لم تكن ريم تعلم أن استدعاء زوجها لإيصالها من منزل أختها إلى منزلهما بحي المسيرة 2 بمراكش، سيودي بها إلى السجن، إذ تم اعتقالها وتقديمها مع ثلاثة أشخاص آخرين، بتهمة تعاطي وترويج مادة الكوكايين. وقد باشرت المحكمة الابتدائية يوم الجمعة الماضي الاستماع إلى المتهمين الأربعة، وهم (عثمان.ب) و(ياسين. ت) و (أنوار. أ) و(ريم.ب)، الذين قدموا أمامها في حالة اعتقال بتهمة حيازة مادة الكوكايين الخطيرة وتعاطيها. «الخبر» اليقين بدأت تفاصيل العملية الأمنية يوم 21 من شهر أكتوبر المنصرم على الساعة الثانية صباحا عندما انتقلت فرقة أمنية لمكافحة المخدرات، تابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، بعد تلقيها معلومات من «مخبر» حول وجود شخصين يشتبه في اتجارهما في مخدر الكوكايين قرب أحد النوادي الليلية بحي جيليز. ومكنت عملية الترصد التي قام بها رجال الأمن من إيقاف عثمان وياسين على متن سيارة رمادية، من نوع «شيفروليه»، وبرفقتهما شابة ثالثة تدعى ريم، وهي زوجة عثمان، الذي كان يقود السيارة المذكورة. عملية تفتيش الفرقة الأمنية للموقوفين أسفرت عن حجز ثلاث لفافات من مخدر «الكوكايين». كما أن تفتيش السيارة، التي يكتريها عثمان من إحدى شركات كراء السيارات بالمدينة الحمراء، مكن من العثور على لفافة رابعة من المخدر الصلب. وقد أدى تعميق البحث مع الشابين إلى اعترافهما بتعاطي المخدر القوي والاتجار فيه، لكنهما نفيا ذلك عن الشابة الثالثة، التي كانت معهما بالسيارة. وزكت التصريحات التي أدلت بها ريم، ذات التسع عشرة سنة، والتي تنحدر من مدينة مراكش، أقوال زوجها وصديقه، لكنها اعترفت بأنها تعلم بتعاطي زوجها لمخدر الكوكايين والاتجار فيه. حجز لفافات الكوكايين أثناء البحث مع الموقوفين الثلاثة، تمكنت الفرقة الأمنية من الكشف عن هوية شخص رابع يدعى (أنوار.أ) يتعامل مع الشابين. وبتوجيه من الفرقة الأمنية، قام أحدهما بربط الاتصال بمزودهما الرئيسي بهذا النوع من السموم البيضاء، يدعى طارق، وألح على تزويده بلفافتين لحاجته الماسة إليهما، فأشار طارق على محدثه بالتوجه إلى مساعده أنوار، الذي سيجد عنده ما يطلبه، وحدد له المكان الذي سينتظره فيه، فتوجهت الفرقة الأمنية إلى المكان الذي حدده طارق بحي المسيرة 2، و هناك ألقت القبض على أنوار، وهو ينتظر عثمان وياسين. وقد حجزت لديه لفافتين من المخدر الصلب موضوع الطلب وقد انتقلت الفرقة الأمنية بسرعة بعد اعتقال أنوار، وإغلاق المزود الرئيسي هاتفه في وجه المعتقلين، إلى منزل أنوار بحي المسيرة 2، حيث يقطن مع أسرته، وقامت بحجز خمس لفافات أخرى، كانت داخل محرك دراجة نارية، ليصل مجموع ما حجزته من المعتقل إلى سبع لفافات من مخدر الكوكايين. و قادت عملية التفتيش، التي شملت منزل عثمان بنفس الحي، إلى حجز لفافة أخرى داخل آلة مخصصة للتنظيف بمنزله. وقد حاولت الفرقة الأمنية بمساعدة المعتقل الرابع الإيقاع بالمدعو طارق، المزود الرئيسي للشبان الثلاثة، فأمرت أنوار بإجراء عدد من الاتصالات به، لكن طارق كان أكثر حذرا، إذ ظل يحدد عددا من المواعيد لأنوار في أماكن مختلفة بحي جيليز، دون أن يحضر، ليختفي بعد ذلك عن الأنظاربعد أن أغلق هاتفه نهائيا. من الاستهلاك إلى التجارة باستثناء عثمان المزداد بمدينة تملالت نواحي قلعة السراغنة، الذي سبق له أن قدم إلى العدالة بتهمة الخيانة الزوجية، فإن باقي المعتقلين لا سوابق لهم. ولم يكن الكوكايين فقط ما يجمعهم، إذ إن أعمار المعتقلين الشبان الثلاثة تترواح ما بين 23 سنة و 29 سنة. أما الفتاة الموضوعة رهن الحراسة النظرية، فتبلغ 19 سنة. كما يوحدهم أيضا المستوى الدراسي، إذ لم يتجاوز أغلبهم المرحلة الثانوية، فعثمان، كما يحكي، بدأت علاقته بمخدر الكوكايين عن طريق المزود الرئيسي المدعو طارق، الذي يبدو أنه يتخفى وراء هذا الاسم، و الذي ينحدر من مدينة الدارالبيضاء، كما أنه هو من باع أول لفافة كوكايين لعثمان لتتوثق بعد ذلك العلاقة بين الطرفين، وتتحول إلى علاقة تجارية محضة. إذ يبيع عثمان الغرام الواحد من الكوكايين ب1000درهم، ويؤدي منه 800 درهم لطارق، فيما يحتفظ بالباقي. أما ياسين، ابن مدينة الرباط، الذي يبلغ من العمر 23 سنة، فتعرف على المخدر عن طريق عثمان عندما قاسمه استهلاك أول لفافة، ليطالبه بعد أن أدمن على المحذر بثمن كل لفافة، إذا أراد الاستمرار في تزويده به، الأمر الذي جعل ياسين يتحول إلى مساعد لعثمان في هذه التجارة الخطيرة. وقد ربط أنوار علاقة مباشرة مع المدعو طارق بأحد الفنادق بمدينة الدارالبيضاء. ويعترف أنور بأنه تم توريطه في التجارة دون أن يعي بذلك، عندما قام بتسليم مادة الكوكايين مرات عدة إلى زبناء طارق، قبل أن يفصح له الأخير عن هوية تجارته، مما جعله يخضع لابتزازه، ويصبح مساعدا له. هكذا تحول ثلاثة شبان لم يكملوا عقدهم الثالث، كما لم يتجاوزوا المرحلة الثانوية من دراستهم، من مستهلكين لمخدر الكوكايين إلى تجار لهذا المخدر القوي، وهو ما سيجعلهم يدفعون جزءا من أحلى فترات حياتهم ضريبة لذلك.