههم لإحراق «تيليبوتيك» في ملكية مواطن صحراوي أعزل تدر عليه دخلا يوميا لا يتجاوز 80 درهما يعيل بها أسرته...، ويقولون في «الجزيرة» إنهم انتصروا على «العدو»؟ هم أنفسهم الذين أبانوا أن الانفصال الذي يوهموننا به ليس سوى جرائم إرهابية وسرقات منظمة تشتغل ب«تيليكوموند» جزائرية تعتقد أنه يكفي إحراق «تيليبوتيك» لتنصيب الوهم.